الصابون الهيتي: قصة بدأت في بيت متهالك وتحولت إلى معمل كبير

بغداد - IQ  

تعاني الصناعة في العراق، من أهمال حكومي كبير، غير أن بعضا من أصحاب المشاريع الصغيرة ما زالوا يكافحون من أجل الاستمرار في رفد الاقتصاد الوطني على بعض المنتوجات التي ينتجوها معتمدين على تمويلهم الذاتي وآلات صناعية قديمة لا تتناسب وحجم التطور الصناعي في الدول الإقليمية والعلمية.

الهيتي يونس، واحد من أصحاب المشاريع الذين يصرون على عدم التخلي عن مهنتهم، حيث تمكن وبسنوات قليلة فقط من تحويل مشروعه الصغير الذي بدأ بغرفة متهالكة بالقرب من منزله الى معمل خاص بصناعة الصابون وبمواد أولية عراقية بحتة.

الحديث عن البدايات 

يتحدث مدرّس اللغة الإنگليزية المتقاعد يونس صالح (62) عاما، يتحدث عن البدايات، والتي كانت أول الانطلاقات قبل ستة أعوام عندما اعلن عن مشروعه الصغير لصناعة الصابون المحلي في مكان متواضع وبأدوات بسيطة.

ويقول صالح  لـIQNEWS إن "المشروع بدأ بمبلغ قدره 500 الف دينار فقط في هيكل بناء بالقرب من داري في هيت بمنطقة حي العمال، حيث بدأت بتطبيق هوايتي بصنع المنتج للأهل والاقارب والجيران ونظرا لاعجابهم بالمنتج اقترح البعض توسيع الصناعة والبدء ببيعها لمناطق أخرى وهو ما بدأت بفعله خاصة وان المنطقة تشجع على توفير منتج طبيعي خالي من المواد الكيميائية بدلا من الصابون الكيميائي الاجنبي الذي يغزو الاسواق".

ويعمل إلى جانب صالح أبنه الأكبر محمد، وقد نجحا بتحويل مشروعهم البسيط إلى معمل لصناعة الصابون يوزع إلى عدد كبير من مناطق ومحافظات العراق، بعد أن ك حاز على اعجاب المستهلك.

طرق صناعة الصابون 

ويشرح الابن الأكبر محمد يونس، طريقة الصنع المتبعة في معمل والده قائلا إنها "تتم بطريقتين الأولى  تسمى بعملية "التصبين" يتم خلالها جمع ست زيوت نباتية على الطريقة الباردة، وتحتاج هذه العملية أكثر من 4 أشهر لانتاجها، فيما تتم الطريقة الاخرى عبر نظام حاسبة الصابون العالميين، يكون فيها نظام قياس يحسب نسبة الزيوت ونتائج الصلابة والتنظيف والرغوة  وهو نظام حساس جدا ويحتاج لمدة شهر واحد فقط".

وأشار يونس الابن إلى أن "المشروع يعتمد  على التمويل الخاص ولا يوجد دعم حكومي لهم".


وبين أن "صناعة ك الصابون الهيتي تكون من زيوت طبيعية نباتية معصورة من قبلنا وتدخل مادة واحدة وهي المادة الأساسية لصناعة الصابون لكن لاتدخل في صناعتنا اية مواد كيميائية ونعتمد بالاساس على زيت الزيتون وزيت جوز الهند وزيت الخروع".


وزاد أن "المشروع بدأ يدر الأرباح بعد 4 اعوام من اطلاقه حيث تمكنا من اقناع المستهلك بأن هناك صناعة محلية تفوق في جودتها المستورد خاصة واننا نعتمد بشكل كلي على الزيوت الطبيعية و الغذائية مبتعدين عن المواد الكيميائية الحافظة والمصلبة وايضا نوفر المنتج بسعر لايتجاوز الـ 2000 دينار للقطعة الواحدة".

العراق بحاجة لمدن صناعية

وفي الوقت الذي تنشط وتنجح مشاريع صغيرة في محافظات عراقية مختلفة يرى الخبير في الشأن الاقتصادي مصطفى حنتوش خلال حديثه لـ IQNEWS أن "هناك ضرورة ملحة بدعم هذه الصناعات بمدن صناعية متخصصة في اماكن تصل لها طرق وحمايات خاصة حيث يحتاج العراق من 50 الى 100 مدينة صناعية في محافظات متنوعة بالعراق".

ويؤكد حنتوش أن "العراق يمتلك مواد اولية متنوعة لدعم صناعة الصابون لكن هذه الصناعات لم تدعم بشكل جيد، رغم  رفع الضريبة بنسبة 65% على المواد المستوردة من قبل الحكومة، إلا أن الاهتمام لا يزال بعيد عن المستوى المطلوب ".

وبين الخبير الاقتصادي أن "الاقتصاد العراقي بحاجة إلى هكذا مشاريع في ظل صعوبة الاستيراد بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض المصارف، فضلا عن أن الفكرة السائدة حول رداءة المنتج المحلي قد انتهت الان ولدينا منتجات محلية تضاهي المستوردة".

الصناعة هي المحرك 

اما المهندس باسم فيصل مستشار رئيس اتحاد الصناعات العراقية السابق،  عن فقد طالب الحكومة بضرورة الاهتمام بالصناعة ومنح المنتج المحلي القوة للمنافسة في السوق المحلي.

وقال فيصل لموقع IQ NEWS، إن "الحكومة مطالبة بتقوية الصناعات عبر توفير المواد الاولية وتفعيل القوانين الداعمة والبنى التحتية لخلق منافسة صحيحة لاصحاب المنتجات المحلية مع المنتجات المستوردة".

وزاد أن "الصناعة بالشكل العام هي المحرك الرئيس لاقتصادات العالم، كونها تخلق فرص عمل وتقوي صادرات البلد وتوطن رأس المال وتزيد من فرص الاستثمار الخارجية كما تفعل الان الصين التي تصدر منتجاتها للعالم اجمع كونها رخيصة ومدعومة ومطابقة للمواصفات".