"بعد كابوس الرجال السود".. نازحو العراق يواجهون الرغبة في الموت

بغداد - IQ  

يواجه النازحون في المخيمات بالعراق المتاعب النفسية التي ضاعفها فيروس كورونا المستجد بمجرد ما تنفسوا الصعداء من كوابيس تنظيم "داعش".

وذكر تقرير لـ"فرانس برس"، كيف فاقم الحجر الذي فرض بسبب تفشي كورونا من المشاكل النفسية للنازح الأيزيدي زيدان (21 عاما)، الذي بالكاد تخلّص من الكوابيس التي يعاني منها منذ سنوات بسبب ممارسات داعش الوحشية في العراق.

واضطهد داعش الطائفة الإيزيدية في العراق، إذ يشير زيدان إلى أن "الوضع كان جيدا قبل مجىء التنظيم الذي قتل الرجال وجنّد الأطفال قسرا وحوّل النساء إلى سبايا، ما يمثل "إبادة جماعية" محتملة وفق الأمم المتحدة. 

ويكشف أنه بسبب التنظيم، اصبح يرى كوابيس كل ليلة، "أرى رجالا يرتدون الأسود جاؤوا لقتلنا".

على غرار كثيرين في مخيم باجد كندالا (شمال غرب)، يعاني الشاب من اضطراب ما بعد الصدمة.

وبفضل متابعة للأخصائية النفسية في منظمة "الإسعاف الأولى الدولية" بيداء عثمان له وتمارين التنفس التي أوصته بها، خفّت نوبات الهلع، حتى أنه استعاد القدرة على النوم ليلا.

رغبة في الموت 

لكن في بداية مسار تعافيه، فرض العراق حجرا في اذار لاحتواء جائحة كوفيد-19، فعادت الكوابيس من جديد لتطارد زيدان.

يؤكد "منذ عشرة أشهر، عادت الكوابيس ومعها الرغبة في الموت".

وتابع "أضيف إلى الخوف من الجهاديين الخوف من فيروس كورونا المستجد والفقر المرافق له".

ووفق منظمة الصحة العالمية، يعاني واحد من كل أربعة عراقيين من هشاشة نفسية في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص، في مقابل 209 في فرنسا مثلا. 

من جهتها، قالت بيداء عثمان "لاحظنا زيادة في تكرر اضطرابات ما بعد الصدمة ومحاولات الانتحار والميول الانتحارية".

وأوضحت أنه "في تشرين الاول فقط "شهد المخيم ثلاث محاولات انتحار" لنازحين يعانون جراء القيود على الحركة وأثرها على العلاقات الاجتماعية.

وتزايد عدد العاطلين في المخيم إثر تسريح موظفين من مصنع مناديل ورقية وإغلاق مزرعة بطاطا ومشاريع أخرى.

وخسر نحو ربع العمال في أنحاء العراق وظائفهم نتيجة الحجر، وقد طاول ذلك خصوصا الفئة العمرية بين 18-24 سنة التي خسرت 36 بالمئة من الوظائف، وفق منظمة العمل الدولية.

وشرحت عثمان أن "ذلك يسبب مشاكل مالية، وتراجع الثقة في النفس، ما يجدّد الصدمة".

أضرب أبنائي 

وينقل التقرير حالة جميلة، وهي امرأة أربعينية عانت من مشاكل نفسية عقب فرارها من مدينة سنجار الأيزيدية العام 2014. على غرار الآخرين، تخشى أحكام المجتمع الذي لا يزال ينظر سلبيا إلى المشاكل النفسية لذلك تفضّل عدم ذكر اسمها العائلي.

هذه العراقية المقيمة في خيمة مع عائلة ابنها وبناتها الأربع جاءت للأخصائية النفسية مع تجدد مشاكل التوتر إثر الجائحة.

 واهملت جميلة أبنائها كليا وباتت تشعر بالعزلة رغم تواجدهم الدائم في المنزل، وتضيف "أضربهم خلال نوبات الهلع، لا أعرف ماذا علي أن أفعل".

حتى من نجحوا في العودة إلى منازلهم بعد الحرب ما زالوا يعانون، كما يعاني أطفالهم من بعدهم.

وتقول الطبيبة لينا فيلا من منظمة أطباء بلا حدود، وهي مديرة قسم الصحة العقلية في مستشفى سينوني بسنجار، "مع نقص العلاج والعزلة، يشهد الأطفال الذين عايشوا إبادة جماعية صعوبات في سن الرشد".

وتضيف فيلا "نخشى تزايد حالات الانتحار في الأعوام المقبلة".