ستة كتب تروي #حراك_تشرين

تأريخ وتوثيق وسرد.. تعرف على 6 كتب تروي "حراك تشرين"

بغداد - IQ  


الأحداث المفصلية التي تؤسس لمراحل جديدة في الحياة السياسية للبلدان، كثيرا ما تصاحبها موجة نشر وتوثيق لأهم فصولها وأحداثها، لاحتوائها على مادة دسمة للكتابة بمختلف ألوانها، فترى إصدارات تأخذ تصنيفات مختلفة أكاديمية أو تأريخية أو أدبية، وهذا ما حصل مع تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019 في العراق، التي يتفق مناصروها وبعض مناوئيها على أنها "فاصلة تاريخية بين ما بعدها وما قبلها".


فمنذ الأسابيع الأولى لاندلاع التظاهرات، أعلن كتابٌ وباحثون أنهم بدأوا تأليف كتب عنها، بما حملته أيامها من تراجيديا ودماء ومشاهد وصول حشود من الشباب والفتيات والعوائل إلى الساحات، وخاصة التحرير، لمساندة المحتجين الذين ضُربَ عليهم "حجاب الكتروني" بعد قطع خدمة الانترنت في عموم البلاد عدا اقليم كردستان، بهدف قطع ارتباطهم بالعالم الخارجي، ما استدعى كثيرا من المؤلفين لتوثيق تلك المشاهد والذكريات والصور باساليب مختلفة وفي هذا المقال سنتناول بعضاً من أبرز تلك الاصدارات:


1- "رسائل شباب ثورة تشرين"

في "رسائل ثورة تشرين"، المتوفر على موقع أمازون، يقوم الكاتب عزيز طالب بتحليل وتفسير الحراك الشعبي والغور في أسبابه وخلفياته، مسجلاً تفاصيل تحرّك المشهد العام، إذ يعلق عليها ويربطها بأحداث من التاريخ الحديث والقديم.


والكتاب عبارة عن مجموعة رسائل يحاول الكاتب من خلالها الإجابة عن اسئلة كثيرة ربما تجول بذهن القارئ والمتابع حول هذا الحراك، كما يسلط الضوء على "أخطاء السلطات" والقوى الحاكمة في التعامل مع هكذا مواقف فيعود عليها ذلك بـ"الإزالة".


في رسالته الأولى المعنونة بـ"شرارة الثورة"، وبعد أن يشير إلى أن الشاب الذي كان عمره خمس سنوات في 2003 هو الآن في العشرينات من العمر، ونظام صدام حسين الذي سقط ذلك العام، بالنسبة له، حقبة تاريخية لا تمت إليه بصلة، يقول طالب عزيز: "إن غالبية هؤلاء الشباب الذين عاشوا خلال الحقبة التي خلفت الاحتلال الأميركي أمل أو بعد مستقبلي يصبون إليه نتيجة الوضع المأساوي، وعليه فهذا المستقبل المفقود جعلهم يجازفون ويغامرون لتغيير الواقع السياسي الذي لا يعطيهم بصيص أمل في المستقبل المنظور (..) وعلى هذا الأساس لا يمكن إخماد تحرك هذا الجيل بالإجراءات الأمنية الصارمة .. بل العنف سوف يساهم في تأجيج غضبهم...التحرك الجماهيري على مَرّ التاريخ إنما يكون عفوياً توقده شرارة.."، يستهل طالب عزيز رسالته الثانية ليبدأ حديثه عن "شرارة الثورة" وكيف انطلقت وتوّلد زخمها البشري.

2- " نْريد وطنْ".

يجمع الروائي العراقي وارد بدر السالم 19 مقالاً له نشرها أيام التظاهرات في صحيفة "العرب اللندنية"، ليضمها في كتاب بعنوان "نْريد وطنْ"، يصدر عن مؤسسة ثائر العصامي في بغداد.


يرصد السالم، الذي له عدة أعمال روائية وقصصية، الجانب الثقافي من تظاهرات تشرين كالفعاليات التي أقامها المتظاهرون داخل الساحات وفي محيطها مثل الكتابة وفن الشارع "الغرافيتي" وإصدارهم صحفاً وإقامة ندوات ومحاضرات ثقافية وأدبية.


ويطرح الكاتب سؤالاً على قارئه، فيقول: "لماذا نريد وطنا؟ وسؤال كهذا ذو نبرة حزينة لا يبدو أنه خرج عن النسق الروحي للعراقيين، بل تعمّق في الذات الاجتماعية التي وجدت أنها خسرت كل شيء في سياسة الدولة العميقة التي أحرقت البلاد في تبعية خارجية غير خافية على أحد"، ليتطرق في مقالات لاحقة إلى الفرق بين "أن تكون مواطناً أصيلاً أو طارئاً على الوطن كما هم سياسيو العراق الجديد".


ويمضي وارد بدر السالم في مقالات لاحقة لتناول الرمزية التي اكتسبتها ساحة التحرير وجسور بغداد الثلاثة "الجمهورية، السنك، الأحرار" بعد أن اتخذها المتظاهرون ميداناً للاحتجاج على "أجنّة مشوهة.. دخلت في أرحامٍ غريبة فاسدة وعادت ملوثة إلينا"، قاصداً بذلك الطبقة السياسة التي حكمت العراق بعد 2003.


في مقالة "النداء الثقافي الجديد"، يؤشر وارد بدر السالم، "ضرورة" حضور المثقفين في التظاهرات، مشيراً إلى أن "المتظاهرين لم يطالبوا بسلاح وبنادق ورصاص، بل طالبوا بالسلاح الأقوى والأكثر أثراً في جسد السلطة والسياسة الفاسدة، وهو سلاح الكلمة".

3- الهبوط من المطعم التركي

" نحن معكم.. إنها ثورة السماء والأرض"، بهذه العبارة يختم القاص مشتاق عبد الهادي روايته القصيرة "الهبوط من المطعم التركي"، والصادرة عن "دار الورشة الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع – بغداد".


في هذه النوفيلا الدائرة في فلك الفانتازيا، الشخصيات هم أحياء وأموات في الوقت ذاته، فالراوي، متظاهر "شهيد" وحبيبته أحلام المسعفة كذلك، وقد التقيا في المطعم التركي أكثر من مرة قبل أن يهبطا منه بعد هجوم قوات مكافحة الشغب عليه، فينسحب إلى "مقبرة سيد مبارك" في ناحية المنصورية بمحافظة ديالى، ما يوحي بأنه وحبيبته قُتلا في الهجوم.


بعد ذلك تجول الشخصية الأساسية وحبيبته بين المقبرة وحدود العراق ونهر بينهما، ثم ينشغلان بمراقبة ما سيجري في ساحة التحرير وقلب الراوي متعلقٌ بنبوءة اندفاع المتظاهرين من الساحة وجسور بغداد القريبة منها لاقتحام المنطقة الخضراء و"القصاص من الخونة، والمأجورين، وسرّاق المال العام".


في الخلفية، هناك أحلامٌ وصبر ومعاناة وانتظار واسئلة كثيرة، يعبّر عنها الكاتب بروايته التي صدرت بعد أسابيع من انطلاق التظاهرات في 1 تشرين الأول 2019.


4 – "ثنوة اسم مرفوع"

من تظاهرات تشرين وأحداثها، يتخذ الروائي والقاص خضير فليح الزيدي موضوعاً أساسياً لقصص مجموعته "ثنوة اسم مرفوع"، وثنوة هي اسم والدة صفاء السرّاي، أحد أبرز أيقونات التظاهرات.


في هذه المجموعة القصص المعنونة فرعياً بـ"قصص دخانية"، والصادرة عن دار سطور في بغداد، يتناول الكاتب أحداثاً واقعية من التظاهرات و"صراع" المتظاهرين لإخراج العراق، الغني مادة وحضارة، من "قبضة الأحزاب التي تتقاسم حكمه وخيراته"، وإصرارهم على "السلمية" كخيار أوحد. ويقدّم الزيدي في مجموعته 9 وصايا للمتظاهرين يرى أنها "مباركة" وتنفعهم في النجاة من "الكاتم والدراجات النارية".



5 - "أحداث انتفاضة تشرين العراقية في أهازيج وهتافات الحركة الاحتجاجية"

في كتابه بالعنوان أعلاه، والذي قدمه إلى دار المدى لطباعته، يتناول الصحافي حسين العامل، في 16 فصلاً، المنطلقات الأولى لتظاهرات تشرين وأبرز أحداثها والقوى والشرائح الاجتماعية التي شاركت فيها وكذلك معارضيها إضافة إلى "أبرز التحولات المجتمعية التي شهدها العام الأول من عمر الانتفاضة، فضلا عن هتافات وأهازيج المحافظات العشر المنتفضة، وأهازيج تظاهرات الاعوام التي سبقت الانتفاضة".


ويقول العامل لموقع IQNEWS، إنه حرص على توثيق الاهازيج والهتافات كما قيلت في التظاهرات دون أي تغيير "رغم ما يرد في البعض منها من كلمات غير مناسبة تجعلنا نتحفظ عليها في دواخلنا، لكننا مع هذا ندونها بكل ما تحمل من غضب ثوري ونقمة على طبقة سياسية لم تحترم شعبها فاستحقت ما يقال في حقها من عبارات واهازيج وهتافات".


ولا يريد المؤلف أن يطوي النسيان وتتابع السنوات "أهازيج أطول انتفاضة عراقية، مثلما ضاعت معظم أهازيج وهتافات الثورات والوثبات والانتفاضات العراقية السابقة بسبب عدم الحفاظ عليها بالتدوين والتوثيق المطلوب فلم يبقَ منها سوى ما علق بذاكرة بعض من أدركوا تلك الأحداث وما تناثر في بعض الصحف الصادرة وقتها".


ركّز حسين العامل على الهتافات والأهازيج لأنها، كما يقول: "صرخة احتجاج من فم شعب غاضب، وتوثيقها هو توثيق لمرحلة تاريخية مهمة من حياة هذا الشعب.. فالهتاف الثوري هو كالمثل الشعبي يوثق واقعة ويعبر عن رأي وموقف، وتوثيقها يضاهي أهمية توثيق التراث الشعبي، إن لم تفقه أهمية".


ويضيف "الاهازيج تحمل دليل ادانة للطبقة السياسية وتوصمها بوصمة عار ستلازمها حتى باب القبر وربما لمرحلة ما بعد القبر ، فإهزوجة (نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانها) التي قيلت إبّان العهد الملكي لازالت تلاحق رؤساء وزراء تلك الحقبة التاريخية رغم مرور نحو 70 عاما على ترديدها، كما ستلازم أهازيج وهتافات انتقاضة تشرين السياسيين الحاليين وتلاحقهم حتى في مرحلة ما بعد الموت".


6- "قيامة أكتوبر" (كتاب غير منشور)

"منذ يوم 1 أكتوبر تشرين الأول 2019" بدأ الشاعر العراقي محمد كريم اعمال قلمه بشأن، ليتوقف في 24 مايو أيار الماضي بعد أن كتب 450 صفحة يريدها كتاباً اختار له عنوان "قيامة أكتوبر"، لكنه حتى الآن يواجه صعوبة في نشره و"عدم تقبّل بعض الدور له".


ويقول كريم، الذي يعمل في مجال التدريس، متحدثاً لموقع IQNEWS عن كتابه: "درستُ الثورة في لحظاتها الأولى وتفاصيلها الساخنة، واعتمدتُ على قراءة وتحليل الوثيقة الاحتجاجية والاستبيانات ودراسة عيّنات مهمة ونماذج لكل دور"، مضيفاً أن كتابه "وثيقة تهاجم كل من اشترك بهذا الهولوكوست العراقي، من سلطة إلى ميليشيات إلى مؤسسة دينية وثقافية واعلامية وتربوية وحتى أسرية".


وعن المشكلة التي تواجهه في نشر الكتاب، يقول إن بعض دور النشر رفضت طبعه بسبب ضخامة الحجم "والأهم هو جرأة الطرح والرؤية التي جاءت صريحة كالدم الحار لضحايا التظاهرات"، ويتساءل: "كيف يمكن أن تنظّر لاحتجاج شاب لا يعرف من حياته سوى هذا الضياع القاتم وساعات البوبجي والتحشيش من خلال كارل ماركس مثلا أو فوكو أو أي علم آخر؟!".