"ظهر في سجون العثمانيين".. شاب من ذي قار يبرع بفن الرسم بالخيوط
- 4-06-2021, 11:10
- مجتمع
- 2087
بغداد - IQ
قبل أكثر من عام، كانت حياة الطالب الجامعي في كلية الهندسة، مزاحم عبدالله، تدور مابين الأشكال الهندسية والدراسة العلمية، حتى وجد نفسه يحترف فن الرسم ولكن ليس بالقلم والورق، بل برع عن طريق الخيوط.
واكتشف مزاحم عبدالله (20 عاما) الذي يسكن قضاء الإصلاح شرق الناصرية، نفسه يجيد فن الرسم عبر الخيوط، أو ما يعرف بفن "الڤيلوغرافيا"، ولاحقا أصبح مزاحم يقضي أغلب وقته بين الخيوط، والوجوه التي لاتزال ملامحها غير مكتملة.
يقول مزاحم خلال حديثه لموقع IQ NWES، إن "فن الڤيلوغرافيا نادر على مستوى العراق والعالم، وأستهوتني في البداية قبل المضي بتعلمه لوحة شاهدتها في مواقع التواصل الاجتماعي، فأثرت أهتمامي بشكل مريب، لجمالها ودقة تصميمها".
قرر مزاحم أن يكون للعراق والناصرية نصيب من ذلك الفن، بحسب قوله، ويشير إلى أنه بدأ رحلة البحث عن المعلومات ذات الصلة بهذا الفن لفترة طويلة قبل البدء، حتى قضى 18 يوما بمعدل من 5 إلى 8 ساعات يوميا في اول لوحة قرر العمل عليها، وكانت النتيجة مبهرة بعد عدة محاولات فاشلة.
رغم بساطة الأدوات المستخدمة، إلا أن اللوحة الأولى أستهوت كل من شاهدها عندما نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال تلك اللوحة أستقبلت الكثير من الدعم والتشجيع من الأخوة والأصدقاء، ماحفزني للاستمرار، يقول مزاحم.
وأكمل: "أخذت برسم اللوحات البسيطة منها لوحة أم كلثوم والموناليزا الى أن قررت أن أكون أكثر تميزًا فبعد جهد العمل والبحث عن مصادر كثيرة من المعلومات رسمت اللوحة الأولى لي وهي من أسلوب (بيتروس فيرلس)، وهو اسلوب فريد من نوعة وفي العراق عدد الذين يجيدونه لا يتجاوزون أصابع اليد ونادر الوجود في العالم أيضا".
وأسلوب فيرلس كما يوضح مزاحم، هو أسلوب "يعتمد في الأساس على أطار مكون من عدد مسامير محددة وتبدء بإستخراج جميع التفاصيل من الخيط فقط وتحدد مناطق الظل والضوء".
تحولات
شجع التحفيز الذي تلقاه مزاحم بصناعته لوحات فنية لرموز عراقية وعربية بينهم، محمد مهدي الجواهري، والشاعر محمود درويش، والفنان حسن حسني، ليكون مزاحم الفنان الوحيد في محافظة ذي قار الذي يحترف الرسم عبر الخيوط.
تمكن مزاحم من رسم وكتابة عبارة (بسم الله الرحمن الرحيم) بنفس الأسلوب الخيطي وكذلك صناعة لوحة بالخيوط الملونة والتي تعتبر الأولى في العراق، وكل هذه الجهود لم يحظى مزاحم بالدعم من الجهات المختصة كنقابة الفنانين أوجهات حكومية أخرى، لكن متحف الناصرية الحضاري هو الذي أحتفى به فقط مع درع بسيط من إدارة قضاء الإصلاح.
دعاية
يسعى مزاحم قدر الإمكان أن يستغل الجانب التجاري في الترويج للوحاته، لكن الوقت الذي يستغرقه في إنجاز لوحة واحدة تأخذ منه أكثر من ثلاثة أسابيع بسبب الطريقة الشائكة في العمل، كما تمكن من تنفيذ عدة طلبات لبعض الزبائن ممن يريد لوحات خاصة بفن "الڤيلوغرافيا".
لم يكتفِ الفنان الموهوب في المتابعة فقط، بل تواصل مع فناني هذا اللون من الرسم وإستطاع أن يتعلم قياسات الأبعاد والحصول على الادوات الخاصة وكذلك على مصادر أجنبية، كون الذين يحترفونه في العراق لا يتعدون أصابع اليد ممن يعملون بالخيوط السوداء فقط أما من يحترف الخيوط الملونة فمزاحم هو الوحيد في العراق ممن يعمل عليه على حد وصفه.
في الخيوط السوداء يتم إستخدام خيط واحد لإظهار تفاصيل الوجه، لكن في الخيوط الملونة يتم إستخدام سبعة ألوان التي يتم من خلاله إخراج طبة البشرة وطبقة العين تقريبا كل تفاصيل الوجه بهذه الخيوط الملونة كأنما صورة حقيقية، ففي اللوحة السوداء تأخذ من وقتي 5 أيام، فيما تأخذ اللوحة الملونة 20 يوما ويكون العمل يوميا أكثر من 5 ساعات وكل هذا وفق خيوط تركية خاصة كما يقول مزاحم عن تفاصيل عمله.
ظهر فن الفلوغرافيا منذ وقت طويل، ويعتقد أنه بدأ خلال الفترة العثمانية، لكن لا تواريخ شاهدة على ذلك ولا أدلة تؤرخ كيف ومتى بدأ هذا الفن الذي يعتبر الأصعب، حيث ظهر خلال تلك الفترة في السجون العثمانية أنذاك وكان السجناء يستخدمون الأسلاك والمسامير لكنه تسلل لاحقا الى العالم وانتشر بين الثقافات، ولاتزال تركيا تظهر فيها عدد من المواهب في هذا الفن.
وحتى العام الماضي كان هناك شاب في كربلاء يرسم بهذا اللون من الفن، ثم ظهر لاحقا الفنان ابن محافظة ذي قار مزاحم عبدالله الذي بدأ يخرج أعمالا بأنواع مختلفة وبشكل احترافي بحسب فنانين تشكيلين في المحافظة.
يطمح مزاحم بانتشار أعماله على نطاق واسع في العراق وخارجه، وكذلك التعريف بهذا الفن الذي يعتبر هو الأول بمحافظة ذي قار، ليكون حافزا مهما للشباب الذين تسحرهم تلك الأعمال الفنية ومحاولتهم التعلم، كما يأمل مزاحم أن تكون هناك مساحة ممكنة لنشر ثقافة فن الفلوغرافيا.
وبين المساحات الخضراء وضجيج التظاهرات التي تشهدها مدينتها على مدى أيام، ينشغل مزاحم في تنفيذ أعمال فنية خالدة وكبيرة تتعلق بطموحات الشباب وحياتهم والمستقبل الذي ينتظرهم عبر لوحات فنية معبرة عنهم.