"فخ سناب باك".. تراشق بين لافروف وظريف واتهامات بتسريب معلومات

بغداد - IQ  

تسببت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، التي اتهم فيها وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف بنصب "فخ قانوني" لطهران عبر آلية "سناب باك"، في تصاعد الجدل بين البلدين، فيما سارع ظريف لنفي هذه المزاعم، متهماً موسكو بـ"تسريب معلومات حساسة" عن بلاده.

وجاءت تصريحات لافروف خلال مؤتمر صحافي في موسكو، يوم 13 أكتوبر الجاري، رداً على تصريحات سابقة منسوبة لظريف قال فيها إن روسيا "أضعفت الجهود الإيرانية" خلال فترة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني للتوصل إلى اتفاق نووي دائم مع الغرب.

وردّ لافروف قائلاً إن "القرار النهائي بشأن الاتفاق النووي (لعام 2015) اتُّخذ مباشرة بين محمد جواد ظريف وجون كيري"، وزير الخارجية الأميركي آنذاك، مشيراً إلى أن روسيا "لم تكن جزءاً من التفاصيل النهائية، بل فوجئت لاحقاً بالبند الخاص بإعادة فرض العقوبات تلقائياً".

وأضاف لافروف: "لكن عندما قبل شركاؤنا الإيرانيون بهذه الصيغة، التي كانت بصراحة فخاً، لم يكن لدينا حينها أساس للاعتراض".

"تشويه الحقائق"

وفي رده على تصريحات لافروف، اتهم ظريف وزير الخارجية الروسي بـ"تشويه الحقائق" بشأن آلية "سناب باك"، قائلاً إن هذا البند في الاتفاق النووي جاء بديلاً عن اقتراح "سيئ جداً" قدّمه الروس والفرنسيون خلال المفاوضات.

وأضاف ظريف خلال مؤتمر في طهران، مساء الخميس: "ذلك المقترح كان سيئاً جداً، وقد بذلنا جهداً كبيراً لإبعاده عن طاولة المفاوضات"، بحسب ما أوردت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية.

و ذكر ظريف أن واشنطن كانت قد طرحت "اقتراحاً بديلاً سيئاً"، مضيفاً: "في أحد الأيام جاء كيري ومعه ورقة تقترح تعليق قرارات مجلس الأمن كل ستة أشهر، بحيث تمدد تلقائياً ما لم يطلب عضوان في المجلس التصويت مجدداً".

وتابع ظريف: "قلت لكيري: ما هذا الاقتراح؟ أتهين ذكائي؟ فقال لي: لا، لم أقدمه أنا، بل هو من صديقك لافروف".

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن روسيا أبلغت طهران برسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، والتي قال فيها إنه لا يخطط لشنّ هجوم جديد على إيران.

"روسيا سرّبت معلومات حساسة"

وتابع ظريف هجومه على موسكو، واتهمها بتسريب "معلومات حساسة" عن زيارة قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني إلى موسكو، وكذلك عن صفقة الطائرات المسيّرة الإيرانية، التي استخدمتها روسيا في حربها على أوكرانيا.

وقال ظريف: "هم من أفشوا تلك المعلومات بأنفسهم".

ورغم تأكيد ظريف أنه لا يزال يرى أهمية وجود "علاقات استراتيجية" مع روسيا والصين، لكنه اعتبر أنهما "لا يفعلان شيئاً من أجلنا".

واتهم ظريف روسيا بأنها "سعت طويلاً إلى منع إيران من إقامة علاقات طبيعية مع العالم".

وقال ظريف إن لدى موسكو "خطّين أحمرين" في سياستها تجاه إيران، مضيفاً أن أول هذه الخطوط هو "أن لا تتمتع إيران بعلاقات طبيعية مع العالم"، والثاني أن "لا تدخل في مواجهة مباشرة معه".

وأضاف ظريف: "لهذا السبب دعمت روسيا اتفاق جنيف المؤقت، لأنه أبقى الجرح مفتوحاً، لكنه في الوقت ذاته منع وقوع صراع مباشر".

"لعبة موسكو"

وأوضح ظريف أن عدداً كبيراً من السياسيين الإيرانيين كانوا يرون في الاتفاق المؤقت "خطوة إيجابية" نحو تسوية الملف النووي، إلا أن الأمور تغيّرت مع انطلاق المفاوضات الشاملة، حيث "بدأت لعبة موسكو"، على حدّ وصفه.

وذكر أن "الاتفاق المؤقت حدّد احتياجات إيران من تخصيب اليورانيوم لتشغيل محطة بوشهر بنحو 190 ألف وحدة سو"، وأن "منشأة نطنز خُصصت لتلبية هذا الهدف، غير أن الجانب الروسي اقترح في بداية المفاوضات الشاملة تولّي موسكو مسؤولية توفير كامل وقود بوشهر طيلة فترة عملها، ما يعني عملياً نزع حاجة إيران إلى إنتاج الوقود النووي بنفسها".

وأضاف ظريف أن "الوفد الإيراني رفض هذا الطرح قائلاً: هل يُفترض أن نظل معتمدين على روسيا إلى الأبد؟"، مشيراً إلى أن موسكو ردّت بأنها "لن تصادق على سلامة مفاعل بوشهر في حال استخدمت إيران وقوداً محلي الصنع".

وأضاف أن الروس اتخذوا هذا الموقف "لأنهم كانوا يعلمون أنه في حال نجاح الاتفاق النووي ستصبح علاقات إيران مع العالم طبيعية، وهو ما اعتبرته موسكو خطاً أحمر في استراتيجيتها تجاه طهران".

"لماذا دعّم ظريف هذه الصيغة؟"

لافروف وخلال تصريحاته، اعتبر أن موقف موسكو الداعم للاتفاق النووي ولقرار مجلس الأمن 2231 لم يتغير مطلقاً، مشيراً خلال المؤتمر الصحافي في موسكو، إلى أن الاتفاق تم اتخاذه مباشرة بين ظريف وجون كيري، وفق ما أوردت وكالة "تاس" الروسية.

وأضاف: "لم ننحرف أبداً عن موقفنا الداعم لهذا الاتفاق النووي، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2231. الجميع يدرك ذلك جيداً"، مندداً بقرار فرنسا وبريطانيا وألمانيا تفعيل آلية "سناب باك"، وعودة العقوبات الأممية على إيران.

وكانت هذه الدول الثلاث، بدعم من الولايات المتحدة، أعلنت الشهر الماضي إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بسبب أنشطتها النووية.

في المقابل، أعلنت روسيا والصين أنهما لا تعترفان بشرعية هذا الإجراء.

وتابع لافروف قائلاً: "يُمكنني أن أفهم لماذا دعّم ظريف مثل هذه الصيغة غير التقليدية، إيران لم تكن تنوي انتهاك الاتفاق، وكانت واثقة بأنه لن يتهمها أحد بذلك"، وفق ما أوردت صحيفة "الشرق الأوسط".

وأضاف لافروف أن "ما حدث لاحقاً هو أنّ إيران التزمت، لكن الولايات المتحدة انسحبت، والأوروبيون عجزوا عن الوفاء بالتزاماتهم، ليعودوا لاحقاً للمطالبة بتنازلات جديدة".

وشدّد لافروف على أن "إيران لم تخرق الاتفاق"، لكن قبولها بصيغة "سناب باك" التي تقضي بإعادة العقوبات تلقائياً في حال الإخلال ببنود الاتفاق، فتح الباب أمام استخدام سياسي غربي ضدها، رغم التزامها.

"عرقلة الاتفاق النووي"

وكان لافروف يرد على تصريحات ظريف خلال مقابلة أجراها في مارس 2021 مع الخبير الاقتصادي سعيد ليلاز، والتي انتقد فيها بشكل لافت سلوك موسكو، متهماً روسيا بأنها "سعت لعرقلة التوصل إلى الاتفاق النووي في أيامه الأخيرة"، قائلاً إن "الروس لم يكونوا يعتقدون أن الاتفاق سينجح".

كما أشار ظريف إلى أنه نشر العديد من تفاصيل كواليس هذه المفاوضات في كتابه "الأسرار المقفلة".

ويتعرض ظريف منذ سنوات لانتقادات من التيار المحافظ في إيران لقبوله آلية "سناب باك" ضمن اتفاق "خطة العمل المشتركة الشاملة" (JCPOA) لعام 2015، والتي يرون أنها سمحت بإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران.

وفي الشهر الماضي، فعّلت فرنسا وألمانيا وبريطانيا هذه الآلية، ما أدى إلى إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، بسبب أنشطتها النووية، بعد اتهام طهران بعرقلة عمليات التفتيش ورفضها المسار الدبلوماسي، رغم تعرضها لهجوم إسرائيلي وسط المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.

وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 خلال الفترة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وردت إيران بتقليص التزاماتها تدريجياً، قبل أن تبدأ في عام 2019 تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى مما يسمح به الاتفاق.

أخر الأخبار

الأكثر قراءة