بُنيت في القرن الخامس للميلاد

صحيفة: إحدى أقدم كنائس العراق في كربلاء مهددة بالزوال

بغداد - IQ  


نشرت صحيفة العربي الجديد، تقريرا تناول إحدى أبرز المعالم التاريخية المكتشفة في المنطقة، كنيسة الأقيصر، جنوب محافظة كربلاء، والتي كانت مزارا للمسيحيين، قبل سقوط النظام السابق، فيما لفتت إلى أنها مهددة بالاندثار تماما.


أدناه نصر التقرير كما أوردته الصحيفة:


على بعد نحو 70 كيلومتراً من مركز مدينة كربلاء، جنوبي العراق، تقع بين تلال وكثبان رملية، في واحة عين تمر، إحدى أبرز المعالم التاريخية المكتشفة في المنطقة، وهي كنيسة الأقيصر التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الخامس للميلاد. ورغم أهميتها، إلا أن أي محاولات حقيقية لإضافة الكنيسة على لائحة المواقع الأثرية العراقية، أو العمل على الحفاظ عليها لم تجر لغاية الآن، بحسب خبراء وباحثين في كربلاء تحدثوا إلى "العربي الجديد"، حول أهمية الالتفات إلى الكنيسة كموقع أثري موغل بالقدم، وتكاد تكون الأقدم في العراق المكتشف.


اكتُشف موقع الكنيسة من قبل خبراء آثار عراقيين نهاية سبعينيات القرن الماضي، وتعد فعلياً آخر الاكتشافات في تلك المنطقة، وجرى توثيق جملة دراسات حولها، تشير إلى أنها شيدت في القرن الخامس للميلاد، من قبل الطائفة النسطورية في ظل دولة المناذرة اللخميين.


تضم الكنيسة التي يطلق عليها حالياً كنيسة الأقيصر (تصغير لكلمة قصر) قاعة ضخمة وممرّاً في الوسط، مع ما يبدو أنها كراسي مبنية للمصلين، مع غرف على الجوانب وممرات للمشاة، وتنتهي بمحراب في نهاية الممر، يتجه رأسه إلى بيت المقدس، وهو نفس الاتجاه لمقدمة الكنيسة التي تنحرف قليلا باتجاه الشمال الغربي حيث القدس. بنيت الكنيسة على الطابوق المفخور، وهو البناء العراقي القديم في جميع حضارات وادي الرافدين البابلية والأكدية والسومرية والآشورية، وصولاً إلى الحضارات المتأخرة. كما كشفت التنقيبات عن وجود مدفن في محيط الكنيسة وقبو تحت الأرض، وتظهر كتابات بالسريانية على بعض الجدران.


تعرض الموقع بعد الاحتلال الأميركي للعراق إلى عمليات عبث واسعة من قبل لصوص ومهووسين بالبحث عن الكنوز، وتعرضت الكنيسة وحرمها إلى تخريب وحفر ونبش من قبل تلك العصابات. ولغاية الآن، لم تقدم أي من الحكومات المتعاقبة في السنوات الثماني عشرة الماضية أي مبادرة للحفاظ على الموقع، وإزالة التشوهات منه أو منع العبث به، بما في ذلك تخصيص قوة أمنية لمنع وصول اللصوص إلى المكان.


ويقول الخبير الأثري في مدينة كربلاء، ماجد الخياط، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن كنيسة الأقيصر كان يزورها الكثير من المسيحيين العراقيين في كل عام، ويقيمون القداس فيها. لكن، في السنوات الأخيرة بعد الاحتلال، لم يعد يصل إليها أحد بسبب الإهمال الذي أنهكها من قبل الجهات المعنية وجعلها مهجورة.


يوضح الخياط أن الكنيسة مهددة بالاندثار تماماً، وإذا لم تتوفر جهود عاجلة قد تكون الأمور سيئة للغاية، إذ لا توجد حتى حماية لها على أقل تقدير من عصابات الحفر، رغم أنها من أقدم الكنائس في الشرق الأوسط. يتابع: 

"لا تزال آثار الكتابات على جدرانها، إضافة إلى وجود المذبح وهو مرتفع عن باقي أرضية الكنيسة، ومن الجيد أن يكون هناك تسليط للضوء من قبل وسيلة إعلامية قبل فوات الأوان".


وبعد عدة محاولات للتواصل مع المسؤولين في بغداد للتعليق على الخطر الذي يتهدد هذا الموقع الأثري المهم، قال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لـ"العربي الجديد"، إن الموقع من مسؤولية ديوان الوقف المسيحي، وهو ما نفاه مسؤول في الديوان وقال إن الموقع أثري ولم يُسلم للديوان من هيئة الآثار.


في المقابل، قال مدير دائرة آثار كربلاء، أحمد العابدي لـ"العربي الجديد"، إن كنيسة الأقيصر لم تدرج لغاية الآن ضمن لائحة التراث العراقي. وأضاف: "رغم سعينا ومناشداتنا للجهات الحكومية المركزية لتوفير أموال لغرض ترميم الكنيسة، إلا أن هذه الجهات تتجاهل دعواتنا بحجة عدم توفر الأموال في خزينة الدولة"، مبيناً أن المديرية وجهت أخيراً دعوات لوفود مسيحية لزيارة الكنيسة للفت الأنظار إلى أهميتها وترميمها.


وحول ذلك، يؤكد جاسم محسن، أحد سكان بلدة عين تمر، بأنهم يتمنون لو بقيت تحت الأرض غير مكتشفة لكان أفضل، ويضيف لـ"العربي الجديد": "كثير من التلال الجبلية هنا، تبين بالبحث والحفر أنها من المواقع الأثرية". ويعلق: "لكن هذه الفترة في العراق الأحياء ليس لهم قيمة، فلا يمكن أن ننتظر من المسؤولين احترام الآثار أو الاهتمام بها".


يشير محسن إلى أن سياحاً أجانب وعراقيين كانوا يقصدون المكان قبل الاحتلال الأميركي، وكانت المنطقة محمية ومخدومة بشكل جيد؛ "أما الآن فهي مناطق خربة عرضة للنهب. وحتى السيارات العسكرية الثقيلة لا تحترم خصوصية المكان وتدخل وتخرج مع عبث كبير تخلفه وراءها".