كلمة العراق الكاملة في اجتماع الرياض للتحالف الدولي ضد "داعش"

بغداد - IQ  

ترأس وزير الخارجيَّة فؤاد حسين يرأس وفد العراق المُشارَك في الإجتماع الوزاريّ للتحالف الدوليّ ضد داعش الذي تنعقد أعماله في عاصمة السعوديَّة الرياض.

وجرت أعمال المؤتمر أمس الخميس في عاصمة المملكة العربيَّة السعوديَّة الرياض، بدعوة مُشترَكة من قبل المملكة العربيَّة السعوديَّة والولايات المتحدة الأمريكيَّة.

وألقى حسين كلمة العراق في هذا الإجتماع وفيما يلي نصها:


صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان المحترم
معالي السيّد أنتوني بلنكن وزير خارجيَّة الولايات المتحدة الأميركيَّة المحترم
معالي السادة الوزراء، الحضور الكريم…


في البداية أود أنَّ أتقدم بفائق الشكر والامتنان إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة على كرم الضيافة وحسن التنظيم، وإنه لمن دواعي سروري المُشارَكة في هذا الملتقى السنوي الحيوي والهام، لواحد من أكبر وأنجح التجمعات الدوليَّة الذي يجسد صورة بليغة لفاعلية وأهمّيَّة العمل الدوليّ المُشترَك.


السادة الحضور..

تعمل الحكومة العراقيَّة على تحسين الخدمات والبنى التحتيَّة وتحريك عجلة الاقتصاد ومُكافحة الفساد، وهي عازمة على مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة وإعادة النازحين وملاحقة بقايا عصابات داعش الإرهابيَّة.

تتابع القوات الأمنيَّة العراقيَّة العمليات الاستباقيَّة والاستخباريَّة لملاحقة بقايا عناصر عصابات داعش الإرهابيَّة وخلاياها النائمة، لمنعها من التخطيط والقيام بهجمات وحرمانها من الملاذات الآمنة وتجفيف مصادر تمويلها، وأدت هذه الجُهُود إلى خفض مُستوى الهجمات بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من هذا العام.

لقد سمح هذا التطور الكبير في قدرات واستعداديَّة القوات الأمنيَّة العراقيَّة بانتقال مُستوى التعاون مع التحالف الدوليّ وبعثة الناتو إلى مرحلة جديدة تركز على المشورة والدعم، وعلى الرغم من الإنجازات المتحققة على المُستوى الأمنيّ، إلا أنَّ التنظيم يبقى يمثل تهديداً ويتحين الفرص للقيام بهجمات ضد المدنيين والبنى التحتيَّة والقوات الأمنيَّة لإثبات الوجود وتحفيز مقاتليه في العراق وسوريا وفروعه في الخارج.

تعمل الحكومة العراقيَّة جاهدة على إنهاء ملف النزوح الداخليّ، وتم بالفعل إغلاق (148) مُخيماً للنازحين، فيما تبقى مخيمين في محافظتيّ نينوى والأنبار، و (26) مُخيماً في إقليم كردستان، إذ ترتبط عودة هؤلاء النازحين بظروف سياسيَّة وأمنيَّة واقتصاديَّة واجتماعيَّة، بالإضافة إلى الدمار الكبير الذي تعرضت له أغلب المدن، والتي تفوق كلفة اعمارها إمكانيات أي دولة وطنيَّة، وتجتهد الحكومة بمساعدة الشركاء الدوليين في مُواجهة هذه التحديات والحفاظ على المكاسب المتحققة من حملة مكافحة داعش، وفي هـذا السياق ترحب الحكومة العراقيَّة بتمديد الفترة الانتقالية لصندوق الاستقرار (FFS) للمدة 2024-2026، وتقـدر عاليًا الجُهُود الدوليَّة المبذولة وخصوصًا برنامج الأمم المُتحدة الإنمائيّ (UNDP) الوكالات والمنظمات الساندة وبالتعاون مع الحكومة العراقيَّة، لإعادة استقرار المناطق المحررة التي لا زالت تحتاج إلى الكثير من الجُهُود، ويتماشى تمديد الفترة الانتقاليَّة مع التزام الحكومة بتسلم المسؤوليَّة الكاملـة عـن إعـادة الاستقرار، ويضمن عمليَّة انتقاليَّة سلسة ومُستدامة، وبهذا الصدد تشكر الحكومة العراقيَّة المجتمع الدوليّ وخاصةً الشركاء فـي إعادة الاستقرار على دعمهم المتواصل والمساهمة فـي صندوق الاستقرار ومشـاريع إعادة بناء البنى التحتية والخدمات الأساسيَّة، وتتطلع إلى مساهمة الدول الأعضاء في موازنة العام 2023- 2024 لإكمال إنجاز المشاريع التي من شأنها إعادة الخدمات الأساسيَّة والبنى التحتيَّة وإعادة تأهيل المنازل في المناطق المحررة لتسهيل عودة ما تبقى من النازحين.


السيدات والسادة..

تولي الحكومة العراقيَّة اهتمامًا خاصاً لمخيم الهول وروج وتمنحه الاولوية، وتُؤكَّد على ضرورة إيجاد حل حقيقيّ لهذه الازمة التي تمثل تحدياً وتهديداً كامناً للأمن والاستقرار الإقليميّ والدوليّ. وانطلاقاً من إيمانها بأنَّ الحل الأمثل للحد من هذا الخطر يمكن في إعادة العوائل إلى بلدانها الأصليَّة، قامت الحكومة وبالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة ومكاتبها المُتخصصة وتنفيذاً للإطار العالميّ للأمم المتحدة المعنيّ بالعراقييّن العائدين من شمال شرق سوريا، إلى الآن بتنفيذ تسع حملات إعادة Repatriation، كانت آخرها في شهر شباط الماضيّ. إذ تم إعادة قرابة (1400) عائلة، أي ما يزيد علـى خمسة آلاف شخص إلى مركز جدعة للتأهيل النفسيّ والمجتمعيّ، وتم إعادة ودمج (680) أسرة في مناطقها الأصليَّة بعد خضوعها إلى برامج إعادة التأهيل في المركز المذكور.


كـمـا قامت الحكومة العراقيَّة بإعادة حوالي (3000) الآف مقاتلاً إرهابياً عراقيًا مُحتجزاً في سوريا، وقد تم محاكمة غالبيتهم. وبهذا الصدد تعتقد الحكومة العراقيَّة قيام الدول بتحمل مسؤولياتها تجاه رعاياها من المقاتلين الإرهابيين الأجانب للعوائل، وإعادتهم مع ضمان المحاسبة وإعادة التأهيل والاندماج، هو الحل الوحيد، وفي ذات السياق تتواصل الحكومة العراقيَّة بشكل مكثف مع سفارات الدول التي لديها رعايا من النساء والأطفال من عوائل داعش المحتجزين في العراق لغرض تسليمهم إلى دولهم.

تشجع الحكومة العراقيَّة وتساهم فـي خلق بيئة إقليميَّة ودوليَّة آمنة ومستقرة، والمحاولة لإيجـاد أرضيَّة للتفاهمات بين دول المنطقة، انطلاقاً من كون العراق يمثل صمام أمان لأمن واستقرار المنطقة، وأنَّ أمنه واستقراره يؤثران بشكل كبير على أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسره، وتأسيساً على ما تقدم، يرفض العراق أنَّ تكون أراضيّه مصدراً لأي تهديد على جيرانه، وتعمل الحكومة بالتنسيق مع الدول الجارة على تعزيـز أمن الحدود، وفي ذات الوقت، يـرفض العراق العمليات العسكريَّة الأحادية التي تنتهك سيادته ووحدة أراضيه وتطال المدنيين الآمنين، كما يشد على يد الدول في منع تسلل المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر حدودها للقيام بالتخطيط والاعداد لهجمات داخل العراق، الأمر الذي من الممكن إنَّ يقوض المكتسبات الأمنيَّة التي تم تحقيقها خلال المدة السابقة، وبهذا الصدد تؤمن الحكومة العراقيَّة بأن التعاون والتنسيق المُشترَك، يعد الحل الوحيد لضمان منع التنظيمات الإرهابيَّة من تهديد الأمن والسلم الوطنيّ والإقليميّ.


السيدات والسادة 

لا بد من أنَّ نشير إلى القلق من التراجع المستمر في الوضع الأمني والإنساني في أفغانستان، ومن تصاعد نفوذ تنظيم القاعدة وزيادة نشاط داعش خراسان وتوسع نطاق نشاطاتها، وندعو إلى زيادة الضغط على طالبان للإيفاء بالتزاماتها والحيلولة دون تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للجماعات الإرهابيَّة ومصدراً للتهديد، والعمل على الحد من قدرات داعش خراسان من خلال ملاحقة قادته، وإيقاف او إعاقة تنقل عناصره من وإلى أفغانستان.

كما تدعو الحكومة العراقيَّة المجتمع الدوليّ إلى متابعة الوضع في السودان وتأمل من أطراف الازمة الركون إلى الحوار وحل المشاكل بالطرق السلميَّة، وتجنيب السودان وأهلها الحرب وقطع الطريق أمام الجماعات الإرهابيَّة التي تنشط في مناطق مُختلِفة من أفريقيا وتتحين الفرصة لإيجاد موطئ قدم في السودان، الأمر الذي سيجعل التعامل مع الموقف لاحقاً صعبًا ومعقداً للغاية.

لقد عانى العراق ومنذ العام 2003 ولازال من ظاهرة تنقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب واستغلالهم هشاشة الحدود وضعف إجراءات تامينها، وكان الشعب العراقيّ الضحية الأولى لهذه الظاهرة التي امتدت آثارها إلى خارج حدوده، خصوصاً بعد توقف العمليات العسكريَّة في العراق وسوريا في آذار 2019، إذ وصل عدد كبير من مقاتلي عصابات داعش إلى أوطانهم الأصليَّة أو تحولوا إلى أماكن صراع جديدة، مثل جنوب وشرق آسيا وليبيا ومنطقة الساحل وغرب أفريقيا، وانتعشت على إثرها نشاطات الفروع التابعة لتلك العصابات.

لهذا، يؤمن العراق بان الوسيلة الأكثر فاعلية في تقليص قدرات عصابات داعش الإرهابيَّة والمنظمات الإرهابيَّة الأخرى والجماعات المسلحة العابرة للحدود، يكمن في الحد من قدراتها على نقل عناصرها والأسلحة والمواد المحضورة عبر الحدود،

مما يستدعي تعزيز القدرات الوطنيَّة للدول التي تنشط فيها تلك الجماعات، من خلال تطـوير قابليـات كـوادر البشرية وتعزيـز بنـى حـدودها التحتية وتزويدها بالمعدات والأجهزة المتطورة، بالإضافة إلى مُشاركة المعلومات حول الإرهابيين الأجانب والمطلوبين.

وتدعونا تجربـة بـلـدي الثريـة فـي مجـال مكافحة الإرهاب إلى إعادة التأكيد على ضرورة تعزيز التعاون الدوليّ في هذا المجال، وخصوصاً في مُكافحة تمويل
الإرهاب ومنع الجماعات الإرهابيَّة والخارجة عن القانون من المتاجرة بالنفط والأسلحة والآثار، والحد من انتقال الإرهابيين الأجانب عبر الحدود وحرمانهم من الملاذات الآمنة.

وأخيراً، أنَّ حكومة العراق ملتزمـة بالعمـل مـع التحالف الدولي لهزيمـة داعش والمجتمع الدولي فـي مجـال مكافحة الإرهاب ومواصلة الحرب ضـد عصابات داعش الإرهابيَّة وصولاً إلى هزيمتها النهائيَّة، وإعادة الاستقرار إلى المناطق المحررة وإعادة النازحين وضمان مُحاسبة الإرهابيين وتعويض ضحايا الإرهاب، وكلنا أمل في إستمرار دعمكم لهذه الجُهُود النبيلة التي تهدف إلى تقدم شعوبنا جميعاً وضمان أمنهم وازدهارهم وصيانة كرامتهم.
وشكرا جزيلاً...