تسوركوف تكشف خفايا اختطافها بالعراق: احتجزوني قرب الحدود الإيرانية وحولوني لكيس ملاكمة

  • اليوم, 19:28
  • أمن
  • 160

بغداد - IQ  

روت الباحثة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف للمرة الأولى عن خفايا اختطافها بالعراق لأكثر من عامين، وحكت ظروف احتجازها وعمليات التعذيب الجسدي والنفسي والتهديد الجنسي بحقها.

وبقيت إليزابيث تسوركوف عامين ونصف العام في من الأسر في العراق، حيث احتجزتها مجموعة مسلحة في زنزانة انفرادية.

وقالت تسوركوف البالغة من العمر 38 عاما، في رواية قدمتها لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية منذ إطلاق سراحها في سبتمبر 2025، إن فترة احتجازها كانت بمثابة ماراثون من العذاب النفسي، لكن أشدها إيلاما كانت الأشهر الأولى، حيث تعرضت للضرب المتكرر على يد خاطفيها، بالإضافة إلى الاعتداء الجنسي وأهوال أخرى.

ووصفت خلال المقابلة كيف كبلوا يديها وعلقوها في السقف وانهالوا عليها ضربا إلى أن فقدت الوعي، كما أكدت تعرضها للصعق بالكهرباء وإجبارها على اتخاذ أوضاع تسببت بآلام لها في ظهرها وكتفيها، وعندما كانت تفقد وعيها، يصبون الماء على وجهها لإيقاظها وتعذيبها مجددا.

وتحدثت أيضا عن ارتباطها بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية في الماضي، وعن توجيهها رسالة مشفرة بتعابير عبرية مضللة عندما جرى تصويرها.

وأشارت إلى أنها كانت محتجزة في منطقة قريبة من الحدود الإيرانية لأنها شعرت أحيانا بقوة الغارات الإسرائيلية خلال الحرب.

وتقول الصحيفة إنها بالكاد تستطيع الجلوس بسبب إصاباتها، حيث كانت رعشة الألم تجبرها أحيانا على تغيير وضعيتها.

كيس ملاكمة

وفي التفاصيل، قالت الباحثة: "لقد جلدوني في كل مكان.. استخدموني ككيس ملاكمة".

وأضافت تسوركوف أنها كانت محتجزة لدى كتائب حزب الله أقوى الجماعات شبه العسكرية.

وبحسب التقرير، فان إفادة تسوركوف تتوافق مع أقوال الطبيب الذي عالجها في "مركز شيبا الطبي" حيث لفت إلى أنها عانت من تلف أعصاب قد يبقى أبديا، في حين أن سجلاتها الطبية تظهر تعرضها لإصابات جسيمة ناجمة عن التعذيب وإلى حاجتها الى "تأهيل جسدي ونفسي طويل بسبب الأضرار الجسيمة والصدمات المعقدة.

ولفت التقرير، إلى أن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين يؤكدون أن كتائب حزب الله هي من اختطفت تسوركوف وعذبتها، رغم أنهم لا يعرفون كل التفاصيل، بينما أكد مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني التزامه بمحاسبة أي طرف أو فرد متورط في أعمال اختطاف أو تعذيب.  

وبحسب التقرير، فإن مصير تسوركوف سرعان ما تغير أسوة برهائن آخرين، تحت وطأة الضغوط الدبلوماسية، حيث أثبتت إدارة دونالد ترامب فعاليتها من خلال ضغوطها على كبار المسؤولين العراقيين حول قضيتها، إذ أرسلت مبعوثين إلى بغداد، وذلك بمشاركة حاسمة من مارك سافايا، رجل أعمال وصديق ترامب الذي رافقها على متن رحلة جوية إلى قبرص، حيث نقلت إلى طائرة عسكرية إسرائيلية إلى تل أبيب.

ونقل التقرير عن تسوركوف قولها "أعتقد أنني كنت سأموت لو لم يتدخلوا بثبات وعزيمة مذهلة".

الاختطاف

وقال التقرير، إن قرار تسوركوف بدخول العراق كان محفوفا بالمخاطر، مشيرا إلى أنها زارت العراق عدة مرات لإجراء بحوث عن الحركة التي يقودها رجل الدين مقتدى الصدر، وأنها كانت تتخذ دائما احتياطاتها في التنقل بجواز سفرها الروسي، وتقديم نفسها على أنها روسية، وتجنب الاتصال بالجماعات المسلحة.

وأوضح التقرير، أنه في 21 مارس 2023، خططت تسوركوف للقاء امرأة في مقهى حوالي الساعة 9 مساء في وسط بغداد، حيث عرّفت المرأة عن نفسها عبر واتس آب كونها طالبة تطلب المساعدة في أبحاثها حول تنظيم "داعش"، وقالت إن لديهما صديقا مشتركا، إلا أن المرأة لم تأت، ولهذا شعرت تسوركوف أن الموعد كان خدعة، وعندما كانت تسير نحو منزلها، توقفت سيارة رياضية متعددة الاستخدامات سوداء اللون بجانبها، وأجبرها عدة رجال على الجلوس في المقعد الخلفي.

وصرحت تسوركوف بأنها حاولت الهرب لكن الخاطفين ردوا عليها بالضرب والاعتداء الجنسي وامتنعت عن الكشف عن طبيعة هذا الاعتداء.

وأوضحت تسوركوف، "بدأ الخاطفون يلوون خنصري وكادوا أن يكسروه.. لذلك اعتقدت أن لا جدوى من المقاومة".

وأشارت إلى أن الخاطفين قيدوا يديها بشريط لاصق ووضعوا كيسا على رأسها، وصادروا هاتفها، ثم أجبروها على دخول صندوق السيارة إلى أن وصلوا بعد نصف ساعة تقريبا إلى منزل كبير، أمضت فيه 4 شهور ونصف الشهر، في غرفة بلا نوافذ مزودة بكاميرتين، مؤكدة أنها كانت تعاني من سوء التغذية والوحدة.

ولفت التقرير، إلى أن الخاطفين لم يكونوا في البداية يعرفون أنها إسرائيلية، حيث بدا أنهم اختطفوها طلبا لفدية إلا أنه وبعد مرور شهر عثروا على دليل على هويتها الإسرائيلية على هاتفها فاتهموها بانها جاسوسة إسرائيلية، وهو ما نفته.

وأشار التقرير إلى أن تسوركوف توسلت إلى الخاطفين لكي يقرأوا منشوراتها ومقالاتها العديدة على الانترنت التي تدعم الحقوق الفلسطينية وتنتقد الحكومة الإسرائيلية، إلا انهم لم يقتنعوا

اعترافات ملفقة

وتابع قائلا إنه "عند عدم اعترافها جرى تعليقها وتعذيبها، بدأت تقدم لخاطفيها اعترافات ملفقة لوقف ضربها".

وبحسب التقرير، فإن تسوركوف ركزت على اختلاق "اعترافات" مقنعة لا تعرض العراقيين للخطر، وكان أول اعتراف لها أنها التقت بصحفي فرنسي في مقهى ببغداد قبل عامين لتنظيم تظاهرات مناهضة للحكومة

وأفادت بأنه بدا أن المحققين معها اقتنعوا بكلامها، بعد أن أخبرتهم بهذه القصة، أنزلوها من وضعية التعليق، وسمحوا لها بالجلوس، وأطعموها، وطلبوا منها الراحة.

وتابع التقرير قائلا: "في وقت لاحق من ذلك اليوم تحسس كبير السجانين المعروف لدى الآخرين باسم "العقيد"، وشما على فخذها وهددها بالاغتصاب.

وقالت تسوركوف عنه إنه "كان قذرا جدا ومهووسا بالجنس".

ومع ذلك، قالت تسوركوف إن المحققين هددوها باستمرار بالاغتصاب، إلا أنهم لم ينفذوا تهديدهم.

ولفت التقرير إلى أن أحد أسوأ أيام التعذيب كان في يوليو 2023، عندما سألها الخاطفون عن خدمتها في إسرائيل، حيث كذبت على خاطفيها خشية مما سيحدث إذا علموا بالحقيقة، وقالت إنها أدت خدمتها في مستشفى.

لكن تسوركوف أقرت لـ"نيويورك تايمز" بأنها كانت مجندة برتبة منخفضة في مديرية المخابرات العسكرية قبل عقدين من الزمن.

وبحسب تسوركوف، فان اثنين من سجانيها المعروفين باسم "إبراهيم" و"ماهر"، ضربوها مرارا وتكرارا حتى قالت الحقيقة في النهاية

وذكر التقرير أنه بعد شهر من إعلان الحكومة الإسرائيلية أول اعتراف علني بأن تسوركوف مفقودة في 5 يوليو 2023، جرى نقلها دون سابق إنذار أو تفسير إلى مكان آخر

وبحسب تسوركوف، فإن نقلها كان بمثابة نعمة لأن آسريها الجدد لم يعذبوها وأحضروا ممرضا للعناية بها، كما جلبوا لها الكتب والدفاتر وجهاز تلفزيون، وكانت هناك وفرة وتنوع بالطعام .

وفي يونيو 2024، قاموا بتجديد مسكنها مما أتاح لها الوصول إلى مطبخ وحمام، إلا انها كانت لا تزال في حبس انفرادي في غرفة بلا نوافذ في الطابق الثالث ولم تر الشمس أبدا، وظلت على هذا الوضع لأكثر من عامين.

وذكر التقرير أن تسوركوف والمسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أنها كانت محتجزة في قاعدة لكتائب حزب الله قرب الحدود الإيرانية.

ونقل عن تسوركوف قولها إنه "خلال حملة القصف الإسرائيلي الذي استمر 12 يوما على إيران، كان المبنى يهتز بتأثير بعض الضربات القريبة".

وتابع التقرير نقلا عن الباحثة الإسرائيلية الروسية "أنه وبعد وصولها إلى القاعدة بفترة قصيرة، اقترح الممرض عليها أن تكتب عن تجربة التعذيب، وهو تمرين وجدت تسوركوف أنه يساعدها على التعافي، مشيرا إلى أنها أخبرتهم لاحقا أن اعترافاتها كاذبة، وبدوا وكأنهم يصدقونها.

وبين التقرير أن تسوركوف ظهرت في نوفمبر 2023، في مقطع فيديو عرض على التلفزيون العراقي، ما شكل أول دليل على أنها لا تزال على قيد الحياة.

وتابع بالقول إن "تسوركوف أمرت بما يجب أن تقوله وتحدثت باللغة العبرية بأنها تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، مستخدمة رسائل مشفرة لنقل القسوة التي تعرضت لها.

وأوضح التقرير أن تسوركوف ولكي تشير إلى تعرضها للصعق الكهربائي، ادعت كذبا أنها كانت تعيش في حي جان هاشمال، موضحا أن "هاشمال" تعني الكهرباء بالعبرية.

وأشار أيضا إلى أنها اختلقت أسماء لمديري المخابرات المفترضين لديها مستخدمة كلمات متلاعبة بألفاظ "التعذيب" بالعبرية والانجليزية والروسية، بما في ذلك "إيثان نويما" حيث يبدو ان اسم E. Nuim يشبه كلمة "inuim"، وهي الكلمة العبرية التي تعني التعذيب، لكن التقرير لفت إلى أن هذه المصطلحات لم تظهر في مقطع الفيديو الذي جرى بثه.

وكانت تسوركوف كما قال التقرير، تعاني من ألم مستمر جراء إصاباتها، وبدأت تشعر باليأس وتشكك في جدوى البقاء حية، إلا أنها ظلت تعمل حول أطروحتها الجامعية وتدوين الملاحظات وأفكار حول مقالات ستكتبها، وكانت تشاهد على التلفزيون لمحات عابرة لأشخاص يناضلون من أجل إطلاق سراحها، بما في ذلك إحدى شقيقاتها خلال مقابلة، وهو ما رفع معنوياتها.

وذكر التقرير أن تسوركوف نقلت معصوبة العينين من القاعدة إلى موقع آخر، حيث أكدت أن الأمر كان مفاجئا لدرجة أنها تركت دفتر ملاحظاتها الذي يحتوي على خطط الدكتوراه.

ثم وفي اليوم التالي، 9 سبتمبر أي بعد 903 أيام من الأسر، اقتيدت إلى مرآب في بغداد وسلمت إلى مسؤول عراقي في سيارة كانت تنتظرها.

وقال التقرير إن "المسؤول قال لها باللغة الإنجليزية إنها الآن بأمان في أيدي الحكومة العراقية، وتم نقلها إلى دار ضيافة فخمة حيث تم فحصها من قبل طبيبات عراقيات وكانت هذه أول امرأة على اتصال بها منذ اختطافها.

ويضيف تقرير الصحيفة أن رجلا تبين أنه سافايا، دخل إلى دار الضيافة وقدم نفسه لها على أنه صديق لترامب، لافتا إلى أن سافايا كان أحد الأشخاص الذين تنسب إليهم تسوركوف الفضل الأكبر في إطلاق سراحها.

ونقل التقرير عن تسوركوف قولها، إنها تعتقد أن اغتيالات إسرائيل على مدار العام الماضي لكبار المسؤولين اللبنانيين في حزب الله وحماس والمسؤولين الإيرانيين، قد ازعجت الكتائب، وأنها أصبحت عبئا عليهم أكثر من كونها رصيدا.

وختم التقرير بالإشارة إلى أنه بعد إطلاق سراحها، ظهر بيان على حساب "تلغرام" باسم أبو علي العسكري المتحدث باسم الكتائب، عن تسوركوف، حيث لم تعترف الجماعة باختطافها لكنها سردت تفاصيل "اعترافاتها" وحددت هوية "إيثان نويما" الشخصية الخيالية التي ابتكرتها كمدير لها، كما لو كانت معلومة استخباراتية قيمة

وأضاف التقرير أن ادعاء العسكري أثار سخرية تسوركوف التي قالت إنه "قدم دليلا واضحا على أن الجماعة كانت تحتجزها".

أخر الأخبار

الأكثر قراءة