في أول موجة أمطار... الناصرية تستذكر حقب الفساد وتندد بالخراب "صور"

ذي قار - IQ  


مع غرق شوارعها وأسواقها بفعل مياه الأمطار وبالتالي طفح المجاري، استذكر الكثير من سكان مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، حقب "الفساد" التي سببت لهم متاعب تزداد حدتها وتتفاقم عند دخول فصل الشتاء وهطول الأمطار الغزيرة.


وأدى غرق الشوارع بعد هطول الأمطار في أرجاء كبيرة من محافظة ذي قار، منذ منتصف ليلة الأربعاء – الخميس، إلى تعطل كثير من أعمال ومشاريع المواطنين والطبقات العاملة بعدما حال "الغرق" وتحول بعض الأماكن إلى برك من الطين أمام خروجهم من منازلهم.


وأظهرت صوراً ومقاطع فيديوية من الناصرية، مركز محافظة ذي قار، كيف عانى المواطنون من المياه التي غطت مساحات كبيرة من الشوارع، وتعطل بعض السيارات بفعل المياه التي اقتحمت محال تجارية، فيما يعتبر قطاع واسع من المواطنين الجهود الحكومية المبذولة لمواجهة هذا الواقع بـأنها "بسيطة".




وتنوعت ردود الفعل الشعبية إزاء ذلك بين الانتقاد الغاضب لمسؤولي المحافظة وممثليها في البرلمان، وبين السخرية.


ناشطون ومدنون كتبوا تدوينات غاضبة في مواقع التواصل الاجتماعي، مستذكرين فيها الفساد والفشل الذي أودى بالمنظومة الخدمية إلى "هذا الحال"، حيث احصوا مسؤولي الحكومات المحلية المتعاقبة، قائلين إنهم "فشلوا في إنشاء بنى تحتية تحتمل ولو قدر متوسط من الأمطار، مثل التي هطلت اليوم".


وكتب المدون أسعد عادل: "لانحتاج أن ننتظر المطر فتغرق الشوارع كي نجزم أن أصحاب القرار فاشلون.. الفشل واضح دون حاجة لدليل".



فيما كتب المدون محسن الغرابي، قائلا: "بعد أن أنفقت مئات المليارات على مجاري المدينة، بعد أن تقاسمها اللصوص ما بين مسؤول ومقاول فاسدين باعوا مدينتهم، ها نحن اليوم نشاهد الشوارع غارقة في المياه".


من جانبه، عدّ الناشط محمد التميمي، في منشور على فيسبوك، أن "نصف ساعة من هطول الأمطار في ذي قار كانت كافية لتعرية الطبقة السياسية التي حكمت البلد والمحافظة على مدار 17 عاماً".


وأضاف مستنكراً: "بلد غني بالثروات والطاقات البشرية والكفاءات ولم تتمكن (الطبقة السياسية فيه) من انشاء بنى تحتية تضاهي أفقر الدول".



"نداء لشبان تشرين"


عندما بدأت الأجواء في ساحات تظاهرات تشرين تهدأ بفعل ظروف عدة، وبعدما اقتحمت القوات الأمنية ساحة التحرير وسط بغداد "أيقونة التظاهرات"، وأزالت خيم المعتصمين فيها منذ تشرين الأول 2019، وفتحتها مع جسر الجمهورية أمام حركة السير، عبّر بعض المناوئين للتظاهرات عن ارتياحهم واتهموا المتظاهرين بـ"التخريب وتعطيل الحياة العامة خلال فترة التظاهرات التي بدأت قبل عام".


في هذا الإطار، كتب الناشط في التظاهرات إيكر مرتضى من مدينة الناصرية، منتقداً هؤلاء: "المتظاهرون وناشطو تشرين هم السبب في الفيضان، وهم من أوقف عجلة الحياة والتطور في الحياة"، وأرفق تدوينته بصورة تظهر غرق أحد شوارع مدينته.



أما الناشط البارز في تظاهرات ذي قار، عادل السعيدي فوجه دعوة إلى المتظاهرين، حثهم خلالها على "نجدة الفقراء والمتعففين".


وكتب هذا الناشط التربوي على صفحته في فيسبوك: "شباب تشرين الأبطال هبوا لنجدة أخوتكم المتضررين من شدة الأمطار الغزيرة جداً، خاصة الفقراء سكان العشوائيات.. راقبوا الوضع بدقة في سوق الشيوخ ونواحيه".


على الأرض، أعلن ناشطون ومتطوعون في ذي قار، عن جاهزيتهم لمساعدة العوائل الفقيرة والمتعففة في المحافظة والتدخل في حال سقوط سقف أو انهيار جدار أو غرق منزل ما.



من جهته، كتب الأكاديمي بجامعة ذي قار د.حازم هاشم، بيتاً شعرياً ساخراً باللهجة العامية تطرق فيه إلى توالي المتاعب على العراقيين فقال "الرواتب مدري هي من المطر تحضن الناس.. مدري هاي الناس من كثر المطر 

تنسى الرواتب"، مشيراً بذلك إلى تأخر رواتب الموظفين لشهر تشرين الأول حتى اليوم.



"استنفار حكومي"


بدورها، دخلت الكوادر الهندسية والفنية والعمالية التابعة لمديرية مجاري ذي قار في حالة "استنفار" بعد موجة الأمطار فجر اليوم.


وقالت المديرية في بيان، إن هذه الكوادر استنفرت لمعالجة الانسدادات والكسور في شبكات المجاري، مشيرةً إلى أنها "حركت على الفور 52 آلية متخصصة لسحب مياه الأمطار من شوارع وميادين الناصرية".


واكدت أن "أزمة الأمطار تتركز في مدينة الناصرية وليس هناك أية مشكلة في بقية أقضية ونواحي ذي قار".


بالتزامن مع ذلك، أعلن محافظ ذي قار ناظم الوائلي تخصيص مشروع لتصريف مياه الأمطار صوب منطقة الشامية لصالح مديرية مجاري المحافظة.


وأشار الوائلي إلى أن "المشروع يتضمن إنشاء خط ناقل لمياه الامطار يمتد من نهر الحرية باتجاه قنوات المصب العام بطول 3 كم وبقطر 500 ملم و 300 ملم، والذي من شأنه أن يساهم في تصريف مياه الأمطار عن مناطق وأحياء صوب الشامية".


جاء ذلك بعدما أعلنت مديرية الكهرباء في ذي قار، اليوم الخميس (12 تشرين الثاني 2020)، سقوط 82 عموداً كهربائياً مختلفة الاحجام بفعل العواصف المطرية، ليلة الأربعاء وفجر الخميس.