"كورونا بشرية تبحث عن إنقاذ".. موقع IQ يدخل "القرية المنبوذة" في ديالى

ديالى- IQ  

قرب طريق بعقوبة- بغداد القديم او ما يعرف بطريق خان بني سعد تلوح من بعيد منازل متواضعة جدا، تكاد تنهار مع هبوب اي رياح عاتية، تتناثر في اراض زراعية كانت قبل سنوات تشكل غابات واسعة ويطلق عليها قرية الغجر او ما يعرف محليا بـ"الكاولية" والتي تحولت بعد 2006 الى مأوى لهذه الطائفة أو الفئة التي تخوض صراعا هو الاقسى في تاريخها من أجل البقاء بعدما تحولت بفعل التمييز الى هدف للجماعات المسلحة بكل عناوينها، ناهيك عن نبذها من قبل المجتمع ومعاناة أبنائها من التنمر، ما اضطرها للاعتماد بنسبة كبيرة على تسول النساء وكبار السن والعجزة لتامين قوت اطفالها منذ سنوات.


وقال قائممقام قضاء بعقوبة عبدالله الحيالي في حديث لـ IQ NEWS، إن "قرية الغجر في قاطع جنوب غرب بعقوبة يتالف من 300 اسرة تقريبا وهو الماوى الوحيد لهم في ديالى ككل"، لافتا الى ان "80 بالمئة من تلك الاسر تعتمد على التسول في تامين قوت اطفالها بالاضافة الى مهن وحرف قديمة جدا منها الحياكة او صقل السكاكين لكن التسول يمثل ملاذ الاغلبية".


وأضاف الحيالي، أن "الغجر تعرضوا بالفعل بعد 2006 الى عمليات استهداف، وحتى بعد انتهائها لا زال المجتمع قاسيا جدا عليهم، فهم يعانون من التنمر وانعدام فرص العمل لشبابهم ونسائهم، فلم يجدوا غير التسول طريقة لانقاذ أنفسهم من الجوع".


أما الناشط سالم حسن، فقال إن "الغجر تعرضوا الى استهداف مباشر بعد 2003 بسبب اتهامات لهم بممارسة أفعلا لا أخلاقية ينبذها المجتمع، حتى تحول الاقتراب منهم الى تهمة وشبهة"، مؤكدا أن "المنظمات الانسانية ذاتها تجد حرجا في الوصول اليهم لتفادي نظرة المجتمع القاسية".


وأضاف حسن، أن "لجوء الغجر الى التسول في بعقوبة ومناطق اخرى هي نتيجة لمقاطعة المجتمع لهم"، مشيرا الى أن "من النادر حصول شبابهم وشاباتهم على فرصة عمل، لان صاحب المهنة او التاجر، سيوصم بالعار ويكون في وضع حرج امام المجتمع".


وحول معاناة تلك الفئة المجتمعية، يقول (س- غ) الشاب الغجري البالغ 24 عاما، إن "70 بالمئة من شباب الغجر لم يكملوا الدراسة الابتدائية، ومن النادر أن تجد بينهم من يصل الى الجامعة، لأن الفقر والعوز ووصمة العار تبدد أحلامهم الوردية"، لافتا الى ان "المجتمع يتعامل معنا منذ عقود على اننا كورونا بشرية، ولكن بشكل اكثر قساوة".


واضاف أن "أغلب نساء الغجر يمتهن التسول لانه ليس باليد حيلة"، مبينا "حتى المساعدات الانسانية التي تصلنا بين الحين والاخر تتم بشكل سري، ونادرا ما تجد أحدا يعترف أمام منصات التواصل بانه كان في قرية الغجر أو قام بتوزيع مساعدات هناك".

مدير مكتب مفوضية حقوق الانسان في ديالى صلاح مهدي، أكد من جانبه، أن "أبناء الغجر لا يملكون أية وظيفة حكومية أو موارد مادية ثابتة، لذا فان التسول بات نافذة إنقاذ للنسبة العظمى من الاسر المعوزة، وخاصة لكبار السن والعجزة وحتى الاطفال".


وأضاف مهدي، بأن "أكثر من 50 بالمئة من الغجر أميون لا يعرفون القراءة والكتابة"، لافتا الى أنه "في السنوات الماضية، نجحنا بزج أبناء الغجر في المدارس لكن اعدادهم تبقى ضئيلة بسبب التنمر والفقر، وحتى المنظمات الانسانية تجد حرجا في الوصول اليهم ودعمهم بسبب قيود مجتمعية".


وبشأن إجراءات المفوضية، أشار الى أنها "تتابع عن كثب ملف الغجر، وأن هناك اتصالات تجري معهم عند اي شكوى او حاجة، لكن وضعهم العام قاس جدا، لأنهم بالأساس ليسوا نازحين، لكن المجتمع يعتمد قيودا معقدة في التعامل معهم، ما منع جميع ابنائهم من ايجاد فرص عمل تؤمن مصدر رزق لهم لذا بات التسول طوق نجاة لهم".