أم "طريدة" وأخرى وجدت ابنها "أداة تخويف"

معاناة السيدتين "آية" و"نجمة" لا تتوقف: ماذا تعني ولادتكِ لطفل مصاب بمتلازمة داون؟

بغداد - IQ  

تجهد آية مهدي، 24 عاماً، لإفهام عائلة زوجها أن خوفهم من طفلتها ذات الأربعة أعوام والمصابة بمتلازمة داون ليس له مبرر وإنها لا تؤذي بقية أطفال العائلة أو تضربهم بآلة حادة مثلما يخشون.

وتقول مهدي، التي تسكن في بغداد، إن عائلة زوجها "تعتقد أن طفلتي لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها بسبب إصابتها بالمتلازمة.. وقد تجاوز الأمر أبعد من هذا الحد عندما أبلغوني أنهم لن يسمحوا لأبنهم الإنجاب مني مرة أخرى خوفاً من أن ألد له طفلاً آخر مصاب أيضاً فهم يقولون إن الحالة مرتبطة بجيناتي الوراثية كون أخي مصاب بمتلازمة دوان".

وخلال حديثها لـIQ NEWS، تستذكر السيّدة آية نقاشاً جرى بينها وبين زوجها حول طفلتهما "سما" ذات العيون اللوزية والفم الصغير والأنف المفلطح "قرر الانفصال عني لأنني أخفيت عنه حقيقة إصابة أخي بمتلازمة داون خلال فترة خطوبتنا فاتهمني بالكذب".

"تحملي ولا تأتي إلينا مع طفلتكِ"

شكت مهدي ما حصل مع الزوج لأمها التي رفضت قدومها مع ابنتها لمنزل العائلة مجدداً "قالت لي (لا استطيع استضافتك أنتِ وطفلتك المنغولية*التسمية الشعبية في العراق للمصابين بمتلازمة داون)، وطلبت مني أن تحمل ما ألقاه في منزل زوجي وعائلته حتى لو أراد الزواج بأخرى، واعترفت بأنها لم تخبره أو أهله بإصابة أخي بمتلازمة داون خوفاً من أن يهرب وشددت قاطعة أنها لن تستضيفني في المنزل حتى لو انفصلت عني زوجي".

وبالتوازي مع تقدم الطفلة "سما" في العمر، كانت معاناة آية تزداد وهي تلاحظ نظرات الجيران لأبنتها بشفقة وعدم توقفهم عن وصفها بـ"المنغولية" ومنعهم أطفالهم من اللعب معها.

وفي مقابل الاعتقاد بوجود شبه خلقي وجيني حتى بين الأشخاص المصابين بمتلازمة دون وأولئك ذوي العرق المغولي، توصل العلم في خميسينات القرن الماضي إلى أن هيئة المصابين بمتلازمة دوان ترتبط بالكرموسوم، بينما تحمل تسمية "منغولي" إهانة وتحقير، وسعى ناشطون عراقيون كثر يديرون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال السنوات الماضية، إلى التوعية بالاسم الصحيح لمتلازمة داون وتجنب لفظة "منغولي".

"رب العمل كان يستخدمي ابني المصاب لتخويف الأطفال"

ولا تنسى السيّدة "نجمة" ذات الـ45 عاماً، المشهد المؤلم عندما وجدت أن صاحب المحل الذي يعمل فيه ابنها البكر "أيهم" المصاب بالمتلازمة، يستخدمه لتخويف الأطفال في محله لبيه الملابس في سوق "مولولي" وسط السليمانية في إقليم كردستان.

ومع ذلك، ترى هذه السيّدة التي اكتفت بذكر اسمها الأول أنها "لن تستطيع إصلاح الجميع عند التعامل مع أيهم البالغ 17 عاماً" ولذا فإنها تتغاضى أحياناً عمّن يطلق على ابنها تسمية "منغولي".

السبب العلمي

يرى خبراء في مجال الطب، أن أغلب حالات متلازمة داون تحدث تلقائياً وبسبب الصدفة البحتة ولا علاقة للجينات الوراثية في الأمر إلّا في ثلث الحالات المتعلقة بنقل الكروموسات ولذلك فهم ينصحون الوالدين بإجراء فحوصات وراثية عند بداية الحمل.

وتقول مها عدنان، الطبيبة الاستشارية في مجال طب الأسرة، لموقع IQ NEWS، إنه كلما زاد عمر المرأة عن 35 عاماً زاد معه احتمالاة ولادة طفل مصاب بالمتلازمة كما أن وجود شخص مصاب في العائلة يمكن أن يرفع احتمالية إصابة جديدة.

ويقدر عدد المصابين بمتلازمة داون بين 1 في 1000 إلى 1 في 1100 من الولادات الحية في جميع أنحاء العالم. ويولد كل عام ما يقرب من 3،000 الى 5،000 من الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب الجيني. كما يعتقد بأنه يوجد حوالي 250،000 عائلة في الولايات المتحدة الأميركية ممن تأثروا بمتلازمة داون، وفق الأمم المتحدة.


"التربية والتدريب كفيلان باندماج أفضل"

بدورها، ترى الإخصائية النفسية بان كاظم "الخلل يكمن في طريقة تربية الطفل المصاب بمتلازمة داون فأسلوب تعليمهم هو الذي يحدد كيف سيتعامل هذا الشخص مع المجتمع، إذ كلما قدّمت العائلة الدعم الصحيح له كلما كانت مرحلة اندماجه أفضل".

وتنبه كاظم على ضرورة استكشاف المواهب في هؤلاء الأطفال خاصة وأنهم "يعيشون في عالم خاص أبطأ من العالم الطبيعي وهذا ما يتطلب بذل جهد لاستخراج أقصى طاقة لديهم وهي تخرج عندما يشعرون أنهم في أمان وأن المحيط حولهم داعم وإيجابي"، وهي تنصح الوالدين بمساعدة أطفالهم المصابين على تكوين صداقات جديدة والفرز بين الأفعال الودية وغير الودية وكيفية الابتسامة والكلمات اللطيفة وكذلك تتدريبهم على كيفية بدء محادثة معينة ومن المهم أيضاً، تعليمهم كيفية التعامل مع السلوك المؤلم والمؤذي. 

وتعتمد الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 آذار يوماً عالمياً لمتلازمة داون ويحتفل به سنوياً منذ 2012، وهي تدعو منظماتها والمنظمات الدولية الأخرى والمجتمع المدني وكذلك الدول الأعضاء إلى توعية الجمهور بالمتلازمة في يومها العالمي.