"لعبة" الطاقة

تقرير يتحدث عن تأثير انسحاب الصدر على خارطة الصراع الأميركي الروسي ودور إيران

ترجمة - IQ  

ربط تقرير بين ثلاثة أحداث وقعت مؤخراً تشير إلى تعزيز موسكو وطهران لموقعهما على حساب الولايات المتحدة الأميركية بما في ذلك الأحداث السياسية في العراق.


ويقول التقرير الذي أعده موقع "أويل برايس" الأميركي وترجمه IQ NEWS، إنّ النفوذ بات يتعلق بمسائل الطاقة بشكل أكبر.


وفيما يلي نص التقرير الذي ترجمه موقع IQ NEWS/


وقعت ثلاثة أحداث في الأسبوع الماضي أو نحو ذلك شملت إما إيران أو العراق بشكل منفصل، أو كليهما معاً، مما وضع روسيا في المقدمة في الشرق الأوسط، على حساب الولايات المتحدة. 


وحسب التوقيت، كانت هذه الأحداث كما يلي: سلسلة من الاجتماعات بين وزير الخارجية الروسي المخضرم، سيرغي لافروف، وكبار الشخصيات السياسية والعسكرية الإيرانية، بمن فيهم الرئيس إبراهيم رئيسي؛ انسحاب الزعيم الفعلي للبلاد منذ فترة طويلة، مقتدى الصدر، وكتلته السياسية المكونة من 73 عضواً، وهي أكبر مجموعة في الهيئة التشريعية، من البرلمان العراقي؛ والاتفاق على خارطة طريق تعاونية جديدة بين إيران والعراق.


فيما يتعلق بالنقطة الأولى، المتعلقة بروسيا، قبل الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشترك (JCPOA، أو بالعامية "الاتفاق النووي") في مايو 2018، استخدم الكرملين تخفيف القيود في الفترة التي سبقت ذلك الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عام 2015 لزيادة وجوده بشكل كبير في إيران، كما تم تحليله بعمق في كتابي الجديد عن أسواق النفط العالمية. وفي قطاع الطاقة وحده، وقعت شركة غازبرومنفت قبل عام 2018 اتفاقيات أولية لاستكشاف وتطوير الحقول لحقلي تشانغوله وشيشمه-خوش النفطيين، وزاروبيزنيفت لحقلي أبان وبيدار غرب، وتاتنفت لحقل دهلوران. وكانت هذه على رأس مذكرات التفاهم السابقة التي وقعتها لوك أويل وشركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC) لدراسة حقلي أب تيمور والمنصوري النفطيين.


والأهم من ذلك هو التوقيع المصاحب على مذكرة تفاهم من 22 نقطة بين نائب وزير البترول الإيراني، أمير حسين زمانينيا، ونائب وزير الطاقة الروسي، كيريل مولودتسوف، والتي لم تشمل فقط الدراسات والخطط لاستكشاف واستخراج النفط، ولكن أيضاً لنقل الغاز، وعمليات تبادل البتروكيماويات، والبحوث المتعلقة بتوريد وتسويق المنتجات البتروكيماوية، لتصنيع المعدات النفطية بالتعاون مع شركات الهندسة الإيرانية المحلية، ونقل التكنولوجيا في قطاع المصافي. 


كما كانت المناقشات جارية بحلول أوائل عام 2018 للتطورات المساعدة لمذكرة التفاهم هذه المكونة من 22 نقطة والتي شملت الاستخدام المزدوج للموانئ البحرية والمطارات الإيرانية من قبل روسيا للأغراض المدنية والعسكرية على حد سواء. ومع ذلك، تم تعليق هذه الخطط المساعدة بسبب انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة في مايو من ذلك العام، وتم إدخالها لاحقاً في نفس مفهوم الاستخدام المزدوج الوارد في الاتفاق التاريخي لمدة 25 عاماً بين إيران والصين، والذي تم الإبلاغ عنه لأول مرة في 3 سبتمبر 2019.


في الاجتماع الأخير في الأسبوع الماضي أو نحو ذلك، يشير مصدر مقرب من وزارة البترول الإيرانية أن: "لافروف ورئيسي ناقشا توسيع التعاون في جميع المجالات، بما يتماشى مع مذكرة التفاهم الأصلية [المكونة من 22 نقطة]". وأضاف المصدر: "شمل ذلك أيضاً التعاون اللوجستي لحركة البضائع، بما في ذلك عند الضرورة النفط والغاز والمنتجات ذات الصلة، سواء من إيران إلى روسيا أو روسيا إلى إيران، وكذلك عناصر التعاون المدني والعسكري الخاص [المزدوج الاستخدام] الذي تم الاتفاق عليه قبل أربع سنوات". 


وأشارت وزارة الخارجية الإيرانية نفسها إلى أن زيارة لافروف تهدف إلى: "توسيع التعاون مع المنطقة الأوراسية والقوقاز". وأضاف المصدر الإيراني أنّه في اجتماع 19 كانون الثاني بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني رئيسي، كان هناك "نقاش مستفيض" حول قيام روسيا أخيرا بتزويد إيران بنظام الدفاع الصاروخي S-400 وطائرات سوخوي سو-35 المقاتلة التي كانت تعد بها لعدة سنوات. 


وقد ربطت روسيا بشكل دائم طلبات المعدات العسكرية هذه من إيران بغيرها من مخاوفها الأمنية الخاصة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مع سوريا، على وجه الخصوص، وهي منطقة سعت فيها إيران وروسيا منذ فترة طويلة إلى التوصل إلى ترتيب عمل حاسم.


وفيما يتعلق بالنقطة الثانية، المتعلقة بالصدر في العراق، كان رجل الدين الراديكالي قد رأى منذ فترة طويلة فكرة الجمع بين كل العراق، بما في ذلك إقليم كردستان شبه المستقل في الشمال، وإنهاء النفوذ الأجنبي - بما في ذلك النفوذ الإيراني - كفلسفة سياسية رئيسية له. 


في الفترة التي سبقت انسحابه من البرلمان العراقي، والانسحاب اللاحق لأعضاء كتلته، كان الصدر يتطلع إلى إنشاء أول حكومة أغلبية حقيقية في البلاد منذ سقوط صدام حسين في عام 2003. وكان من المفترض أن يتم ذلك من خلال تحالف أبرم مع كتلة رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني. 


"كانت المشكلة الرئيسية بالنسبة للصدر هي أنه إذا كان هذا ناجحاً، لكان قد استبعد إطار التنسيقي [الذي تسيطر عليه إيران] من أي قوة شرعية، وروسيا أيضاً، نظرا لكراهية الصدر الشديدة لأي تدخل أجنبي في الشؤون العراقية"، قال المصدر الإيراني الأسبوع الماضي. 


وأضاف أن "روسيا تسيطر بشكل أساسي على قطاع النفط [العراقي] في كردستان منذ عام 2017، وتتطلع إلى البناء على ذلك لتوسيع نفوذها في جنوب البلاد، ولو نجحت خطة الصدر لدمرت ذلك". 


وتابع أنّ "لذلك، عدنا الآن إلى ما كنا عليه، مع عدم وجود شخصية قوة واضحة في العراق، وهي بالضبط الطريقة التي تريدها إيران وروسيا".


وفيما يتعلق بالنقطة الثالثة والأخيرة، المتعلقة بخارطة الطريق التعاونية الجديدة بين إيران والعراق، مع عدم وجود زعيم واضح في الأفق في بغداد، سارعت طهران إلى الإعلان عن العديد من المبادرات الرئيسية بين البلدين.


إنّ إحدى أهم الطرق لتأمين الطاقة في جميع أنحاء الشرق الأوسط هي تعزيز السيطرة على شبكة توزيع الطاقة - ليس فقط حركة الكهرباء، ولكن أيضا النفط والغاز - وكان هذا هو محور جميع خطط إيران الأخيرة، المدعومة بالكامل من الكرملين.


لقد شهدت روسيا بالفعل في أوروبا القوة التي تأتي من جعل البلدان تعتمد على صادراتها من النفط والغاز، والولايات المتحدة تعرف جيداً القوة التي تمتلكها إيران على العراق من خلال إمداداتها المستمرة من الكهرباء والغاز إلى العراق، والتي كانت سبباً في نقاش حاد بين واشنطن وبغداد لسنوات. وفي الأسبوع الماضي، صرح نائب وزير النفط العراقي للاستكشاف، باسم محمد، بأنه يجب إعداد خارطة طريق للخطوات والأهداف المستقبلية للعراق وإيران، مضيفاً: "قضية أخرى مهمة هي التكنولوجيا والمنتجات الإيرانية... على سبيل المثال، يتمتع هذا البلد بالفعل بقدرة عالية في العديد من القطاعات مثل كابلات الطاقة والأنابيب والتجهيزات والتقنيات الحديثة التي يمكن نقلها إلينا".


وتابع: "أكد الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية على مسألة التدريب ونقل التكنولوجيا والمعدات التقنية في تصريحاته... إن مسألة نقل الخبرات والتكنولوجيا مهمة للغاية ويجب أن نكون قادرين على التعاون في هذا المجال". 


وقال المصدر الإيراني إن خارطة الطريق الجديدة هذه لديها أيضاً "أوجه متصلة واضحة مع مجموعة الصفقات التي نوقشت بين [نائب رئيس الوزراء الروسي] ألكسندر نوفاك وكبار الإيرانيين في نهاية أيار، والتي تشمل مشاريع الطاقة والزراعة والنقل والمزيد من التعاون في القطاع المالي والمصرفي والنفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة النووية".