تفاعل الشركات العالمية مع بغداد يبشّر بـ"فرصة لتحقيق طموحات العراق النفطية والغازية"

بغداد - متابعة  

أعطت الحكومة العراقية الضوء الأخضر مؤخرا للبدء في تنمية العديد من حقول النفط والغاز، والتي من المتوقع أن تسهم في تغطية جزء كبير من الطلب المحلي وتحقيق أكبر استفادة من بيع الإنتاج في الخارج.


وكان العراق يطمح إلى إنتاج المزيد من النفط والغاز، إلا أن تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع سيظل بعيدا إذا لم يُسرع المسؤولون في التنفيذ ودون تباطؤ.


وقطعت بغداد الأسبوع الماضي خطوة كبيرة نحو تحقيق طموحاتها الطاقية بتوقيع عدد كبير من الصفقات مع شركات أجنبية تضمنت كيانات إماراتية وصينية ضمن خططها لتعزيز إنتاجها من النفط الخام والغاز الطبيعي.


ويقول تشارلز كينيدي، الكاتب في موقع أويل برايس الأميركي، إن نمو إنتاج الغاز يبدو مهما أكثر للعراق اليوم بسبب تواصل اعتماده الكبير على إيران لسدّ احتياجاته من الغاز، بما يقوّض وضعه على هذه الجهة.


ووقّعت الحكومة في هذا الصدد ست صفقات مع كل من شركة الهلال الإماراتية، ومقرها الشارقة، وشركتي جيو جيد ويو.أي.جي الصينتين ضمن جولة التراخيص الخامسة التي تأجلت طيلة أشهر.


وتهدف الاتفاقيات إلى زيادة الإنتاج النفطي بربع مليون برميل يوميا مع إنتاج 800 مليون قدم مكعبة إضافية من الغاز الطبيعي يوميا.


وتشمل العقود تطوير حقول محافظات البصرة وميسان وديالى، حيث تريد بغداد أن يسد الإنتاج الإضافي متطلبات الاستهلاك المحلي لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية.


ويبلغ معدل إنتاج النفط الخام في ثاني أكبر منتج للنفط بعد السعودية في منظمة أوبك حاليا حوالي 4.5 مليون برميل يوميا غالبيتها من الحقول الجنوبية في محافظة البصرة.


وحققت بغداد خلال العام الماضي إيرادات مالية بأكثر من 115 مليار دولار جراء تصدير النفط الخام، لتكون الأعلى منذ سنوات، بحسب الأرقام الرسمية.


وتأتي هذه العوائد في ظل ارتفاع سعر برميل النفط تأثراً بالحرب في أوكرانيا، ومع إبقاء دول تحالف أوبك+ على حصص إنتاجها كما هي. وكان التحالف قد قرر خفضا في حصص الإنتاج بمليوني برميل يوميا لدعم الأسعار.


وتعتمد الحكومة في موازنتها السنوية بشكل كبير على سعر برميل النفط والعائدات النفطية، في بلد يواجه صعوبات اقتصادية ويحتاج إلى مشاريع بنى تحتية عديدة بعد سنوات من الحرب.


ورغم ثرواته النفطية يواجه العراق، البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، أزمة طاقة يومية. ويستورد حوالي ثلث احتياجاته من الغاز والكهرباء من إيران التي تقوم أحياناً بقطع الإمداد، وهو ما يزيد من سوء انقطاع التيار الكهربائي.


ويأمل البلد الذي استفاد من طفرة أسعار الطاقة العام الماضي في الوصول إلى إنتاج 6 ملايين برميل يوميا في غضون عامين، في إطار خطة مستقبلية للوصول إلى 8 ملايين برميل يوميا في نهاية عام 2027 بالتعاون مع الشركات الأجنبية.


ولطالما أكد مسؤولون حكوميون في السنوات السابقة القدرة على الوصول إلى إنتاج هذه البراميل. لكن تصريحاتهم المتفائلة لا تواكبها أي مجهودات لتحقيقها واقعيا.


ويرى كينيدي أن أسباب بطء هذا التقدم متعددة، وهي تشمل الوضع السياسي غير المستقر، وديناميكيات صناعة النفط التي شهدت منح الشركات الأولوية للمشاريع منخفضة الكلفة والتي توفر عائدات سريعة بعد فترتي الانكماش الأخيرتين وتوقعات ذروة الطلب.


وأشار إلى أن الكثير من شركات النفط الكبرى، بما في ذلك إكسون موبيل الأميركية، قررت مغادرة العراق نهائيا بسبب غموض آفاق صناعته النفطية.


لكن الحكومات المتعاقبة لم تتخل عن خططها الرامية إلى زيادة إنتاج النفط على الرغم من حصص إنتاج أوبك+ المحددة وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي الملحوظ.


وباتت نفط الهلال الإماراتية من بين الشركات التي ستساعد العراق على تحقيق خططه، إذ وقّعت ثلاثة عقود طويلة الأجل لاستكشاف ثلاثة حقول نفطية وغازية وتطويرها.


وقالت الشركة إن "خططها تشمل العمل في حقلي كلابات – قمر والخشم في محافظة ديالى لإنتاج نحو 250 مليون قدم مكعبة يوميا من الغاز الطبيعي في غضون 18 شهرا".


كما تخطط لتطوير حقل ثالث في محافظة البصرة.


ووقعت شركة النفط والغاز الصينية يو.أي.جي إنيرجي غروب صفقة مع الحكومة لتطوير حقل السندباد النفطي في البصرة أيضا.


وحددت وكالة رويترز في تقرير نشرته عن الصفقات أن جيو جيد الصينية هي الشركة الثالثة التي وقعت اتفاقا مع الحكومة العراقية. وستركز على تطوير حقل الحويزة النفطي وحقل نفط خانه قرب الحدود الإيرانية.


وتحددت جميع العقود الموقعة بمدة لا تتجاوز عقدين من الزمن. ومن المفترض أن تساعد على تعزيز أمن الطاقة العراقي على مستوى الغاز الطبيعي، بما يقلل من وارداته الإيرانية في وقت يواجه فيه اقتصاد البلاد مصاعب.


ويرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن بلده قد يعلق واردات الغاز الطبيعي خلال ثلاث سنوات فقط بفضل الاتفاقات الموقعة. وقال إن "واردات الغاز من إيران تكلف ميزانية بغداد ما بين 5.5 و6.8 مليار دولار سنويا".


وكان قد أعلن عن دخول سوق الغاز العالمية وعن مشاريع لتطوير موارد البلاد الغازية ووقف حرق هذه المادة لأن نقصها المحلي كان السبب الرئيسي في ظهور مشاكل إمدادات الكهرباء داخل البلاد.


وسيطرح العراق لتعزيز هذه الخطط مناقصات لاستكشاف مناطقه الشمالية والغربية والوسطى في المستقبل القريب، وهو ما أكّده وزير النفط حيان عبد الغني.


كما من المتوقع أن ينمو إنتاج النفط، حيث حدد صندوق النقد الدولي أن العراق يمكن أن ينتج هذا العام 4.6 مليون برميل يوميا، فيما سيشكل ارتفاعا من 4.4 مليون برميل يوميا في العام الماضي.


وثمة احتمال أن يصل إنتاج النفط إلى خمسة ملايين برميل يوميا بحلول 2027، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي. ويبشّر كل هذا، بحسب كينيدي، بفرصة لتحقيق طموحات العراق النفطية والغازية.


صحيفة العرب اللندنية