هل يمكن رفع الأثقال وبناء عضلات مع التقدم في السن؟

بغداد - IQ  


وجدت دراسة جديدة ركزت على تمارين المقاومة، أن أشخاصا في الثمانينات والتسعينات من العمر - والذين لم يمارسوا تدريبات الأثقال من قبل- حققوا نتائج مبهرة بعد أن خضغوا لبرنامج رياضي يرفعون فيه الأوزان 3 مرات في الأسبوع، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.


وقال الباحث في مجال التمارين الرياضية في معهد كارولينسكا في السويد، تومي لوندبيرغ، والذي لم يشارك في الدراسة: "يظهر ذلك أن كبار السن الأصحاء يمكنهم بالتأكيد الاستجابة لتدريبات المقاومة، وأن عضلاتهم لا تزال مرنة".


وقال لوندبيرغ إن البحث يظهر أنه "لم يفت الأوان بعد بالنسبة لكبار السن، للبدء في رفع الأثقال، وبالتالي يمكنهم زيادة حجم عضلاتهم وقوتهم".


وبحسب الباحثين، فإن الأهم من ذلك كله، أن الدراسة تشير إلى أن "تصوراتنا لما هو ممكن جسديًا في سن الشيخوخة، قد تحتاج أيضًا إلى التحديث".


وفي هذا الصدد، قال كبير مؤلفي الدراسة الجديدة، أستاذ علم الأحياء البشري في جامعة ماستريخت الهولندية، لوك فان لون: "يُفترض في كثير من الأحيان أن كبار السن، لاسيما الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاما، هم أقل عرضة لاكتساب كتلة العضلات والقوة". 


وقد ترسخت هذه الفكرة جزئيًا لأن كبار السن نادرًا ما تتم دراستهم، فغالبًا ما كانت الأبحاث السابقة المتعلقة بتدريب الأثقال تحدد أعمار المتطوعين بحوالي 75 عامًا كحد أقصى، بسبب المخاوف من عدم قدرة كبار السن على التعامل مع التدريب، أو أن عضلاتهم لن تستجيب للمقاومة إذا تمكنوا من رفع الأثقال.


لكن فان لون ومن شاركوا بالدراسة معه، لم يقتنعوا بتلك النظريات السابقة، مؤكدين أن "الأنسجة العضلية تتغير باستمرار طوال حياتنا"، وعليه" لماذا لا تقوى وتنمو عضلات الشخص الثمانيني كما يحدث مع رجل يبلغ من العمر 65 عامًا؟".


وللتحقق من هذه الفكرة، قام هو وزملاؤه بإخضاع 29 رجلاً وامرأة يتمتعون بصحة جيدة من كبار السن للدراسة، وذلك بعد تقسيمهم إلى مجموعتين. 


وضمت المجموعة الأولى 17 شخصا تتراوح أعمارهم بين 65 و75 عاما، بينما كانت أعمار المشاركين في المجموعة الثانية لا تقل عن 85 عاما. 


ولم يسبق لأي شخص شارك في الدراسة أن مارس رياضات فيها رفع أثقال بشكل منتظم، كما أنهم لا يعانون من أمراض منهكة للجسد.


ورفع المتطوعون الأثقال 3 مرات في الأسبوع لمدة 12 أسبوعًا، في جلسات خاضعة للإشراف، باستخدام أوزان تصل إلى 80 بالمئة من إمكانياتهم الجسدية.
وهذا البرنامج أكثر كثافة مما قد يتوقع بعض الأشخاص أن يتحمله كبار السن، لكن المتطوعين "أحبوا المشاركة في تلك التجربة"، كما قال غابرييل نصر، الأستاذ المشارك في جامعة لا فرونتيرا في تشيلي، والذي شارك في تلك الدارسة.


وقد استجابت كل من المجموعتين "الأصغر سنا" و"الأكبر سنا" بقوة لهذا التمرين، مما فاجأ الباحثين إلى حد ما.


وقال نصر إنه قبل بدء الدراسة، توقع هو وزملاؤه أن يكتسب كبار السن من الرجال والنساء القوة والكتلة العضلية، لكن بدرجة أقل مما هو عليه بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و75 عامًا.


ومع ذلك، بعد 3 أشهر، اكتسب الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 85 عامًا فما فوق المزيد من اللياقة والكتلة العضيلة مقارنة بالمجموعة الأصغر سنًا، مما أضاف متوسطًا قدره 11 في المئة إلى كتلة العضلات و46 بالمئة إلى القوة واللياقة.


في المقابل، حصلت الفئة الأصغر سنا على 10 بالمئة من الكتلة العضلية ومن العضلات و38 بالمئة زيادة في القوة واللياقة.


كما تحسنت نتائج كبار السن من الرجال والنساء في اختبار لقدرتهم على النهوض من الكرسي والتحرك بنحو 13 في المئة، مقابل 8 في المائة في المجموعات الأصغر سنا.


ويعتقد الباحثون أن المكاسب النسبية الأكبر للمجموعة الأكبر سنا ترجع جزئيا إلى أنهم أمضوا عقدا إضافيا من انخفاض حجم العضلات وقوتها، مقارنة بالأصغر سنا، ولذلك جاءت النسب عندهم أكبر.


الأوان.. لم يفت
وقال مايكل روبرتس، أستاذ علم الحركة في جامعة أوبورن في ألاباما، الذي درس تمارين المقاومة على نطاق واسع، إن النتائج تظهر بشكل مقنع أنه "لم يفت الأوان بعد لبدء التدريب".


وأضاف أن تحسن القدرة على الحركة لدى المجموعة الأكبر سنا كان مشجعا بشكل خاص، لأن "فقدان الوظيفة البدنية هو في نهاية المطاف ما يحدد الضعف".


لكن تلك النتائج لها بعض المحاذير، فالدراسة كانت صغيرة واستمرت لمدة 3 أشهر فقط. 


وبالإضافة إلى ذلك، تم الإشراف على التدريب، مع مراقبة التمارين والأحمال وتعديلها حسب الحاجة، وبالتالي فإن هذا مستوى من الاهتمام قد يكون من الصعب تكراره بالنسبة للأشخاص العاديين.


ولا تهدف الدراسة أيضًا إلى منح أي تفويض مطلق لكبار السن في بدء التدريبات، إذ أكد نصر: "من الأفضل البدء في سن مبكرة، والاستمرار في ذلك طوال الحياة".


ولعل الأهم من ذلك هو أن كبار السن من الرجال والنساء الذين انضموا إلى الدراسة كانوا يتمتعون بصحة جيدة بالنسبة لأعمارهم، وبناء عليه، فقد يكون من غير الواقعي بالنسبة لبعض كبار السن الذين يعانون من أمراض خطيرة أو إعاقات أن يقوموا برفع الأثقال.
وشدد نصر، على ضرورة أن يستشير كبار السن الطبيب قبل ممارسة تلك الرياضات، لتحديد البرنامج الأمثل لهم.


وقال فان لون إن النتيجة الرئيسية للدراسة، هي: "يبدو أنه لا يوجد حد عمري أو توقف صارم لقدرة أجسامنا على التكيف والتحسن".