15 عاما من النزاعات حولت غابة حمضيات في ديالى إلى حوض للموت

بغداد - IQ  

طوال 15 عاما من الانفلات الأمني، مثلت غابات الحمضيات، في حوض الوقف، في محافظة ديالى، بؤرة للخروقات الأمنية التي تنفذ إلى المحافظة، ثم تحولت وكر للمتطرفين، وفيما تنطلق عملية أمنية واسعة للانتشار بين بساتينها، يأمل سكان القرى المجاورة، أن تضع هذه العملية حدا لما يصفوه بـ"حوض الموت".


والوقف شريط زراعي، يمتد بين ناحيتي العبارة، وأبي صيدا، ويضم قرى مترامية تتميز بأنها تحتضن أكبر غابة للحمضيات في ديالى، وتمتد لآلاف الدونمات على طول ضفاف نهري ديالى وخريسان في آن واحد، يقول مختار قرية ابو كرمة، كبرى قرى الوقف، قاسم الربيعي،  حديث لموقع IQNEWS.


يشير الربيعي بيده إلى منازل كثيرة خالية من سكانها في قريته التي يعود تاريخ تأسيسها مئات السنوات، ويقول، أن "الأزمة بدأت منذ 2006 ولا تزال حتى اللحظة تحصد أرواح الأبرياء"، لافتا إلى أن قريته "قدمت أكثر من 500 شهيد وجريح فبما بالك ببقية القرى الأخرى".


ويضيف، أن "ما حصل في الوقف نكبة دامية لدرجة أن بعض الأسر فقدت شخصين وثلاثة وأربعة من أفرادها، ناهيك عن نزوح الآلاف".


أما غزوان حاتم، وهو فلاح مسن من أهالي قرية زراعية في أطراف الوقف، يصف الوقف بـ"حوض الموت"، ويقول "لم يتوقف نزيف دمه، فقد كانت النزاعات حول الارض والمياه قبل 2003 ثم تحولت إلى نزاع طائفي وفتن خلقها تجار الأزمات من كل الأطياف لتأتي الجماعات المتطرفة بمختلف عناوينها لتغرس رصاصها في صدور الأبرياء من كل المذاهب والأطياف".


ويضيف حاتم، أن "الوقف كان مكانا تقطنه كل الأطياف العراقية، لذلك كان دعاة الفتن يحاولون اشعال الحريق بين ابناء القرى وللأسف نجحوا، وعم الخرب في المنطقة  لكن الوضع الآن افضل نوعا ما من قبل، ولكن لا تزال رصاصات داعش وغيرها تحصد بين فترى وأخرى أرواح الأبرياء".


فيما يقر مدير ناحية العبارة (20كم شمال شرق بعقوبة) شاكر التميمي،  بأن "الوقف شكل معضلة أمنية معقدة لسنوات طويلة، وتسبب بخسائر بشرية ومادية هائلة"، لافتا إلى أن "جغرافية الوقف وتضاريسه هي من جعلت الجماعات المتطرفة تتغلغل به لسنوات".


ويمضي التميمي قائلا إن "جزءا كبيرا من الوقف، ضمن حدود العبارة، يعاني من وجود نشاط لخلايا داعش التي تقوم بين فترى وأخرى بمهاجمة القوات الأمنية والقرى، وكان آخرها مجزرة الجيزاني قبل نحو أسبوعين والتي راح ضحيتها 10 بين قتيل وجريح".


ويأمل أن "تأتي عملية الوقف العسكرية الأخيرة بنتائج تسهم في إيقاف نزيف الدم المستمر منذ 15 سنة، وتعيد الاستقرار إلى حوض زراعي لم يهدأ لسنوات طويلة".


وفي تصريحات سابق، أقر محافظ ديالى، مثنى التميمي، بأهمية الوقف من الناحية الامنية، مؤكدا أن "العملية العسكرية التي انطلقت من محاور عدة منذ أكثر من أسبوع حققت نتائج على الأرض في فتح طرق واعادة الانتشار في مناطق واسعة ومترامية، كانت تنشط بها خلايا داعش".


وأشار التميمي، إلى أن "هناك اهتماما حكوميا واسعا بملف الوقف وإنهاء نزيف الدماء من خلال خطة واسعة تتضمن محاور عدة بدأت تُنجَز الواحدة تلو الأخرى".


إن ضبط الأوضاع الأمنية في الوقف، يعني إنهاء 30% من هجمات داعش في ديالى، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، عبد الخالق العزاوي، مبينا "باعتبار الوقف يشكل نقطة مهمة لخلايا التنظيم لسنوات عدة".

ويضيف العزاوي، أن "مجزرة الجيزاني أثارت انتباه حكومة بغداد لخطورة الوقف في مشهد ديالى، باعتبار الاخيرة خاصرة بغداد وأي انعكاسات أمنية سلبية ستجد لها أصداء في العاصمة باعتبار التنظيم فكر سرطاني يهدد الجميع".


ويشر إلى أن "عملية الوقف العسكرية ربما تكون بداية لإنهاء لعنة الموت التي رافقت حوض الوقف منذ 15 سنة".


اما مدير ناحية ابي صيدا وكالة (25كم شمال شرق بعقوبة) عبدالله الحيالي يلفت إلى أن "50% من مساحة الوقف تقع ضمن حدود ابي صيدا"، مضيفا أن "أكثر من 6 آلاف دونم من اجود بساتين ديالى في الوقف اصبحت في سجل الهلاك، وهذه خسارة كبيرة لأن بعضها يبلغ عمرها نحو 100 سنة، وكانت تدعم الأسواق العراقية بآلاف الأطنان من الحمضيات والتمور لعقود".


ويكمل، أن "العملية الأخيرة ربما تكون مختلفة عن العمليات السابقة، من حيث صفحاتها، لكن يجب ان يكون علاج الموقف الامني حاسما وان يتم اعادة الاسر النازحة لمسك الارض، لمنع عودة المتطرفين، وان يكون معيار مواجهة كل من يحاول الإخلال بالأمن شاملا وعادلا دون اي تهاون".


إلى ذلك يفيد مصدر أمني مطلع، بأن "القوات الأمنية مستمرة في عملية الوقف العسكرية التي دخلت أسبوعها الثاني من 4 محاور، وتم فتح 15 طريقا زراعيا وتمشيط مئات الدونمات من البساتين وضبط مضافات وتفكيك عبوات ناسفة"، لافتا الى ان "العملية اسفرت عن ضحايا في صفوف القوات الامنية".


ويضيف المصدر ان "العملية وصلت الى مرحلة نصب الابراج، واعادة الانتشار، ومسك النقاط في مناطق لم تصلها اي عمليات عسكرية منذ 12 سنة تقريبا"، مشيرا الى ان "الوقف كان عبارة عن وكر كبير لخلايا داعش التي رغم قلة عدد افرادها، الا انها كانت مصدر تهديد للقرى والقوات الامنية نتجية اعتمادها على العبوات والقنص عن بعد ما يؤدي الى سقوط ضحايا".