كبسة زر قد تُنهي حياتك.. "IQ" يُقلّب صفحات ملف الابتزاز الإلكتروني

بغداد - IQ  


يتسلل رويداً رويداً إلى بيانات شخصية وصور قد تكون مخزونة بجهاز الكتروني محمول، حجمه لا يتجاوز كف اليد، ويقع في شباكه الكثير من الضحايا الذين يكون الخوف مكبلاً لهم، وتعيقهم الاعتبارات الاجتماعية عن مواجهة المبتز الالكتروني، وقد يرضخون لرغباته أحياناً تجنباً للفضيحة، بل قد يصل الأمر إلى أخطر من ذلك، وهو التفكير بالانتحار، أو الإقدام عليه.


الابتزاز الالكتروني، ظاهرة أخذت بالانتشار والتوسع مع الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، وغالباً ما تكون الضحايا من الفتيات، فالمبتز يحصل على البيانات الشخصية والصور، عبر اختراق الحسابات، أو استدراج فتيات بعلاقات غير شرعية، وإقناعهن بإرسال صورهن، أو استعادة محتويات الهاتف الجوال بعد بيعه.


ضحية تنتصر


"نشرنا صوراً لنا في مجموعة نسائية خاصة قبل أعوام، إحدى الفتيات أرسلت الصور إلى شخص تربطها به علاقة، واستطعنا احتواء الموضوع في حينها ولم يتم نشر الصور"، هكذا تبدأ إحدى ضحايا الابتزاز الالكتروني والتي رفضت الكشف عن اسمه، حديثها لموقع IQ NEWS.


وتضيف في حديثها: "العام الماضي، أرسل لي شخص من حساب وهمي رسالة طلب مني الرد على مكالمته التي أجراها فيما بعد، بسبب موضوع مصيري (حياة أو موت)، لم أرد على المكالمة، بعدها أرسل لي الصور وهددني بنشرها".


وتكمل قائلة "لن أنسى تلك الليلة ما حييت، عشت يوماً من أصعب أيام حياتي، تفكير يرافقه قلق وخوف وترقب، اتصلت بصديقة مقربة لي، نصحتني بالتواصل مع الجهات الأمنية، وهو ما فعلت، حيث تواصلت بالفعل مع الجهات الأمنية التي نصحتني بالرد على مكالمة المبتز وتسجيل المكالمة من هاتف ثانٍ".


"بالفعل، عملت بنصيحة الأجهزة الأمنية، وقمت بتسجيل المكالمة التي هددني فيها المبتز، وطلب مني مبالغ مالية وإلا فإنه سيقوم بنشر الصور التي بحوزته وأمهلني فترة للتفكير بالموضوع، فاجأته وقلت له بأن كلامك مسجل وسأقوم بإيصاله للجهات المعنية، لكي تتخذ إجراءاتها، ارتبك وتغير صوته فجأة وتراجع عن تهديده وقام بمسح الصور وانتهت القضية"، هكذا أنهت الضحية حديثها مبتسمة.


ويعرف "الابتزاز الإلكتروني (Cyber-extortion)"، بأنه الحصول على مكاسب مادية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين، أو الحصول معلومات من الأشخاص والشركات بالإكراه عن طريق التهديد بنشر أمور خاصة وبيانات سرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.


من جانبه، يقول مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية لموقع IQ NEWS، إن "حالات الابتزاز الالكتروني بدأت تزداد في الفترة الأخيرة خصوصاً مع عدم وجود قانون خاص بالابتزاز الالكتروني، نعتمد على قانون قديم وهو قانون 111 لسنة 1969، ولم يكن في وقتها ابتزاز الكتروني، وإن ضباط التحقيق والقضاء يكيّفون الفعل إلى مادة الابتزاز التي كانت موجودة، وهذا القانون غراماته وحكمه أقل، وكثيراً من أساليب وأنواع الابتزاز لم تكن موجودة في ذلك الوقت، ولو أقر قانون الابتزاز فسوف تقل الحالات كثيراً".


470 حالة ابتزاز في 11 شهراً


ويوضح العطية، أن "حالات الابتزاز موجودة في جميع المحافظات، لكن يختلف عددها من مكان إلى آخر، ورغبات وطلبات المبتز تختلف وقد تكون مادية أو جنسية أو أن يطلب من الضحية القيام بفعل معين"، مبيناً أن "الشرطة المجتمعية عالجت 470 حالة ابتزاز الكتروني منذ مطلع العام الحالي، بالإضافة إلى الحالات الأكثر التي تُعالج من قبل مراكز الشرطة ومكافحة الإجرام والأمن الوطني والاستخبارات، كل هذه المؤسسات تعمل على الحد من الابتزاز".


الكثير من الفتيات اللاتي تعرضن للابتزاز، "يخشين" مراجعة المحاكم أو مراكز الشرطة لتقديم الشكاوى، "وهذا شيء يشجع المبتزين، وأحياناً قد ترضخ الضحية لطلب المبتز"، بحسب العميد العطية، مشيراً إلى أن "الابتزاز يولد حالات انتحار وهروب من المنزل وعنف أسري وطلاق".


زوج يبتز زوجته!


وتطرق العطية إلى "أغرب" حالات الابتزاز، قائلاً: "لاحظنا فتاة تبتز شباناً مقابل مبالغ مالية، وأحياناً شخص يبتز زوجته التي ما تزال على ذمته ولم يطلقها بعد، وهذه حالات غريبة على مجتمعنا العراقي وعاداتنا، وشخص يبتز طليقته، وأيضاً حالات ابتزاز من خارج العراق".


"الجرائم الالكترونية"


بدوره، يذكر الخبير القانوني علي التميمي لموقع IQ NEWS، أن "قانون العقوبات العراقي عاقب بالسجن مدة تصل إلى سبعة أعوام كل من هدد شخصاً آخر بارتكاب جناية ضد نفسه أو ماله أو بإسناد أمور خادشة بالشرف أو بإفشائها، وبما أنه ليس هناك قانون الجرائم الكترونية فالمحاكم اليوم هي تطبق هذه النصوص".


ويلفت التميمي، إلى أن "المحاكم تطبق (بحق المبتزين الكترونياً) المادة 430 من قانون العقوبات العراقي التي تصل عقوباتها إلى السجن 7 أعوام، أو قد تلجأ في ظروف أخرى حسب الوقائع والتكييف القانوني إلى جرائم الاحتيال وفق المادة 456 من قانون العقوبات"، منوها الى أن "تشريع قانون الجرائم الالكترونية أمر مهم جداً (للحد من الابتزاز الالكتروني) شريطة تهذيبه من كل الفقرات المثيرة للجدل، والتي من شأنها أن تكمم الأفواه".


ويناقش مجلس النواب، مسودة قانون قيل انه جاء للحد من جرائم الابتزاز الالكتروني، لكنه أثار جدلا واسعا بين صفوف الناشطين والصحفيين والمدونين، بسبب بعض فقراته التي اعتبروها قامعة للحريات، ما وجد صدى لدى منظمة هيومن رايتس ووتش، التي سارعت بانتقاد مساعي تشريعه، وطالبت مجلس النواب العراقي بايقافها.