العقوبات على "لوك أويل" الروسية تهدد إنتاج 9% من نفط العراق

بغداد - IQ  

تشهد شركة "لوك أويل" الروسية، أحد أبرز المستثمرين الأجانب في قطاع النفط العراقي، أزمة متصاعدة بعد إعلانها حالة القوة القاهرة في حقل غرب القرنة 2 العملاق بمحافظة البصرة، إثر العقوبات الأميركية الأخيرة التي طاولتها إلى جانب شركة "روسنفت"، ما أدى إلى اضطراب في العمليات الإنتاجية والتجارية داخل العراق وخارجه.

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين في وزارة النفط العراقية أنّ الشركة الروسية أبلغت الوزارة رسمياً بوجود "ظروف قاهرة" تمنعها من مواصلة عملياتها الاعتيادية في الحقل، من دون صدور بيان رسمي من الطرفَين حتى الآن. 

وذكرت الوكالة أنّ إعلان القوة القاهرة جاء عقب العقوبات الأميركية المفروضة مؤخراً على شركتَي "لوك أويل" و"روسنفت"، ما تسبب في تعطيل تحميل ثلاث شحنات من الخام وإيقاف المدفوعات النقدية والعينية المستحقة للشركة الروسية، كما أشارت إلى أن العراق جمّد مدفوعات الشركة لحين التوصل إلى آلية جديدة لتسوية المستحقات عبر كيانات غير خاضعة للعقوبات، وأن الشركة أنهت خدمات الموظفين الأجانب غير الروس في الحقل.

وتُعد "لوك أويل" من أبرز المستثمرين الأجانب في قطاع النفط العراقي، إذ أبرمت اتفاقية خدمة تطوير حقل غرب القرنة 2 في ديسمبر/ كانون الأول 2009 ضمن جولة التراخيص الثانية، وبدأت الإنتاج التجاري عام 2014 بعد استكمال المرحلة الأولى من مشروع التكوين المبكّر لتشكيل المشرف. وتمتلك الشركة حصة تشغيلية تبلغ 75% مقابل 25% للشريك الحكومي العراقي. 

ويقدَّر إنتاج الحقل بنحو 480 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل 9% من إجمالي إنتاج العراق النفطي، ما يجعله أحد الركائز الأساسية في منظومة التصدير الوطني.

من جانبه، قال عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب العراقي باسم الغريباوي إن إعلان "لوك أويل" حالة القوة القاهرة يمثل تطوراً خطيراً في توقيت حساس لقطاع النفط العراقي، مؤكداً أن الشركة تُعد من أهم المستثمرين الأجانب، وأن وجودها أسهم في تطوير إنتاج حقل غرب القرنة 2 خلال السنوات الماضية، وأوضح الغريباوي، أن الحقل الذي تنتج منه الشركة 480 ألف برميل يومياً يُعد من أعمدة الإنتاج النفطي العراقي، وأن أي توقف طويل الأمد قد ينعكس سلباً على إيرادات الدولة وقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها التصديرية. 

وأضاف أن العقوبات الأميركية على الشركات الروسية وضعت الحكومة العراقية أمام وضع معقد لأنها تقيّد التعاملات المالية والتجارية، ما يستدعي إيجاد آلية بديلة تضمن استمرار الإنتاج دون الإضرار بالمصالح الوطنية أو مخالفة القرارات الدولية. وشدد على ضرورة وضع خطة طارئة واضحة لضمان استمرار العمليات في الحقول التي تشارك فيها شركات روسية، مع الحفاظ على سيادة القرار العراقي بعيداً عن الضغوط السياسية الخارجية.

من جانب آخر، قال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، إن الأزمة الحالية تضع العراق أمام اختبار حقيقي في إدارة ملف الاستثمار النفطي، مشيراً إلى أن "الحل لا يتعلق بإيجاد بديل تشغيلي فحسب، بل بضرورة إعادة تقييم العقود النفطية المبرمة مع الشركات الأجنبية بما يحمي السيادة الاقتصادية".

وأضاف المرسومي أن العقوبات أثرت فعلياً في عمل الشركة داخل العراق، إذ بدأت بإلغاء العقود مع الشركات الثانوية، ولم تدفع رواتب موظفيها لشهرين بسبب رفض المصارف تنفيذ الحوالات، فضلاً عن تعطل شراء الأدوات الاحتياطية وعدم قدرة الشركة على بيع حصتها من النفط العراقي في الخارج. وأوضح أن هذه التطورات تضع الحكومة العراقية أمام موقف اقتصادي معقد يتطلب معالجة عاجلة، مؤكداً أن "طريقة تعامل بغداد مع الأزمة ستحدّد مستقبل العلاقة مع الشركات الروسية، وتكشف قدرتها على تحييد مصالحها النفطية عن التوترات الدولية، مع ضرورة الحفاظ على استقرار الإنتاج والإيرادات العامة".

من جهته، أكد الخبير في اقتصاديات الطاقة ضرغام محمد علي أنّ العقوبات الأميركية على الشركات الروسية "سيكون لها انعكاس خطير على تعاملاتها المالية والتجارية داخل العراق، ما يفرض على وزارة النفط التحرك سريعاً لإيجاد بدائل مناسبة لإدارة وتشغيل الحقول"، وأوضح علي أن العقوبات ستؤثر مباشرة في قدرة الشركات على إبرام العقود وتحويل الأموال، ما يجعل من الضروري اتخاذ خطوات عملية لتأمين استمرار العمليات. 

وأضاف أن الخيارات المتاحة أمام الوزارة تشمل إحالة الإنتاج والتطوير إلى الجهد الوطني عبر الشركات العراقية، أو بيع حصة "لوك أويل" إلى شركة عالمية أخرى قادرة على إدارة المشروع دون قيود. وبيّن أن غياب التعليق الرسمي من وزارة النفط أو شركة "سومو" طبيعي في هذه المرحلة، لأن الموقف لا يزال قيد التقييم، مشيراً إلى أن الوزارة "تنتظر اتضاح الصورة الكاملة لموقف الشركة قبل إصدار أي بيان أو اتخاذ قرار نهائي بشأن مستقبل الحقل"، وشدّد على ضرورة "وجود رؤية واضحة لإدارة العقود النفطية في ظلّ تصاعد العقوبات، بما يحمي مصالح العراق ويضمن استقرار إنتاجه النفطي".

أخر الأخبار

الأكثر قراءة