"عشرون عشرون".. "أسوأ" عام للعمل الصحفي في العراق

بغداد - IQ/ عادل المختار  


لم تعد الصحافة مهنة البحث عن المتاعب فحسب، بل ربما مهنة "الموت"، خصوصا في سنة 2020 التي ستنقضي بعد أيام. 


"عام يمثل انتكاسة كبيرة، بسبب تقييد الحريات والعمل الصحفي"، هكذا يرى مراقبون العام الحالي، معتبرين أنه الأسواء على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في أغلب مدن العراق.

 

ويقول رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق مصطفى ناصر في حديث لموقع  IQ NEWS، إن "الجمعية سجلت هذا العام 2020 ثلاثة ضحايا تعرضوا للقتل بأوقات متفاوتة وفي مناطق مختلفة، وهم كل من الزميل أحمد عبد الصمد مراسل قناة دجلة في البصرة والمصور صفاء غالي، وقد تم اغتيالهما على يد مسلحين مجهولين في منطقة الحكيمية بالمحافظة، وذلك في العاشر من شهر كانون الثاني 2020، بعد تغطيتهما للتظاهرات في المحافظة". 


ويوضح ناصر، أن "مسلحين مجهولين اغتالوا بطلق ناري مدير المجموعة الإعلامية الجنابي كروب، وهو أحد المشرفين على عمل قناة الرشيد نزار ذنون، في بغداد بتاريخ الحادي عشر من شباط الماضي"، مشيرا إلى أن "العام الحالي هو الأسوأ على الصحفيين العراقيين بسبب تعرضهم لعمليات اغتيال وتشريد وتهديد، واقتحام وترهيب لوسائل إعلام خلال الاحتجاجات، وسط صمت أو عجز حكومي واضح، إضافة إلى استمرار منع التغطيات والحجز والاعتقال بحق الصحفيين". 


ويؤكد ناصر، أن "إقليم كردستان شهد أيضا إغلاق وسائل إعلام واعتقال العديد من العاملين، اثنين منهم ما زالا في السجن بتهم باطلة"، موضحا أن "المخاطر والتهديدات على حرية الصحافة بدأت انطلاقا من تشرين الأول 2019، بالتزامن مع الاحتجاجات، لكن في العام 2020 استمر التضييق والانتهاك بشكل فاضح". 


2020 الأسوأ على الصحفيين 


رئيس مرصد الحريات الصحفية في العراق زياد العجيلي أكد أن العام الحالي 2020 هو من "أسوأ الأعوام" على الصحفيين وعلى المؤسسات الإعلامية، ويمثل "انتكاسة كبيرة وفادحة"، خاصة في تقييد الحريات وتقييد العمل الصحفي، وقد شهد حالات اغتيال عدة وحالات قتل مباشر كمقتل الزميل أحمد عبد الصمد ومصوره صفاء غالي في محافظة البصرة، وهي عبارة عن إعدامات ميدانية حدثت لصحفيين.


ويقول العجيلي لموقع IQ NEWS، إن "جهات أمنية وعسكرية لاحقت الصحفيين، كما داهمت الكثير من المؤسسات الإعلامية، خاصة خلال فترة الاحتجاجات الشعبية الكبيرة في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، ولو قارنا عام 2020 بالأعوام السابقة، حيث كانت السلطات تخشى من المواجهة مع وسائل الإعلام وتتجنبها أثناء الأزمات السياسية، لكن في العام الحالي واجهت السلطات وسائل الإعلام بشيء من القوة، خاصة وأن هناك جهات عسكرية غير رسمية، كما أن هناك جهات مسلحة لاحقت الصحفيين وقيدت عملهم، ويبدو ان 2020 في ظل وجود حكومة واجهزة أمنية قوية ونظام ديمقراطي"، مبينا أن "ما تعرضت له الصحافة يعد انتكاسة كبيرة، منذ عام 2003 وحتى الآن، لأنها المرة الأولى التي نشهد بها اعتداءات رسمية، بالإضافة إلى الجهات التنظيمية لقطاع الإعلام كانت تساهم وتساند حملات القمع، وهناك أوامر صدرت من هيئة الإعلام والاتصالات بغلق مكاتب ومقرات وسائل إعلام عراقية وعربية وأجنبية، بحجج تسديدات مالية أو عدم تجديد الرخص، لكن بالحقيقة دوافع هذه القرارات هي قرارات سياسية". 


ويعيش الصحفيون والإعلاميون في العراق أجواء من القلق مع تزايد الانتهاكات المادية والمعنوية بحقهم، وغياب توجيه الاتهامات لأي جهة أو مقاضاتها، وتأخير حسم الدعاوى التي أقامها من شرع طالتهم الاعتداءات، خاصة وأن العام الماضي 2019، تم تسجيل (373) حالة انتهاك للعاملين في السلطة الرابعة.


الإفلات من العقاب 


ووفقا لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة فإن عمليات اغتيال الإعلامي أحمد عبد الصمد ورفيقه المصور صفاء غالي في البصرة بداية العام 2020، عقب انتهائهما من تغطية الاحتجاجات وسط المدينة، وتبعها اغتيال نزار ذنون المشرف العام على مؤسسة الرشيد للإعلام، مرت دون معرفة القتلة، الذين مازالوا بعيدين عن الملاحقة والعقاب.


وبحسب الجمعية التي سجلت مقتل (92) صحفيا خلال عقد من الزمن فإن الحكومات المتعاقبة تتقاعس والجناة طلقاء، بين اغتيال وإعدام واستهداف منظم، ولم تكشف تحقيقات السلطات معظم حالات الاغتيال التي طالت الصحفيين في مدن وكحافظات مختلفة من العراق.


وقالت الجمعية على موقعها الرسمي على الإنترنت أن "المؤشرات الدولية صنفت العراق كأحد أخطر البلدان للعمل الصحفي، لأسباب أبرزها الإفلات المزمن من العقاب، وانعدام المساءلة الأمر الذي شجع الجناة على إرهاب الصحفيين، وتضييق مساحة حرية عملهم، مشيرة إلى أن المنظمات الأممية فشلت في الضغط على الحكومات العراقية المتعاقبة في تفعيل هذا الملف الخطير، وفتح أوراق التحقيقات الخاصة باغتيال الصحفيين.


وطالبت الجمعية الحكومة بإيجاد حل عملي لإنهاء حالات الإفلات من العقاب بشكل حاسم، انطلاقا من مهامها وواجباتها الدستورية، مناشدة المنظمات الدولية بالضغط على الحكومة لتفعيل هذا الملف.


إحصاءات دولية


وفي وثيقة مرجعية نشرها الاتحاد الدولي للصحفيين مؤخرا حول الصحافة العالمية، بين فيها أن 2658 صحفيًا قُتلوا حول العالم منذ عام 1990 وحتى الآن أثناء قيامهم بمهامهم الصحفية، منهم 42 في العام الحالي 2020، فيما بينت الوثيقة أن 235 صحفيا في السجون حاليا.


وجاءت في الوثيقة التي عرفت بـ"الكتاب الأبيض" والتي صدرت باللغة الانجليزية ردا على الأسئلة التي قد يبديها الجميع، لأن نطاقه يغطي جميع المجالات النقابية في جميع مجالات مهنة الصحافة (سلامة وحماية الصحفيين، والأخلاقيات المهنة، وجودة المعلومات والمساواة بين الجنسين والشباب وظروف العمل والرواتب)، ويظهر بالتفصيل جميع الأعمال التي قام بها الاتحاد الدولي للصحفيين في السنوات الأخيرة.


و"الكتاب الأبيض" هو أيضًا فرصة للاتحاد الدولي للصحفيين للاحتفاء بالذكرى الثلاثين لقائمة الصحفيين الذين قتلوا (1990-2020) التي ينشرها الاتحاد سنويًا.