القضاء: العمل عن بُعد يفرض تحديات قانونية تستدعي تحديث التشريعات

بغداد - IQ  

في ظل التحول المتسارع نحو أنماط العمل الرقمية، تبرز الحاجة إلى تطوير الأطر القانونية التي تنظم العمل عن بُعد بما يضمن حقوق العاملين وأصحاب العمل على حد سواء، وفي هذا الإطار يوضح قاضي محكمة العمل في الرصافة، أبرز التحديات القانونية والمهنية المرتبطة بهذا النمط الجديد، داعيا إلى تعديل القوانين وتحديث التشريعات لمواكبة الواقع التقني والاقتصادي المعاصر.

وأكد قاضي محكمة العمل في الرصافة، هاشم طعيمة الخفاجي، أن "العمل عن بُعد يمثل نمطا حديثا يختلف عن العمل التقليدي، ما يجعله يواجه جملة من التحديات القانونية والتنظيمية".

وقال الخفاجي بحسب صحيفة القضاء، إن "من أبرز تلك التحديات غياب الأطر القانونية الواضحة في العديد من الدول، وصعوبة الرقابة على أوقات العمل وساعاته، فضلا عن غياب الإشراف المباشر على أداء العاملين، وما يترتب عليه من إشكاليات تتعلق بالتعويضات والإجازات والامتيازات والسلامة المهنية وحماية البيانات والخصوصية".

وبيّن القاضي أن "من أكثر الإشكالات تعقيدا ما يرتبط بالتعاقد عبر الحدود بين بلدان مختلفة، إذ يثور التساؤل حول القانون الواجب التطبيق عند وقوع النزاع، إلى جانب صعوبة تحديد آلية الاستقطاع الضريبي، ومسألة فسخ العقد أو إنهائه تعسفيا في حال عدم وجود إشراف مباشر".

وأضاف أن "من الضروري أيضا تحديد التزامات صاحب العمل فيما يتعلق بتوفير الأدوات والتجهيزات اللازمة، مثل أجهزة الحاسوب وخدمات الإنترنت وبرامج الحماية الإلكترونية، لتجنّب أي نزاع يتعلق بالمسؤوليات".

وأوضح الخفاجي أنه "يمكن معالجة تلك التحديات من خلال تعديل قوانين العمل بما يضمن حقوق العاملين في بيئة العمل عن بُعد"، مشيرا إلى أهمية "وضع تعريف قانوني واضح لهذا النوع من العمل، يحدد طبيعته إن كان دائما أو جزئيا، وآلية الاتصال بين العامل ورب العمل، وتحديد ساعات العمل بشكل مرن يتوافق مع معايير العمل المحلية، مع مراعاة الحالة الصحية للعاملين واختلاف ظروفهم".

وتابع أن "تعديل القوانين ينبغي أن يشمل كذلك تحديد الضمانات المتعلقة بالإجازات السنوية والمرضية والضمان الصحي والاجتماعي، واحتساب الاستحقاقات التقاعدية، وحماية العامل من الحوادث أثناء العمل سواء داخل المنزل أو خارجه"، مؤكدا أن "إدراج العمل المنزلي ضمن بيئة العمل الرسمية سيُبقي مسؤولية صاحب العمل قائمة تجاه الصحة والسلامة المهنية".

وأشار الخفاجي إلى أنه "يمكن ضمان حماية البيانات والمعلومات الحساسة من خلال إيجاد آليات اتصال آمنة بين العامل والمؤسسة، واستخدام برامج تشفير وخوادم محمية، وفرض التزامات قانونية على الشركات لتدريب موظفيها على التعامل الآمن مع البيانات"، لافتا إلى "ضرورة ضمان المساواة بين العاملين في المكاتب والعاملين عن بُعد من حيث الترقيات والمكافآت والإجازات والدورات التدريبية".

وفيما يتعلق بواجبات أصحاب العمل، أكد القاضي الخفاجي "ضرورة إعادة النظر في حقوقهم والتزاماتهم، بما يشمل توفير الأدوات والتجهيزات اللازمة، وتنظيم آليات المراقبة والتقييم، مع احترام خصوصية العاملين، وإقامة دورات تدريبية دورية لمواجهة التحديات التقنية والأمنية".

وشدّد الخفاجي على "أهمية صياغة قوانين واضحة لتسوية النزاعات بين العمال وأصحاب العمل، وتوسيع مفهوم العمل المرن أو الجزئي بما يتناسب مع طبيعة العمل عن بُعد"، داعيا إلى "تحديث التشريعات لدعم العمل الحر والمستقل وتشجيع استخدام التكنولوجيا في بيئة العمل".

وفي ما يخص ضمان الحقوق القانونية للعاملين عن بُعد، أوضح القاضي أن "الأمر يتطلب مجموعة من الإجراءات على المستويين التشريعي والعملي، منها أن تكون العقود القانونية واضحة ومكتوبة تحدد ساعات العمل والأجر والمسؤوليات وشروط إنهاء العقد والتعويضات وطريقة الدفع والإجازات".

وختم الخفاجي حديثه بالتأكيد على أن "العقد المكتوب يمثل الضمان الأساس لحقوق الطرفين، إذ يجب أن يتضمن بنودا تتعلق بالأجر العادل وحق العمل المرن والإجازات، مع تعزيز الوعي بالقوانين الخاصة بالعمل عن بُعد، وحماية البيانات والخصوصية، وضمان التأمين الاجتماعي والصحي، وحق التفاوض الجماعي والنقابي، إلى جانب وضع آليات لتسوية المنازعات بشكل عادل ومنصف".

أخر الأخبار

الأكثر قراءة