العراق أمام تحدٍ "جارف".. خطر هائج يمكن ترويضه

بغداد - IQ/ عادل المختار

رغم أن العراق يواجه شح المياه وينتظر عادة موسم الأمطار، إلا أنه يعاني من سيول جارفة تأتي من الهضبة الشرقية تزداد خطورتها مع ارتفاع غزارة الهطول، وثمة حاجة لإجراءات فاعلة من أجل ترويضها عبر منظومات متكاملة. 


عندما يدور الحديث عن "الإطلاقات الفيضانية" غير المسيطر عليها من منشآت التحكم والخزن في إيران، فإن ذلك يستدعي التفكير مليا بالتحرك لحماية السكان والبنى التحتية في العراق من أضرارها.


وتتميز خصائص هضبة شرق دجلة في العراق، بانتشار وديان واسعة تعتمد في تغذيتها على المياه الناتجة من تساقط الأمطار في الأراضي الإيرانية، ما يعني تشكل سيول مدمرة ضمن ظاهرة متكررة لا يمكن السيطرة عليها إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحصادها أو تحويل مجاريها للاستفادة منها.


سبل علاج السيول


يرى كبير خبراء الاستراتيجيات والسياسات المائية الدكتور رمضان حمزة محمد، أن الإدارة المائية الحكيمة لها دور في تحويل هذه السيول إلى مصدر مياه من خلال خزنها على سطح الأرض أو في جوفها، وإنقاذ الأرواح والممتلكات من الأخطار الناجمة عنها. 


ويقول محمد وهو عضو هيئة التدريس بجامعة دهوك في حديث لموقع IQ NEWS، إن "فكرة تغذية المياه الجوفية لزيادة رصيدها الخزني الاستراتيجي تعد ريادية، وبدأت دول الخليج العمل بها بعد ما تعرضت مدنها لمياه السيول، ومنها على سبيل المثال الإمارات، من خلال إنشاء أحواض كونكريتية أرضية عملاقة جدا لتخزين مياه الأمطار والاستفادة منها، ولا تتعرض للتعفن بسبب ركودها باستخدام تكنولوجيا لتدويرها".


ويلفت محمد في حديثه لـIQ NEWS، إلى "أهمية بدء إنشاء منظومات لتتحكم في هذه المياه ومنها منظومة (المصندك الفيضانية)، وإنشاء منظومة على نهر دجلة لتوزيع المياه إلى مدينة العمارة، حيث تعمل إيران على إكمال منشآت هندسية للاستحواذ على مياه وديان الهضبة الشرقية للعراق والسيول الواردة إلى مناطق بدرة وزرباطية، والتي يمكن الاستفادة الكبيرة منها لتعزيز التغذية إلى منخفض الشويجة، مع تصاريف الوديان الأخرى لتعزيز تصاريف نهر دجلة في مؤخر سدة الكوت وتقليص الإطلاقات المكافئة لها من سدود الموصل وحمرين، وخاصة في مواسم قلة الهطول المطري كهذه السنة". 


ويتعرض العراق إلى موجات أمطار واسعة النطاق، تغطي أحيانا أراضي البلاد من الشمال إلى الجنوب، ما فرض على أجهزة الخدمة البلدية اتخاذ احتياطات احترازية كبيرة، نجحت إلى حد كبير في تصريف معدلات الأمطار المرتفعة، بالرغم من أن مدنا صغيرة شرق وغرب البلاد تعرضت لفيضانات متكررة، لكن التقلبات المناخية الحادة في جنوب إيران، قلصت قدرة الجهات العراقية المسؤولة عن إدارة الموارد المائية في التعامل مع كارثة وشيكة.


الجانب الشرقي للعراق جاف


تقول الأستاذة في قسم هندسة البناء والإنشاءات بكلية دجلة الجامعة الدكتورة مها رشيد، إن الجانب الشرقي من العراق يعاني شح المياه ويعد من المناطق الجافة، خاصة بعد قيام إيران بقطع جميع الأنهر الحدودية وتحويلها إلى داخل أراضيها، حيث بدأ تأثيرها جليا على المناطق الجنوبية، ومنها مشاكل شط العرب.


وترى رشيد في حديثها لـ IQ NEWS، أن "هناك ضرورة لإنشاء سدود من أجل حصاد المياه في المناطق ذات الأمطار والسيول العالية، وذات الانحدارات القليلة، على أن تكون سدودا ذات ارتفاعات متوسطة تضم جميع تقنيات السدود الأخرى (المنفذ الاروائي والمسيل المائي وجسم السد)، لمنع تبدد مياه السيول والأمطار وفقدانها في الوديان قبل الاستفادة منها"، مؤكدة أن "هذه المياه مورد هام، وينبغي استثمارها لتغذية المياه الجوفية والتنمية والزراعة وللشرب".


تنفيذ السدود


بغض النظر عن تنازع الآراء حول تنفيذ السدود الكبيرة وتأثيراتها السلبية من الناحية البيئية فلا يختلف اثنان على أهمية تنفيذ السدود الصغيرة وسدود حصاد المياه وتأثيراتها الإيجابية على المناخ والبيئة والزراعة والاستخدامات البشرية والحيوانية. 


وفي هذا الصدد تؤكد الدكتورة رشيد، أن "تصميم السدود سواء أكانت كبيرة منها أو صغيرة أو سدود حصاد المياه، يعتمد بشكل أساسي على المعلومات الهيدرولوجية والمناخية وتوظيفها لإنجاز تصميم السد، وتقييم وإقرار أهمية وإمكانية التنفيذ في المنطقة المراد إنشاء السد فيها، وإقرار حجم الخزن الممكن توفيره على مدار السنة بما يتلاءم وارتفاع السد الممكن بالاستناد إلى طوبوغرافية الموقع وتقييم تلك العوامل بما يخدم تحقيق الجدوى الفنية الاقتصادية من تنفيذ السد، وبالتالي تحقيق الفائدة المرجوة من خزن المياه في موسم الأمطار والاستفادة من استخدامها في المواسم الجافة بإطلاقها وتوزيعها على المناطق المنتخبة بواسطة منشآت وقنوات تنفذ لهذا الغرض".


يذكر أن الحكومة العراقية تحاول احتواء تداعيات السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة في هذا الموسم، لأن أصل المشكلة يقع خارج حدود البلاد، حيث تشهد مناطق جنوب إيران المحاذية للحدود العراقية، معدلات أمطار غير مسبوقة، تتشكل عنها سيول جارفة سرعان ما تتجاوز الحدود متسببة في أزمة حادة لمحافظات البصرة وميسان وواسط وديالى.