"مقابر بلا رؤوس".. هل ينجح العراق بإحياء ثاني أكبر الموارد بعد النفط؟

بغداد - IQ  

تشكل الآلاف من أشجار النخيل الصغيرة، الرمز الوطني للعراق، خطوطاً تمتد من حافة الصحراء بالقرب من مدينة كربلاء المركزية نحو أفق الصحراء.


وتعد أشجار العراق الثمينة محورية في حملة تهدف إلى الحفاظ على ثقافة الأجداد المهددة منذ فترة طويلة، والتي قدمت ثمارها تاريخياً الازدهار في جميع أنحاء العالم العربي.


"نخيل التمر هي رمز وفخر العراق"، يقول محمد أبو المعالي، المدير التجاري في مزرعة "فدك" للتمور.


كان العراق يعرف سابقاً باسم "بلد 30 مليون شجرة نخيل"، وموطن لـ 600 نوع من الفاكهة، وقد عانى إنتاج التمور في العراق من عقود من الصراع والتحديات البيئية، بما في ذلك الجفاف والتصحر والتملح.


مزرعة "فدك"، التي أخذت اسمها من واحة إسلامية مليئة بالتمور، هي مزرعة مساحتها 500 هكتار (1,235 فداناً) تديرها العتبة الحسينية في مدينة كربلاء.


ويأمل أبو المعالي أن يؤدي المشروع، الذي أطلق في عام 2016، إلى "إعادة هذه الثقافة إلى ما كانت عليه من قبل".


ويبيّن أن البستان هو مستودع "لأكثر من 90 نوعاً من التمور، عراقية وأيضاً عربية"، من الخليج وشمال أفريقيا.


تعد الأصناف العراقية من بين "أندر وأفضل" وتم جمعها من جميع أنحاء البلاد.


ومن بين 30 ألف شجرة مزروعة في "فدك"، هناك أكثر من 6000 شجرة تنتج الفاكهة بالفعل، وفقا لأبو المعالي.


ويتوقع أن يصل حصاد هذا العام إلى 60 طناً، بزيادة ثلاثة أضعاف عن عام 2021.


تقف صفوف الأشجار الجديدة في مزرعة "فدك" في تناقض صارخ مع حالة المزارع في أجزاء أخرى من البلاد.



"مثل المقبرة"


المشهد في "فدك" مع الأشجار ذات المياه الجيدة بعيد كل البعد عن مزارع البصرة، التي كانت ذات يوم مركزاً لإنتاج التمور في جنوب العراق.


تظهر في البصرة ندوب المناظر الطبيعية مع جذوع نحيلة من أشجار النخيل مقطوعة الرأس.


وفي منطقة شط العرب، حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات، دمرت بغداد مساحات كاملة خلال حربها مع إيران بين عامي 1980 – 1988.


في كثير من الأحيان كانت جذوع أشجار النخيل المقطوعة تستخدم لملء ودفن قنوات الري التي جفت وأصبحت غير مستخدمة. "تبدو وكأنها مقبرة"، يقول المهندس الزراعي علاء البدران.


ووفقا له، انخفض عدد أشجار النخيل في المنطقة من ستة ملايين، قبل الحرب العراقية الإيرانية، إلى أقل من ثلاثة ملايين اليوم.


ويقول بدران إن "ملوحة مياه شط العرب والأرض" تشكل الآن تحدياً أكبر.


"الحل هو أنظمة الري بالتنقيط وتحلية المياه. لكن هذا يمكن أن يكون باهظ الثمن"، كما يقول أحمد العوض، الذي كانت عائلته تمتلك 200 نخلة في المنطقة، لكن لم يتبق لديها سوى 50 شجرة.


تدعي وزارة الزراعة العراقية إحراز بعض التقدم في معالجة انخفاض إنتاج نخيل التمر.


"في السنوات العشر الماضية انتقلنا من 11 مليون شجرة نخيل إلى 17 مليوناً"، يقول هادي الياسري، المتحدث باسم الوزير.


تم إطلاق برنامج حكومي لإنقاذ نخيل التمر في عام 2010، ولكن بعد ثماني سنوات تم وضعه على الرف بسبب نقص الأموال، كما يقول الياسريلكنه يتوقع إعادة إطلاقه، حيث من المقرر إدراج أموال جديدة في الميزانية الحكومية المقبلة.


تحويلات المنبع


ووفقا للأرقام الرسمية، صدر العراق ما يقرب من 600 ألف طن من التمور في عام 2021والفاكهة هي ثاني أكبر سلعة تصديرية في البلاد بعد النفط، وفقا للبنك الدولي.


"مع تزايد الطلب العالمي، ينبغي مواصلة المبادرات الجارية في العراق بشأن تحسين الجودة"، يقول تقرير حديث للبنك الدولي.


وفي حين أن الصادرات تكسب الاقتصاد الوطني 120 مليون دولار سنوياً، تأسف المنظمة لأن الكثير من محصول العراق يباع إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث يتم إعادة تعبئة التمور وإعادة تصديرها بأسعار أعلى.


في بلدة بدرة، على الحدود الشرقية للعراق مع إيران، تظهر الندوب أيضاً في بساتين التخيل مقطوعة الرأس.


لأكثر من عقد من الزمان، اشتكى المسؤولون من ندرة إمدادات المياه، واتهموا إيران بتحويل مجرى نهر ميرزاباد إلى أعلى المنبع، المعروف محليا باسم "الكرال".


"تاريخ بدرة لا يضاهى"، يقول موسى محسن الذي يمتلك حوالي 800 شجرة نخيل تمر.


ويتذكر قائلاً: "في السابق، كانت المياه تأتي من إيران. كانت بدرة مثل البحر، لكن الآن للري نعتمد على الآبار".



المصدر: فرانس برس 

ترجمة: IQ NEWS