"التحرير" بلا خيام.. ناشطون يناقضون حديث "القائد" والأنظار تتجه لـ"الحبوبي"

بغداد - IQ

ساحة بعد ساحة وشارع يعقبه شارع، تقلصت خارطة التظاهرات في بغداد، حتى دخلت القوات الأمنية، فجر اليوم (31 تشرين الأول 2020)، إلى ساحة التحرير ومرّت بآلياتها العسكرية على جسر الجمهورية لتزيل الخيم وترفع "السواتر" التي كان يحتمي بها المتظاهرون من الرصاص والقنابل الدخانية القادمة صوبهم من الجانب الآخر.

قائد عمليات بغداد الفريق الركن قيس المحمداوي، وقف مع طلوع الضوء، بين "المطعم التركي" أو كما سمّاه متظاهرو تشرين "جبل أحد" وبين نصب الحرية في ساحة التحرير، مشرفاً على إعادة فتح هذا المكان الحيوي أمام حركة المارة، رافضاً استخدام مفردة "اقتحام" لتوصيف ما جرى، قائلاً، إن "هذا الوصف يُطلق على العدو وللأماكن المنيعة التي يُحتجز في بعضها رهائن" في حين أن قواته، والكلام له، دخلت إلى هنا بطلب من المتظاهرين لطرد "العصابات والخارجين عن القانون والمخدرات المسيئين للتظاهر".

وأشار المحمداوي، الذي كان جنوده يتوزعون حوله، وبعضهم منهمك في غسل الساحة وتفكيك حديد الخيام، إلى "اعتقال 17 شخصاً من أصحاب المخدرات والعصابات ومستخدمي القنابل اليدوية ممن يُعرفون بجماعة الخندق، بعد تشخصيهم وتحديد أماكن تواجدهم بالتعاون مع المتظاهرين السلميين وبناءً على جهد استخباري مميز".

ورغم أن أعداد المتظاهرين بدأت تقلّ منذ أشهر مع خروج أراء بضرورة وقف التظاهرات لإجراء مراجعة شاملة والتفكير بإمكانية تنظيم أحزاب وحركات سياسية تمثل "تشرين" في الانتخابات النيابية المبكرة المقرر إجراؤها في 6 حزيران 2021، إلاّ أن قسماً من الناشطين والمحتجين رفضوا الفكرة وارتأوا "الثبات" في التحرير حتى يكون المكان جاهزاً فيما لو عادت الحشود إليه مرة أخرى.

قبل أيام، عندما أحيا آلاف المتظاهرين ذكرى انطلاق تظاهرات 25 تشرين الأول 2019، بدا الكثير منهم واثقاً بأن الساحة مخترقة، وبعض الخيام مشتراة من قبل الأحزاب والشخصيات السياسية، ونظروا إلى المندفعين للتصادم مع القوات الأمنية بعين الريبة والشك، الأمر الذي دفعهم الى الانسحاب بشكل نهائي من الساحة، كما يفصح عن ذلك متظاهرون فضلوا عدم الاشارة الى أسمائهم.

يقول قائد عمليات بغداد، إن "علاقتنا مع المتظاهرين فوق الممتازة، ولا توجد أية إشكالية"، مضيفاً أن "هناك بعض الخيام يتطلب رفعها من الشارع العام، ثم نتفق مع المتظاهرين على إيجاد مكان ملائم لهم في أطراف ساحة التحرير أو حديقة الأمة أو مكان آخر".

كلام الفريق المحمداوي "الإيجابي" عن المتظاهرين تردد كثيراً على لسان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الذي أمر فور نيل حكومته ثقة البرلمان في أيار الماضي، بإطلاق سراح جميع المتظاهرين المعتقلين وشكّل لجنة لإحصاء قتلاهم وجراحهم وإرسال بعضهم إلى العلاج في الخارج مع إعلانه عزم حكومته إنشاء نصبين "يخلدان تشرين"، فضلاً عن اتخاذه ناشطين معروفين كمستشارين إليه.


إنه اقتحام بـ"القوة"

لكن على الجانب الآخر، يستخدم الناشط ضرغام ماجد لفظة "اقتحام" في حديثه لموقع IQNEWS عن دخول قطعات عمليات بغداد إلى ساحة التحرير فجر اليوم، قائلاً إنها "فضت الاعتصام ورفعت الخيم بالقوة بعد مطاردة قوات حفظ النظام للمتظاهرين واعتقال عدداً منهم".


ويلفت ماجد، إلى أن "اللجنة المركزية للتظاهرات ستعلن في الساعات القادمة رفضها أفعال حكومة الكاظمي، وستصاعد الموقف إلى المطالبة بإقالته ليأتي غيره باختيار الشعب العراقي، لأنه لم يف بوعوده وأخذ البلد باتجاه الهاوية، ولم يحاسب سراق المال العام في ظل انهيار الوضع الاقتصادي"، مشيراً إلى أن "اللجنة اجتمعت أمس الجمعة، في مختلف المحافظات لتدارس قضية رفع الخيم، وارتأت أن يتم التوجه في حال رفعها، نحو الخضراء أو أمام مبنى البرلمان".


ماذا عن "الحبوبي"؟

ومع تداول صور رفع خيام الاعتصام في ساحة التحرير، توجهت الأنظار في مواقع التواصل الاجتماعي الى ساحة الحبوبي في الناصرية- التي بنى المعتصمين فيها غرفاً من "البلوك" بدل خيام أحرقها مسلحون، اقتحموا الساحة فجر 27 كانون الثاني الماضي، على أنها ستكون "مركز تشرين الجديد".


"لن ينتهي الاحتجاج في ساحة التحرير وستبقى فعاليتها الأسبوعية.. وساحة الحبوبي مستمرة في الاعتصام والتجمع الضاغط"، يقول الناشط في الناصرية حسين الغرابي لموقع IQ NEWS، مذكّراً بأن هذه الساحة كررت في أكثر من مناسبة أنها لن تترك الاعتصام ما لم تتحقق مطالب تشرين، وتأخذ الحكومة خطوات جدية في هذا الاتجاه، إضافة إلى محاسبة قتلة المتظاهرين فعليا، والكشف عن مصير الناشط المختطف سجاد العراقي وحصر السلاح بيد الدولة".


ويؤكد الغرابي، الذي تعرّض منزله إلى تفجير قبل أسابيع "خروجنا إلى الشارع ليس لمجرد الابقاء على نشاطنا مستمراً، ولكن لتحقيق مطالبنا واهدافنا، وعندما تباشر الحكومة جديا بذلك سنترك ساحات الاعتصام حينها".

في بغداد، حظي إعادة فتح جسر الجمهورية وساحة التحرير أمام الحركة الاعتيادية بتفاعل واسع منذ الصباح على مواقع التواصل الاجتماعي، بعض المتفاعلين المتعاطفين مع التظاهرات، تحدثوا عن رمزية هذا المكان بعد الدماء التي سالت فيه والأحداث التي شهدها، وفيما قال قسم منهم، إنهم لن يمروا فيه كي لا "يدوسوا مكاناً سقط فيه متظاهر قتيل"، وأكد غيرهم، أن "تشرين فكرة وليست مجرد مكان"، أشاد آخرون بتلك الخطوة و"إعادة الحياة إلى طبيعتها"، ومنهم من هاجم التظاهرات.