"مأساة" الجنوب بالخط الكوفي

فنان يكتب "أنقذوا الأهوار" على مساحة ألفي متر: السكان ساعدوني ويسألون "متى يعود الماء؟"

بغداد - IQ  

من أراضي الأهوار التي أتى الجفاف على الحياة فيها وهجّر سكانها، خط الفنان باسم المهدي عبارة "انقذوا الأهوار" على مساحة 2000 متر مربع، لتكون أكبر لوحة خط في العراق، في مساهمة أراد لها أن تكون بحجم المأساة.


استغرق المهدي وهو خطاط ومصور فوتوغرافي من مدينة الناصرية، نحو شهر كامل في التخطيط لهذا العمل.

ويقول في تصريح لموقع IQ NEWS: "حجم الدمار الهائل الذي شاهدته خلال سفرتي الأخيرة إلى الأهوار، دفعتني للتفكير بشكل جدي للمساهمة بعمل ضخم بحجم المأساة التي تمر بها المنطقة، وقد أخترت أن يكون عملا فنياً لإيصال هذه الصرخة لأنه من ضمن اختصاصي وهذا ما أجيده".


عمد المهدي على اختيار مفردات عمله من هوية البلاد والمنطقة ذاتها، فقد خط العبارة بالخط الكوفي الكلاسيكي، قياسها (40x50 متر) بمساحة (2000 متر مربع) بتشكيل واضح للقراءة يأخذ هيأة مضيف القصب، الذي كان من أبرز ملامح هذه المناطق الريفية، واعتمد على حصيرٍ مصنوعٍ من قصب الأهوار لتلوين العبارة.


"من المؤلم أن ترى موت جزاً من مدينتك، وأن يفر سكانها"، يقول المهدي.

باشر المهدي بتنفيذ العمل منذ ساعات الصباح الأولى، مستعينا بعدد من أصدقائه وأقاربه، وذلك بعد أن عاين المكان وحدده في زيارة سابقة: "الخط الكوفي المربع متراص وخطوطه عريضة، وصممته ليكون على شكل بوابة مضيف من هذه المنطقة، أعتقذ أن ذلك سيعزز في إيصال رسالة العمل"، يقول المهدي.


ويضيف: "اخترت حصير القصب كمادة لصناعة العمل، لتوفرها، ولأنها القصب جزءا من مأساة الجفاف"، مشيرا إلى أنه صنع أكبر فرجال بطول 17 مترا لتنفيذ ألأقواس في العمل.


"هل سنحصل على الماء بعد هذا؟"، يقول الخطاط إن هذا هو ما سأله به سكان المنطقة القريبة من مكان تنفيذ اللوحة، ويضيف أنهم كانوا متعاونين معه، وأن ثمة من أبلغه بنيته هجرة هذه المنطقة بعد موت الحياة فيها.



تكفل المهدي بالكلفة المالية لكل ما يخص تنفيذ هذا العمل، رافضا الاستعانة بأي دعم من أي جهة مستقلة، أو حكومية لا سيما وأنه يرى أن الأخيرة "كانت إحدى أسباب تفاقم هذه المأساة".


وتمر الأهوار في العراق والجبايش على وجه الخصوص بصيفها الأقسى مقارنة بسنواتها الماضية، إذ إن مناسيب المياه تراجعت تراجعا ملحوظا ترك أثره على آلاف الأمتار من أراضيها مبيدا كل أشكال الحياة في داخلها، الأمر الذي انعكس سلبا على سكانها الذين يمتهنون صيد الأسماك وتربية المواشي، ما دفع بعضهم بالهجرة نحو مناطق المياه، في مناطق أو محافظات أخرى.


وكانت مناطق الأهوار قد ضُمت إلى لائحة التراث العالمي قبل 6 سنوات، بتصويت منظمة "اليونسكو" بالإجماع، لكن ذلك لم يتبعه خطوات ملموسة تؤثر على حالة الانحسار المستمر في مياه الأهوار.