ابو احمد ُ#عراقي مسن .. مات بحسرة التثبيت

مات بحسرة "التثبيت".. "أبو أحمد" يدمي قلوب الموصليين برحيل مر

نينوى - IQ  


في تقرير تلفزيوني عرضته قناة محلية عام 2018، ظهر رجل كبير في السن متحدثا عن روتينه اليومي، حيث ينهض من فراشه عند الفجر ليتوضأ ويصلي ثم يرتدي بدلة زرقاء ويخرج من منزله بحذائه البلاستيكي الطويل، وهو يحمل معه كيساً من البلاستيك.


يتغير المعادل الصوري، فيظهر الرجل ذاته ممسكاً بقبضتي عربة صغيرة في شارع مظلم تضيؤه مصابيح عجلات المبكرين في الذهاب إلى دوائرهم ومشاغلهم، وقرب الرجل كان زميله في العمل يرفع أكواماً من النفايات بمسحاته ويضعها في العربة.


بعد هذين المشهدين، يتحدث "أبو أحمد" ذو الوجه المتغضن من كِبرَ السن عن حياته، "باشرت في العمل بالبلدية منذ أن تسرحت من الجيش عام 1992، فسلموني دنبر (عجلة صغيرة تستخدمها دوائر البلدية في أعمال التنظيف ونقل النفايات)، وبعدها تسلمت سيارة بيك آب قبل أن تحول إلى العمل في قسم الحدباء ثم الجزائر"، وكلها أقسام تابعة لبلدية محافظة نينوى.



ويكمل بصوت متحشرج، "مدينتنا يجب أن تكون جميلة.. أنا اقف عند الحاوية ولا أسمح للناس برمي النفايات على الأرض حتى لا تتسخ المدينة وتبقى نظيفة"، ثم وبلهجة متوسّلة: "أطلب من الله ومن المسؤولين أن يثبتونا.. خدمتي في البلدية تمتد لـ24 سنة (بصفة عقد) وغيري خدمته 20 سنة، وآخر 15 سنة، نحن كبار في السن، ونريد أن نحال إلى التقاعد لعلّنا نرتاح قليلاً".


قبل يومين، توفي عبد المنعم "أبو أحمد" وتداول مدونون موصليون صورة تظهره مسجىً على الأرض، قالوا إنه توفي بينما كان يبيع الآيس كريم على عربة صغيرة قرب جسر المثنى في المحافظة، بعد أن خاب أمله بالتثبيت في وظيفته فيضمن لعائلته راتباً تقاعدياً.


تفاعل الكثيرون مع القصة، والقناة التي كانت قد أعدّت التقرير عن "أبو أحمد" قبل سنتين، عادت وبثته من جديد بعد وفاته مع "عتاب" وجهه مقدّم برامج فيها قائلاً، "خلال اللقاء مع أبو أحمد عام 2018، طالبنا الحكومة وإدارة محافظة نينوى بتعيينه (على الملاك الدائم) بعد 25 سنة من عمله بصفة عقد لضمان حقوق عائلته، دون أن يستجيب المسؤولون لندائه.. اتصلنا بنوفل العاكوب في الصباح وتعهد بتعيينه، وعندما عاودنا الاتصال به عصراً أثناء الحلقة التي بُث فيها التقرير كان هاتفه مغلقا".



بلدية الموصل، التي كان يعمل فيها "أبو أحمد" نعته على صفحتها في فيسبوك وعزّت عائلته باللغتين العربية والإنجليزية، دون أن تتطرّق لمسألة موظفي الأجر اليومي أو العقود.


في السابق، توفي عمال بلدية أثناء عملهم، بعضهم دهسته سيارة مسرعة، وبينهم 3 احترقوا في مكب للنفايات والطمر الصحي، ومع كل حادثة كان يكثر الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي عن معاناة هذه الفئة من العاملين لدى دوائر حكومية بعقود تُلغى عند وفاتهم حتى لو حدث ذلك أثناء العمل، أو تخلفوا عن الدوام دون أن تحسب لهم أو لعوائلهم رواتب تقاعدية مهما كانت مدة خدمتهم.


في تفاعلهم مع وفاة "أبو أحمد" طالب مدونون بتطبيق قرار 315 الصادر عن مجلس الوزراء سنة 2019، والخاص بمعالجة أوضاع العاملين بالأجر اليومي والعقود ويتيح إمكانية تحويلهم إلى الملاك الدائم وفق شروط معينة، كان يمكن لأبو أحمد أن يُشمل به فقط لو التزمت الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية بتطبيقه.