نار تحت الرماد في السليمانية.. رحيل الأحزاب مطلب شعبي والغليان قادم

 بغداد - IQ  
 
تعيش محافظة السليمانية ومدنها، هدوءً حذراً، عقب انتهاء التظاهرات الشعبية التي طالبت بتحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين، وفيما يترقب مواطنو الإقليم حلولاً سياسية لمعالجة الأزمات الراهنة، حذروا من أن المماطلة والتسويف وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، سيحدث غلياناً شعبياً في الإقليم.


نار تحت الرماد  



يصف الناشط الكردي كاروخ عمر، خلال حديثه لموقع IQNEWS، الاوضاع في السليمانية واقليم كردستان بأنها "نار تحت الرماد"، مشیرا الی أن "من المحتمل انطلاق التظاهرات بأية لحظة بسبب استمرار سوء الظروف المعيشية والوضع الاقتصادي الصعب للمواطنين في حین لاتمتلك السلطات أجوبة مقنعة لحل مشاكلهم المواطنین".


 وأعرب عمر عن أسفه، بأن "السلطات الامنية تتعامل بتوجيهات حزبية مع مطالب المحتجين والمتظاهرين، وتمارس العنف والاعتقالات والتهديد بحقهم، فضلا عن استخدام السلاح الحي دون أية محاسبة بهدف انهاء المظاهرات".
 
 ويتابع، أن "جزءا كبيراً من المتظاهرين والنشطاء المدنيين ينتمون للأحزاب السياسية، ما يؤكد فساد الأحزاب والعوائل المتنفذة في اقليم كردستان"، مبينا أن "هذه الاحزاب لا تستطيع معالجة الأوضاع بعد ما تسببت في تدميرها نتيجة المنافسة الحزبية والاستيلاء على الثروات من أجل الحصول على المكتسبات الضيقة والشخصية لذلك ان رحيل هذه الاحزاب بات مطلبا شعبيا".
 
 وشهدت محافظة السليمانية مطلع شهر كانون الاول الجاري تظاهرات واحتجاجات شعبية للمطالبة بصرف رواتب الموظفين وتحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين ومكافحة الفساد، فيما شهدت حرقاً للمباني الحكومية والمقرات الحزبية، فضلا عن قتل عدد من المدنيين ووقوع إصابات في صفوف المتظاهرين وافراد الأمن.
 
 وانتهت المظاهرات والاحتجاجات التي استمرت نحو اسبوع كامل بعد اتخاذ الجهات المعنية إجراءات أمنية لتهدئة الاوضاع والحد من اتساع رقعة المظاهرات والاحتجاجات، عبر فرض حظر للتجوال بين مدن المحافظة، واعتقال نشطاء مطالبين باستمرار المظاهرات ممن تم الافراج عنهم لاحقا بعد تهدئة الاوضاع.
 
 أصابع خارجية
 
 ويقول العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبين سلام، لـ IQNEWS، أن "مطالب المتظاهرين في السليمانية شرعية"، معربا في الوقت نفسه عن أسفه لـ"تسرب جهات وأيادٍ لا تريد الخير لكردستان الى صفوف المتظاهرين واستغلت غضب الشارع كفرصة ذهبية للركوب على موج غضب المتظاهرين السلميين وتحريفها".
 
 

ويوضح سلام "قبل شهر القت قوات الآسايش في أربيل القبض على مجموعة تابعة لحزب العمال الكردستانى (pkk) کانوا یخططون لاحداث مشاكل تستهدف استقرار كردستان"، لافتا الى أن "هؤلاء نجحوا بتنفيذ مخططهم في السليمانية ووجهوا العنف بشكل مفرط الى مقرات الحزب الديموقراطي الكردستاني وحرقها وضرب كوادرها أمام القوات الامنية في السليمانية والمناطق التابعة لها، وهذا دليل واضح على أن ايادي خارجية تسربت الى المظاهرات ونفذت هذه العمليات".


فرصة الاصلاحات 


رغم الهدوء الذي تشهده محافظة السليمانية والمناطق الاخرى عقب ایام من التظاهرات والاحتجاجات، تتصاعد نداءات الناشطين والحقوقيين ورجال الدين والفئات الاجتماعية الاخرى المطالبة بإجراء الاصلاحات وتحسين الاوضاع المعيشية وترسيخ سيادة القانون. 
 

ويقول الاكاديمي والمحلل السياسي زيرفان برواري لـ IQNEWS، إن "تأزم الاوضاع الاقتصادية وسوء توزيع الثروات وانتشار حالة الفجوة الطبقية في اقليم كردستان افرزت حالة من الرفض الشعبي الشامل، الامر الذي انعكس على اندلاع مظاهرات لم تحمل راية حزب سياسي معين ولم تمثل المعارضة بل طالبت بانتهاء النظام السياسي القائم على المجاملات السياسية والمصالح الحزبية والفئوية الضيقة".


ويرى برواري، ان "التظاهرات رد فعل طبيعي نتيجة الظروف الاقتصادية المعقدة وظهور فجوة طبقية مخيفة تهدد التوزان الاجتماعي وتفتح الطريق امام المزيد من العنف والتعبير الثوري في تحقيق المطالب"، مشيرا الى ان "استمرار الفشل الاقتصادي وعدم تعامل الاحزاب الرئيسية بصورة جدية مع مطالب الشارع الكردي، سيدفع لتأزيم الأمور أكثر وسيتجه الاقليم الى الخطر والمزيد من العنف".
 
وأضاف برواري ان "تعامل الادارة الكردية غير عقلاني مع التظاهرات، كونه يعتمد على خطابات وحلول نظرية لا يمكن ان تحقق الاستقرار او انهاء حالة الفوضى القادمة".
 
وأشار إلی، أنه "اذا استمر الوضع الاقتصادي القائم فالايام والشهور القادمة تحمل في طياتها المزيد من المفاجات والغليان الشعبي وستؤدي الى المزيد من العنف واللا استقرار، وعليه فان الاصلاحات ستكون فرضا على السلطة السياسية في الاقليم اذا ما ارادت الحفاظ على نفوذها والاستمرار في ادارة الاقليم".