وظائف قد تختفي في كرة القدم بسبب الذكاء الاصطناعي

متابعة - IQ  

يومًا بعد يوم تزداد قدرات الذكاء الاصطناعي، وينقسم الناس في آرائهم وتوقعاتهم ما بين أراء سلبية، ترى أن الذكاء الاصطناعي يهدد بتلاشي العديد من الوظائف، وبين آراء إيجابية ترى أنه يمكن تحقيق المزيد من المكاسب المادية في المستقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.


في كرة القدم، هناك ناديان يستخدمان الذكاء الاصطناعي أحدهما في إنجلترا والآخر في إسبانيا وتشكل كل تجربة منهما توجهاً يراه البعض سلبياً والآخر إيجابياً.

تجربة إنجليزية جديدة وفريدة
في إنجلترا، شهدت كرة القدم خلال الأيام الماضية تجربة فريدة من نوعها، قام بها مسؤولون في نادي "برايتون آند هوف ألبيون"، باستخدام برنامج "شات جي بي تي" لاختيار أفضل تشكيل للفريق على مدار تاريخه.
المفاجأة أن التطبيق الذي بات حديث العالم، اختار بالفعل أفضل تشكيلة للفريق كما نصح بضرورة أن يلعب الفريق بخطة 4-3-3 التي تناسب كل اللاعبين الذين تم اختيارهم في التشكيل.
موقع "ساسيكس وورلد" وصف النتيجة بأنها رسالة واضحة جداً، مفادها أن الذكاء الاصطناعي دخل حياتنا إما لإيذائنا أو إغوائنا"، في إشارة إلى تأثر مهنة التدريب بالسلب في المستقبل.
لكن ماذا عن رأي المدربين أنفسهم، وكيف يرون مستقبل التدريب في ظل انتشار الذكاء الاصطناعي على كافة مناحي الحياة؟
الإسباني "أنخل لوبيز" مدرب فريق "باوك" اليوناني السابق صرح لـ"اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنه لا يمكن الحكم مُبكراً على ما قد يُحدثه التطور المتلاحق في عالم الذكاء الاصطناعي على كرة القدم، وتحديداً في مجال التدريب، مضيفاً أن جميع الأندية الكبرى في أوروبا تستخدم منذ سنوات تقنيات متطورة في تحليل أداء اللاعبين داخل الملعب، لذا فإن أي مدرب يجلب معه محلل أداء في فريقه، لا يقتصر دوره على تحليل فريقه فقط، بل تحليل كل بيانات الفريق المنافس لوضع تصور كامل أمام المدرب ليقرر خطته داخل الملعب.
كبار المدربين يلجأون للبيانات
أما علاء حسب الله، المدرب العام لفريق "حرس الحدود المصري"، فأكد لـ"اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن تجربة نادي "برايتون آند هوف ألبيون" الإنجليزي مثيرة للاهتمام وجرس إنذار لكل المدربين حول العالم بأهمية تطوير أنفسهم والخضوع للمزيد من الدورات الخاصة بتحليل البيانات كما يفعل "جوزيب غوارديولا" مع مانشستر سيتي ومنذ أن كان مدرباً لبرشلونة، مُضيفاً أنه عاصر دورات تدريبية لغوارديولا كان يعتمد فيها على البيانات التفصيلية التي يوفرها له محلل الأداء.
وشدد المدرب المصري على ضرورة أن تهتم الاتحادات المحلية في الدول العربية باللحاق بهذا التطور الهائل من خلال ابتعاث المدربين لأوروبا للحصول على دورات في الأندية الأوروبية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي في برشلونة
ويعتبر نادي برشلونة واحداً من رواد الأندية في العالم التي عرفت طريق الذكاء الاصطناعي مبكراً، ويعقد من حين إلى آخر مؤتمرات كبيرة تتعلق بالذكاء الاصطناعي ودوره في مستقبل كرة القدم، كان آخرها في فبراير الماضي.
وأبرز ما توصل إليه المؤتمر هو قدرة خوارزميات الذكاء الاصطناعي على المساهمة الفعالة ومساعدة محللي الأداء في كل فريق، وذلك من خلال تقديم تحليلات تنبؤية وتفصيلية للمباريات المستقبلية.

وأشار المؤتمر أن أول لعبة دخلها الذكاء الاصطناعي كانت لعبة "الشطرنج" لكن كرة القدم أصعب كثيراً لأنها تعتمد على حركة أحد عشر لاعباً عكس الشطرنج التي تعتمد على قطع غير متحركة.
النموذج البرشلوني يتضح في وجود مركز خاص للحوسبة الفائقة  (BSC) داخل النادي، والذي تم استخدامه في تطوير الأداء الرقمي في ملعب النادي، حيث يتم الاستعانة بـ"خوارزميات الذكاء الاصطناعي" لرسم ووصف الحركة الطبيعية للجمهور قبل حضوره المباريات، مما يسمح لمنظمي المباراة في برشلونة بالتنبؤ الخاص بأماكن تدفقات الجماهير الحاضرة للملعب، والعقبات التي تواجه بعض الجماهير في الدخول، حيث تساعد هذه الخوارزميات على تقديم الحلول المُبكرة للمسؤولين في النادي لمواجهة أي مشاكل يتم التنبؤ بها داخل وخارج أسوار الملعب.
مكاسب مالية مستقبلية متوقعة
مدير قسم الذكاء الاصطناعي والأبحاث في نادي برشلونة "جوردي مومبارت" أكد في لقاء مع قناة برشلونة يوم الثلاثاء الماضي أن الذكاء الاصطناعي والبيانات سيغيرون العالم وكرة القدم ليست بمنأى عن ذلك، مضيفاً أن العالم منذ خمس سنوات تقريباً لم يكن ليصدق ما يراه حالياً من تأثير الآلات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، ويعتبره نوع من الخيال، الآن وقد أصبح ذلك حقيقة، فإن كرة القدم ستتأثر بشكل إيجابي من هذه التقنيات الحديثة التي ستساعد أصحاب القرار في الأندية وفي الملعب على اتخاذ قرارات سليمة إلى حد كبير.

وأكد أن الأصول الرئيسية للنادي يمكن تحويلها في المستقبل إلى دخل وفرص تجارية، حيث استعرض مصادر الدخل التقليدية لأي نادي وهي أربعة  مصادر: التذاكر وكل ما يحدث حول يوم المباراة من مبيعات، وحقوق البث التلفزيوني والرعاية، لكنه كشف أن برشلونة لديه الآن ثلاثة أصول أخرى للدخل المالي في المستقبل هي: المعرفة والبيانات والأصول الرقمية (الصور ومقاطع الفيديو).
وأوضح "مومبارت" أن النادي يمتلك حجم هائل من البيانات التي إذا تمت معالجتها بالذكاء الاصطناعي، فسيؤدي ذلك إلى إنتاج منتجات وخدمات جديدة مفيدة للنادي على المستوى المادي، مُضيفاً أن الذكاء الاصطناعي هو تطوير الخوارزميات وبرامج الكمبيوتر، التي تسمح بأداء المهام التي تتطلب عادة الذكاء البشري. مثال على ذلك هو "شات جي بي تي" الشهير الذي يسمح لأعضاء النادي حالياً بإجراء محادثات ذكية مع الجهاز.
وأكد على أن الذكاء الاصطناعي هو أداة موجودة بالفعل في جميع مناطق النادي تقريباً، فمثلاً في الجانب الرياضيتوجد أدوات لتحليل بيانات المباريات واكتشاف نقاط القوة والخلل، والعمل على التنبؤ بالمباريات المقبلة من خلال ضخ معلومات عن الفريق المنافس في برنامج مثل "شات جي بي تي".
 الرياضة ستربح من الذكاء الاصطناعي
الألماني "مارفن فون هاغين" المتخصص في الذكاء الاصطناعي، والمُتدرب في تحليل البيانات الخوارزمية في شركة "تسلا"، صرح لـ"اقتصاد سكاي نيوز عربية، أنه يعتقد أن كرة القدم ستستفيد من الذكاء الاصطناعي شأنها شأن باقي الألعاب الأخرى على عدة مستويات هي:

  • بالنسبة للاعبين: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات اللاعب، وتحديد أهداف وطرق خطط الفرق المنافسة، بالإضافة إلى تقديم حلول وطرق لتحسين أداء الفريق.
  • الإصابات والوقاية منها: حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ باحتمالية الإصابة، وتقديم التوصيات للوقاية منها.
  • التحليل الخططي: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل خطط الفريق الخصم، وتقديم رؤى للمدرب حول كيفية صياغة استراتيجية اللعب التي تمنحه الفوز على المنافس.
  • مساعدة الحكام: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مساعدة الحكام في اتخاذ القرارات الصحيحة، مثل أزمات التسلل وركلات الجزاء وهي تقنية أعلى وأكثر تطوراً من تقنية الفيديو (VAR) المستخدمة حالياً.
ويرى "فون هاغين" أن الحديث عن اختفاء بعض الوظائف في مجال الرياضة مستقبلا مثل المدربين، بسبب استخدام الأندية للذكاء الاصطناعي هو أمر غير صحيح، مُضيفاً أن العكس هو الصحيح، حيث سيتم خلق مزيد من الفرص الوظيفية الجديدة والمبتكرة، لأن أدوات الذكاء الاصطناعي هي عوامل مساعدة وليس عوامل بديلة بشكل كامل سواء في التحكيم أو التدريب.