مطار الموصل.. من حلم للحلبوسي إلى إنجاز تاريخي
- اليوم, 15:26
- سياسة
- 177

بغداد - IQ
بعد النجاح الدبلوماسي في باريس، واجه الرئيس الحلبوسي التحدي الأكبر، الذي يتمثل بتحويل الاتفاقيات الدولية إلى واقع ملموس على أرض الموصل، ومواجهة البيروقراطية والمعوقات التنفيذية.
وفي 2 نيسان 2022، عقد اجتماع رفيع المستوى في بغداد جمع الرئيس الحلبوسي بمحافظ نينوى ونوابها، حيث كان مطار الموصل على رأس أولويات الاجتماع، ولم يكن اجتماعًا روتينيًا، بل كان لحظة محاسبة وتقييم: أين وصل التنفيذ بعد باريس؟ ما هي المعوقات الجديدة؟ وكيف يمكن تسريع العمل؟
لكن الواقع كان أكثر تعقيدًا، فقد واجه المشروع تحديات مالية وتقنية وسياسية، حيث تأخر إطلاق دفعات القرض الفرنسي وتعقَّدت التحويلات الدولية، على المستوى المالي، كما اضطر الفريق إلى إعادة توزيع حصص نينوى المجمدة ضمن الموازنة.
أما من الناحية التقنية، فكان الموقع بحاجة إلى إعادة تأهيل بعد سنوات من الإهمال والدمار، كما تطلّب التنسيق الدائم مع الشركات التركية والدولية المنفذة تطبيق معايير الأمان والسلامة الدولية.
وفي الجانب السياسي، واجه المشروع ضغوطًا لتوجيه الأموال لمشاريع أخرى، وتغيرت أولويات الحكومات المتعاقبة، ما شكل تحديًا إضافيًا للحلبوسي وفريقه.
ورغم كل هذه التحديات، استمر العمل بوتيرة متسارعة، حتى وصلت الموصل في 15 آذار 2023 إلى لحظة تاريخية، بعد إجراء أول هبوط تجريبي في مطارها الجديد.
إن هذه اللحظة لم تكن مجرد تجربة فنية، بل تتويج لثلاث سنوات من الجهد المكثف والمتابعة المستمرة من الرئيس الحلبوسي الذي أصر على تجاوز العقبات البيروقراطية والفنية، وضمان التمويل الفرنسي، وإعادة تفعيل حصص الموازنة المخصصة لنينوى.
الرئيس الحلبوسي حول المشروع من فكرة محلية إلى رمز للنهضة الاقتصادية في الموصل، من خلال ربطه بالتنمية الشاملة وفتح الطريق أمام استثمارات دولية، ما جعل المطار ليس مجرد منشأة بنية تحتية، بل محطة استراتيجية تعكس رؤية بعيدة المدى ومرونة في إدارة الأزمات، وحسن اختيار التوقيت بين السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.
لحظة الحصاد
في 16 تموز 2025، وبعد خمس سنوات من العمل المتواصل، شهدت الموصل حدثا تاريخيا، يتمثل بالافتتاح الرسمي لمطار الموصل الدولي بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومحافظ نينوى عبد القادر الدخيّل، وزراء الحكومة الاتحادية، ووفود إعلامية ودبلوماسية.
وبعد شهرين، في 1 أيلول/2025، هبطت طائرة رئيس الوزراء في المطار الجديد، في خطوة رمزية وعملية تؤكد جاهزية المنشأة وتشير إلى عودة الموصل للخارطة الدولية، ولتكون هذه اللحظة تعبيرًا عمليًا عن نجاح خطة الرئيس الحلبوسي في تحويل الاتفاقيات الدولية إلى واقع ملموس، وتعزيز مكانة العراق كشريك اقتصادي موثوق، وربط المشروع بخطط التنمية الإقليمية، وفتح الفرص أمام شركات عالمية متخصصة في التنفيذ، مع ضمان أعلى معايير الجودة والشفافية في إدارة التمويل.
دروس لا تنسى
إن تجربة مطار الموصل أكدت أن الإرادة السياسية المستمرة هي حجر الأساس لإنجاز المشاريع الكبرى، وأن المتابعة اليومية والتخطيط الاستراتيجي، مع القدرة على استخدام الدبلوماسية الاقتصادية، يضمنان تحويل الفكرة إلى إنجاز ملموس، بعد خمس سنوات من العمل، تضمنت أربعة اجتماعات رسمية موثقة، وزيارتان ميدانيتان للموصل، ومباحثات دولية لضمان الشركاء.
اقتصاديًا، ربط المطار الموصل بالأسواق الإقليمية والدولية وجذب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
أما سياسيًا، أعاد المدينة إلى الخارطة السياسية الوطنية وعزز الثقة بين الحكومة الاتحادية والمحلية، وأرسل رسالة قوية للمجتمع الدولي عن قدرة العراق على الإنجاز. اجتماعيًا، رفع معنويات الأهالي بعد سنوات من القهر والإرهاب، وجعل المطار جسرًا ثقافيًا يربط الموصل بالعالم.
اليوم، وبينما تهبط الطائرات وتقلع من مطار الموصل الدولي، يظهر الإنجاز كرمز للقدرة العراقية على النهوض من الركام، والفرق بين السياسي العادي والقائد الحقيقي: الأول يعد، والثاني ينجز، الرئيس الحلبوسي أنجز، وأنجز بامتياز، ليصبح مطار الموصل شاهدًا على عودة المدينة إلى مكانتها الطبيعية بين الأمم، ورمزًا لإبداع العراق ونجاحه في تحويل الحلم إلى واقع ملموس.