"ضحية من بين 2000 مثله"

"عبد الرحمن".. طفل عراقي يمثل لـ"جنكيز" الصرّاف "أروع صورة": لكنها مؤلمة لدعاة حقوق الإنسان

كركوك -IQ


بثبات يتخلله التعب، يجر الطفل "عبد الرحمن جليل" ذو الأعوام العشرة، أقدامه في أسواق كركوك وبين السيارات وهو يحمل حزمة من كارتات تعبئة رصيد الهواتف النقالة يبيعها للمارة.


ومنذ ساعات الصباح الأولى، يخرج هذا الطفل من منزله ويجلس عند مفترق السوف الكبير وسط كركوك، عارضاً كارتات الشحن أمامه، وببراءة الأطفال، يغلبه النعاس أحياناً وينام فيأخذه صاحب محل مجاور بحنو ليكمل الصغير نومته القصيرة داخل المحل.


"أهلي يعيشون في ظروف مادية صعبة، وأنا أخرج إلى السوق مع شقيقي الآخر منذ الصباح الباكر وحتى السابعة مساءً، أي مع غروب الشمس، لبيع كارتات الشحن وعددها 10 اشتريها من محل محدد بـ5 آلاف دينار وأبيعها بـ6.500 دينارًاً كهامش ربح لي"، يقول الطفل عبد الرحمن لموقع IQ NEWS.



ويضيف "بدأت هذا العمل منذ عامين. الناس هنا يعرفونني ويشترون مني، والرزق على الله، يومياً أبيع نحو 20 كارتاً واحصل على ما يقارب 25 ألف دينار كربح.. الناس هنا طيبيون معي وعندما أنام في الشارع أجد من يحملني وانا نائم إلى محله لأكمل نومة الظهيرة".



"صغير يضرب لنا مثلاً"

على مقربة من المكان الذي يعمل ويجلس فيه عبد الرحمن، في سوق رأس الجسر، يقع متجر علي جنكيز للصرافة المالية، والأخير معجب بهذا الطفل.

ويقول جنكيز لموقع IQ NEWS: "رغم صغر سنه، لكن الطفل عبد الرحمن يضرب لنا أروع صور عمل الإنسان، فهو يرفض شفقة ومساعدة الناس التي تأتي من دون تعب كالصدقات، ويتحمل المصاعب رغم عمره الصغير ليوفر أموالاً لعائلته التي تعتمد عليه وشقيقه في تأمين لقمة العيش".

يتعاطف مالكي أغلب المحال التجارية في السوق يتعاطفون مع عبد الرحمن ويشترون منه الكروت، يضيف جنكيز.

"ألفا طفل يعملون في أسواق كركوك"

من جانبه، يقدم الناشط في حقوق الإنسان في كركوك، عبد الله جبار، لموقع IQ NEWS، نتائج مسح ميداني، شارك في إجرائه، ويقول إن الأرقام كانت كبيرة: "وجدنا نحو ألفي طفل يعملون في أسواق كركوك بمهن مختلفة، وأعمارهم مقسم بين 5 - 15 عاماً وأغلبهم يمعلون في حمل البضائع، وهذه مهنة مرهقة وأكبر من طاقتهم".

ويوضح جبار، أن هؤلاء الأطفال "يمثلون طبقة النازحين الذين قدموا مع عوائلهم إلى كركوك (جراء سيطرة تنظيم داعش على مدنهم صيف 2014).. وعددهم حوالي ربع مليون عائلة.. لقد تعرض الأطفال للاستغلال وزج بهم في سوق العمل.. مثلاً، وجدنا أب يملك سيارة حديثة جداً، لكنه يوزع أطفاله على التقاطعات لبيع الماء على المارة ومسح زجاج السيارات".


ويضيف الناشط في مجال حقوق الإنسان، أن سيطرة تنظيم داعش على عدة مدن عراقية في 2014، وما تبعها من معارك ونزوح الملايين عن منازلهم، وبعدها جائحة كورونا فاقمت سوء أوضاع الأطفال، وسجلنا ارتفاعاً ملحوظاً في عمالة الأطفال في كركوك، داعياً السلطات إلى اتخاذ "إجراءات جدية وتقديم مساعدات عاجلة للعوائل الفقيرة ووضع برنامج اقتصادي ونفسي واجتماعي لمعالجة ظاهرة عمالة الأطفال".


في المقابل، يقول مدير دائرة الرعاية الاجتماعية، التابعة لوزارة العمل، في كركوك، واثق ياسين إن دائرته وفرت العديد من برامج دمج الشباب في سوق العمل عبر إدخالهم في دورات لتعلم مهن الحلاقة وتصليح الأجهزة الكهربائية وغيرها، مشدداً على رفض استغلال الأطفال وزجهم في أعمال شاقة وصعبة.