"جرداء ذات حظ".. صحاري العراق تخفي قوة يمكنها قلب الواقع

بغداد - IQ/ عادل المختار   

"جرداء لكن يمكن جعلها جنة خضراء تمنح البلد قوة اقتصادية غير مسبوقة"، هذا ما يؤكد خبراء ومختصون إمكانية حصوله في العراق إذا استغلت صحاريه الواسعة على نحو مبتكر.


أمن غذائي مصان، ومساحات تسع لتغطيه احتياجات الوطن العربي كافة وليس العراق فقد، زد على ذلك بيئة خصبة لتأسيس مشاريع صناعية واستثمارية كبرى، كل ذلك يمكن حصوله إذا جرى استثمار صحاري العراق المتروكة خارج الحسابات، لكن كيف وماهي سبل الوصول إلى ذلك السقف الذي يبدو عاليا في خضم أوضاع البلد الحالية؟


استثمار واعد للصحراء 


يرى كبير خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية وعضو هيئة التدريس في جامعة دهوك رمضان حمزة محمد، أن الإستعانة بشركات عربية أو أجنبية يعد خطوة مهمة لتبادل الأفكار والإستفادة من تجاربهم المنفذة على أرض الواقع، غير أن المشكلة فيما يتعلق بإستثمار الأراضي الصحراوية في العراق تكمن في توفير المياه لزراعة مستدامة، ويمكن توفير المياه من خلال إنشاء سدود حصاد المياه، كون هناك ما يقارب 10% من تغذية نهر الفرات يتأتى من الوديان التي تنحدر من الصحراء الأردنية والسعودية باتجاه نهر الفرات إلى داخل الأراضي العراقية، ولكون منطقة شمال السعودية تتعرض حالياً وستتعرض في المستقبل إلى هطول الأمطار التي تشكل السيول فمن الممكن بناء العديد من السدود في هذه المنطقة الصحراوية لحصاد هذه المياه.


ويقول محمد لموقع IQ NEWS، إن "هناك مكامن للمياه الجوفية يمكن الاستفادة منها بعد إجراء دراسات هيدروجيولوجية تفصيلية، وكذلك بالإمكان الإستفادة من مياه البزل في الأراضي المستصلحة ومن النهر الثالث بنقل هذه المياه الى المناطق المحاذية للمشاريع في المناطق الصحراوية القريبة منها بعد اجراء دراسات الجدوى لها، كذلك استثمار مجرى الثرثار قبل وبعد البحيرة وذلك بالاستفادة من تلك المياه"، مشيرا الى "أهمية الاستفادة من مياه نهر الفرات أيضا بإكمال سد البغدادي وإقامة مشاريع أخرى على مجرى النهر وإعادة النظر في كيفية تأهيل بحيرات الثرثار والحبانية والرزازة، من خلال دراسات جيولوجية وهيدرولوجية".


ويوضح محمد، أن "كل هذه العوامل يمكن أن تساهم في إستثمار واعد للصحراء والبادية الغربية العراقية وخاصة لإنتاج الأعلاف لمشاريع تريبة الأبقار والعجول لإنتاج الحليب ومشتقاته واللحوم، أي إنشاء مصانع للالبان واللحوم وغيرها الكثير من النشاطات الزراعية والصناعية".


الأمن الغذائي


الخبير الاقتصادي والمهندس الزراعي ضرغام محمد علي يرى، أن استثمار الاراضي الصحراوية يعد من أهم المشاريع باتجاه تأمين الأمن الغذائي في حال تنفيذها بالشكل الصحيح باتجاهين، الأول توفير منتج زراعي لسد الحاجة المحلية أو التصدير، والثاني زيادة الرقعة الزراعية باستصلاح اراض لم تزرع سابقا وهي فرصة لإنتاج محاصيل جديدة.


ويقول محمد علي لموقع IQ NEWS، إن "العراق يمكنه الإستعانة بالشركات العربية والأجنبية لما لديها من خبرات وتقنيات مقننة للمياه ومعدات غير متوفرة محليا لتنفيذ مشروع زراعة الصحاري، لذا فإن الاستثمار الأجنبي عنصر ايجابي يصب في مصلحة القطاع الزراعي".


خيار بإمكانه تغطية الوطن العربي


يقول خبير البيئة المهندس ثائر يوسف، إن العراق يملك ملايين الدونمات من الأراضي الزراعية غير المستغلة، وعلى سبيل المثال محافظة واسط مساحتها بحدود ٧ ملايين ومئتين ألف دونم المستغل منها للسكن والزراعة والبساتين والمشاريع بحدود ٢ مليون واربعمئة ألف دونم فقط والباقي أرض متروكة، لذلك فأن زراعة المناطق الصحراوية ستوفر سلة غذاء تغطي إحتياجات العراق والوطن العربي.


ويؤكد يوسف لموقع IQ NEWS، إن "بيئة وزراعة واسط عملت في زمن حكومة العبادي على إعداد دراسة لزراعة مليون دونم في المحافظة بإستخدام التقنيات الحديثة تمثل ثورة اقتصادية توفر بحدود ٣٠ مليار دولار سنويا، وتشغيل بحدود ١٠ ألاف شاب عاطل وتحريك عجلة الزراعة، ولكن الدراسة ذهبت إدراج الرياح".


ويشير يوسف إلى أن زراعة المساحات الصحراوية مشاريع ناجحة بشرط أن يكون المفاوض العراقي ناجحا يحسن التفاوض مع الشركات المستثمرة للحصول على حقوق البلد، وفي كل الأحوال زراعتها أفضل من بقائها أرض جرداء".


وبخصوص توفير المياه أكد يوسف، أن "العراق لديه خزين مياه كبير جدا في مناطق النجف وكربلاء والديوانية والسماوة، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى المياه الارضية في الوسط والجنوب حيث يدمر الاراضي الزراعية اذا لم يستخرج، كما يمكن استخدام مشاريع القنوات المبطنة لإيصالها إلى عمق الأراضي الصحراوية كما يمكن الإعتماد على الآبار لتوفير المياه أو كلتا الطريقتين حسب موقع الاراض".


يذكر أن لجنة الزراعة النيابية أكدت في وقت سابق سعيها لتشريع قانون خاص بتمليك الاراضي الصحراوية، والتي هي جزء مهم من عملية الحزام الأخضر التي تسعى اللجنة بالتعاون مع الوزارة ليشمل محافظات الوسط والجنوب، منوهة إلى أنها ستعمل مع وزارتي الزراعة والموارد المائية على انجاح مشروع التمليك من خلال توفير المياه وحفر الآبار واختيار المحاصيل الزراعية التي تزرع في هذه المناطق لتعزز من حالة الاكتفاء الذاتي وتوفر واردا جديدا للموازنة اضافة لما تدره من ارباح للمزارع والفلاح.