الكاظمي إلى فرنسا.. هل يبعد شبح الحرب أو يحل أزمة الاقتصاد؟

بغداد - IQ


فيما بلغ التوتر أشده بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وبعض الفصائل المسلحة التي وضعت الوجود الأميركي بمجمله في مراصد صواريخها ذلك الحين، معطوفاً على الأزمة الاقتصادية التي سبّبتها جائحة كورونا، حطت طائرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 2 أيلول الماضي، ببغداد قادمة من بيروت المنكوبة بانفجار المرفأ، ما أثار اسئلة كثيرة عن التوقيت والمغزى والأجندة.


تحدّث ماكرون في بغداد حينها عن الأزمة الاقتصادية والتعاون المشترك ونحوه، وكان من شأن حديثه أن يكون مألوفا شأن ما يطرحه الضيوف في زياراتهم العادية، لولا طرح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال المؤتمر المشترك مسألة المفاعل النووي العراقي، مبيناً أنه ناقش مع ضيفه "مشروعا مستقبليا للطاقة النووية مخصصا للأغراض السلمية، وعلى رأسها انتاج الكهرباء.. حيث سيكون تحت إشراف المنظمة الدولية للطاقة الذرية وهيئة الطاقة الذرية الفرنسية".


بعدها، توجه الرئيس الفرنسي إلى أربيل ليدعو من هناك إلى نزع تدريجي لسلاح الفصائل، وصولاً إلى الحشد الشعبي، الأمر الذي أثار حفيظة جهات سياسية شيعية عدة رفضت "التدخل الفرنسي في شؤون العراق"، كما دعا حكومتي المركز والإقليم إلى الحوار لحل مشاكلها العالقة بالاستناد إلى الدستور.


قبل أيام توصّلت بغداد وأربيل إلى اتفاق - أثار جدلاً واسعاً- حول "تطبيع الأوضاع" في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، وتفاءل فيه مسؤولون كرد بوصفه تطبيقاً للمادة 140 من الدستور التي كانوا يكثرون الحديث عنها كلّما زادت حدة خلافاتهم مع ساكني المنطقة الخضراء.


"اقتصاد ممكن.. سياسة لا!"

وفي حين تمّر بغداد بظروف معقدة، سياسياً واقتصادياً، ينوي رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي التوجه إلى أوروبا قاصداً فرنسا كمحطة أولى، لتعود الاسئلة عن الدور الفرنسي إلى الواجهة من جديد، خاصة مع شيء من الضباب الذي يلف علاقة بغداد وواشنطن منذ إعلان الأخيرة نيتها إغلاق السفارة وتفعيل الخيار العسكري "دون رحمة" ضد فصائل شيعية تتهمها بتحقيق ما أراده المرشد الإيراني علي خامنئي ثأراً لجنراله المقتول في مطار بغداد قاسم سليماني ورفيقه المقرّب أبو مهدي المهندس والذي عبّر عنه صراحة: إخراج أميركا من غرب آسيا كله.


لهذه الأسباب، لا يهتمّ كثيرون للأزمة الاقتصادية قدر اهتمامهم بهذا الملف الذي يرتبط بمستوى تعقيده أو انفراجه بقوّة أزمة الاقتصاد العراقي أو انفراجها، وينظرون إلى خطوات الكاظمي في هذا الشأن أكثر من خطواته في ملفات أخرى.


في هذا الإطار، يقول الكاتب والمؤرخ العراقي المقيم في فرنسا حسن الزيدي، إن "فرنسا الدولة المهمة والعضو المؤسس بالأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ليست هي العنصر الفاعل في العراق خاصة بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، فالأميركان هم من أسقط صدّام وحطمّوا العراق بعدها، وبإمكانهم الآن تحجيم النفوذ الإيراني في العراق، لأنهم الجوهر في القضية العراقية".


لكن الزيدي، يوضح في حديثه لموقع IQ NEWS، قائلاً إن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب قلقٌ الآن ويحاول عدم خلق حرب جديدة، وهو مقدم على انتخابات بعد أقل من شهر، عكس من يريد إحراجه وجرّه إلى مأزق في العراق بهذا التوقيت الحرج بالنسبة له"، مشيراً إلى أن "زيارة الكاظمي إلى فرنسا بروتوكولية لا يُعول عليها في هذا الجانب، ورغم أن لها جنبات اقتصادية تخص النفط وشركة توتال، لكنها لن تجدي نفعاً كثيراً في الواقع".


ويستدعي المؤرخ العراقي "فشل" ماكرون ومبادراته السياسية في لبنان التي قدمها لحل أزمة ما بعد انفجار المرفأ، و"الحضور القوي لأميركا هناك وإشرافها على تقسيم الحدود البحرية مع إسرائيل" للتدليل على "ضرورة توجه العراق إلى أميركا" دون البقية، ومع ذلك يتساءل حسن الزيدي: "إذا كانت أزمتنا أصلاً هي أزمة داخلية وأطرافها موجودون في بغداد، لماذا نبحث عن حلول في الخارج؟".


ومن المقرر أن تشمل الجولة الأوروبية المرتقبة للكاظمي دولاً عدة إضافة إلى فرنسا، وبينها من يرتبط موقفها من إبقاء بعثاتها الدبلوماسية في العراق أو سحبها بما تقرّره واشنطن بشأن سفارتها.