"أملاك بالمليارات".. عقارات الدولة "بلا إحصاء" وتحذيرات من "طبخة" لبيعها

بغداد - IQ  

تُواجه مساعي حصر أملاك الدولة العراقيّة ووضع قاعدة بيانات لها بوابل من العراقيل السياسيّة والإدارية، الأمر الذي يبدّد أموالاً هائلة على الموازنة، ويجعل المستغلين لعقارات الدولة بمنأى عن الحساب.


وقد أجّج كتاب صادر عن وزارة بشأن بيع أو تأجير أملاك الدولة، الأسبوع الماضي، الرأي العام والأوساط السياسية والاقتصادية، لما يمثّله هذا الملف من أهميّة كبيرة.


وسُرِّب كتاب لوزير الماليّة خوّل بموجبه مدير دائرة عقارات الدولة بصلاحيات واسعة بينها بيع أو تأجير الأملاك، إلا أن دائرة العقارات سرعان ما أصدرت توضيحاً أكدت فيه، أن "الأمر الوزاري الذي تضمن تخويل مدير الدائرة بتلك الصلاحيات، جاء لغرض تسريع إكمال معاملات البيع والإيجار المتراكمة منذ فترات سابقة"، لافتة إلى أن التخويل "يقتصر على البيع والإيجار للقطاع العام والمواد المراد بيعها سريعة التلف ومتناقصة القيمة ومصاريف حفظها مرتفعة".


ولا تمتلك الحكومة قاعدة بيانات للأراضي والعقارات التابعة للدولة، على الرغم من العراق يُصنّف كأحد أكثر الدول المهيمنة على الأملاك العامة نتيجة للأنظمة ذات الطابع الاشتراكي التي أدارته منذ عام 1958.


وتمتد العقارات التابعة ملكيتها للدولة إلى دول عربيّة وأوربية، إلا أن الكثير منها تعرّض للبيع والاستثمار بصفقات شابها الكثير من الفساد.


وقد تحدّثت IQ NEWS لأربع خبراء في الاقتصاد والمال ونائب في البرلمان للوصول إلى مبلغ أو عدد تخميني لعقارات وأراضي الدولة، غير أنّهم جميعاً لا يملكون معلومات دقيقة.


لكن علي البياتي، الخبير الاقتصادي، لديه ما يشبه تخمين عن عقارات الدولة المستولى من المسؤولين الأحزاب السياسية، لافتاً إلى أن عدد هذه العقارات "تقدّر بحوالي (6) آلاف عقار في كل أنحاء العراق"، فيما خمّن عبد الحسن الشمري، الخبير الاقتصادي الآخر، إن "عقارات تشمل أراضٍ ومحلات وبنايات وقصور رئاسية"، لافتاً إلى أن أسعار هذه العقارات "لا يمكن حصرها".


وتتردّد في الأوساط السياسية أحاديث عن نيّة الحكومة اللجوء إلى بيع عدد من عقارات الدولة لرفد خزينة الدولة بالأموال، لسدّ العجز المالي الذي تعانيه نتيجة لانخفاض أسعار النفط الذي رافق جائحة "كورونا".


وتحدّث ثامر ذيبان، عضو اللجنة المالية في البرلمان، لـ IQ NEWSعن وجود "نية لبيع عقارات مهمة بمبالغ زهيدة وبسيطة لمتنفذين وشخصيات حتى من حكومة (رئيس الوزراء مصطفى) الكاظمي"، لكن ذيبان لا يملك معلومات مفصلة بشأن أي عقارات مُراد بيعها.


وعاد ذيبان إلى الوثيقة الخاصة ببيع وايجار عقارات الدولة الصادرة عن وزارة المالية، وقال إنها "مخالفة للقانون لأن (العقارات) يفترض ان تباع وفق مزاد علني واعلان رسمي بالإضافة الى ان هذا الملف من صلاحيات وزير المالية حصراً ولا يمكن تخويل اي شخصية دون الوزير ".


وأبدى ذبيان اعتقاده بأن "هنالك نية لبيع املاك عائدة الى الدولة"، لافتاً إلى ان "الوزير حاول بسبب الضغوطات التي تمارس عليه التهرب من الموضوع وتحويل الصلاحية الى مدير عقارات الدولة والكل يعلم الطريقة التي اتى بها مدير علاقات الدولة"، بيد أنه لم يتحدّث عن هذه الطريقة.


وحاولت دائرة العقارات تبديد الشكوك بشأن كتاب وزير المالية، موضحة أن تخويل الوزير يقتصر "على أربع حالات هي البيع والإيجار لدوائر الدولة والقطاع العام والمواد المراد بيعها سريعة التلف ومتناقصة القيمة والمواد التي لا تزيد قيمتها عن الـ 500 ألف دينار والمواد التي تكون مصاريف حفظها مرتفعة قياسا بقيمتها".


وتحدّث كل من عبد الرحمن المشهداني وعبدالحسن الشمري عن تردد معلومات بنيّة الحكومة اللجوء إلى بيع عقارات الدولة منذ فترة.


وأكد المشهداني لـIQ NEWS  "هنالك نية لبيع كل ممتلكات القطاع العام وهذه الفكرة مطروحة"، فيما لا يتوانَ الشمري عن القول لـIQ NEWS، إن "بيع عقارات الدولة يعني افلاس الدولة (..) لأن املاك الدولة إذا بيعت ستفقد الدولة الكثير من مواردها، وهذا جزء من تدمير البنية المالية للدولة العراقية".

بدوره، شرح علي البياتي، الخبير القانوني، الطرق التي على الحكومة اتخاذها لبيع عقارات الدولة، حيث قال لـ IQ NEWS ان "الاموال العامة لها حرمة منصوص عليها في الدستور العراقي المادة 27 وعلى الجميع الحفاظ عليها وهي ملك للشعب العراقي"، لافتاً إلى أن "القانون رقم 21 لعام 2013 الخاص ببيع وايجار الدولة نظم عمليات البيع والايجار وخصوصا البيع هنالك".


ووفقاً للبياتي، فان بيع الأملاك بغير هذه الطريقة المنصوص في القوانين "قابل للطعن امام محكمة القضاء الاداري ومقاضاة الجهة التي تقوم بالبيع".


وأردف البياتي ان "البرلمان العراقي الجهة الرقابية التي تراقب الموضوع وهو يستطيع ان يستجوب من يقوم بالبيع ومساءلته ومنع ذلك".