"انقراض مؤلم".. صروح "تؤرق" السلطة طمست للأبد في بغداد

بغداد - IQ/ عادل المختار  

"الخيام وغرناطة والنجوم وأطلس والنصر وسميراميس وبابل والمنصور والفانوس السحري والاعظمية"، أسماء لدور سينما ومسارح عريقة تختزل تاريخا حافلا طالما عكس تطور العراق الفني والثقافي على امتداد عقود، لكن شهرتها أفلت وباتت مهجورة. 


ويتساءل المرء عن تلك الصروح، ولماذا اختفت من المشهد الثقافي والترفيهي في البلاد، وماذا حل بها الى درجة أنها شبه محيت من الذاكرة ولا تعلم عنها الأجيال الجديدة إلا الشيء القليل؟ 


إهمال دور العرض والمسارح بدأ في تسعينيات القرن الماضي حيث عانى العراق من حصار اقتصادي انعكس سلبا على الواقع الفني والثقافي، وامتد بعد العام 2003، حيث خلت بغداد من دور سينما حقيقية وعروض مستمرة للمسارح رغم وجود هذه الصالات التي تحولت إلى مخازن ومواقف سيارات. 


المسرح يؤرق السلطة


يرى المخرج المسرحي عبد الجليل الخفاجي، أن أسبابا عدة وراء غياب المسارح والنشاط الفني والمسرحي، خاصة المسرح الجاد والهادف، من بينها "عدم إيمان السلطة بالمسرح أو قصد التجاهل من قبل الدولة"، عازيا السبب الى أن "المسرح يطرح ما يعانيه المجتمع من مشاكل، وبالتالي فأن الدولة ستفتح عليها بابآ هي في غنى عنه".


ويقول الخفاجي لموقع IQ NEWS، أن "من الأسباب الأخرى، غياب الدعم المالي الذي يحرك تقدم وتطور المسرح، فضلا عن غياب الذائقة الجمالية من قبل الجمهور الذي يبحث عن الأعمال التجارية التي لا تمت إلى الذائقة الفنية والجمالية بصلة لا من قريب ولا من بعيد، وتترك المسرح الهادف الذي يحمل في شكل الخطاب المسرحي ومضمونه كل الحب والرقي والجمال والأهداف التي تحفزنا للتطور والتقدم، وذلك بسبب التراكمات التي خلفها النظام السابق واستمرت الى يومنا هذا".


إعادة شبه مستحيلة


الناقد والمؤرخ السينمائي مهدي عباس، عد إعادة صالات السينما إلى نشاطها السابق بأنه "شبه مستحيل، لان السينما اليوم أصبحت في المولات في معظم بلدان العالم، والناس اليوم لا يذهبون إلى دار سينما لمشاهدة فيلما واحدا معينا، بينما المول يعرض عشرة أفلام أو أكثر وللجمهور أن يختار أي صالة يدخل".


ويقول عباس لموقع IQ NEWS "جربنا في وقت سابق، إعادة العروض في إحدى دور السينما الكبرى في بغداد، ولكن كانت النتيجة أن الجمهور شبه غائب".


التكنولوجيا ضربت الصالات


يقول الكاتب والمؤلف مناضل التميمي لموقع IQ NEWS، إن "السبب وراء غياب صالات العرض السينمائية والمسرحية في بغداد والمحافظات الأخرى ومن مدة طويلة، هو وجود الكم الهائل من التقنيات الإليكترونية الحديثة التي غزت الكون برمته، فضلا عن ما حدث للبلد بعد عام 2003 بالتحديد، وعدم اهتمام وزارة الثقافة بهذا الجانب لاسيما وأن الوزارة منحت بفترة بغداد عاصمة الثقافة العربية أضخم ميزانية مالية وكان باستطاعتها شراء بعض صالات العرض المهمة لإعادة هذا المرفق الثقافي الحيوي". 


وتابع التميمي، أن "أكثر المباني التي يحتاجها الفنان العراقي لممارسة طقوسه الفنية تعرضت للتخريب والتلف وظروف المناخ الطبيعي المترب المهلك، إلى جانب عدم اهتمام أصحابها بتحديثها وتأهيلها لعودتها للحياة مرة أخرى".


جدير بالذكر، أن دور العرض الحديثة تقتصر حاليا في بغداد على المولات التجارية فقط، وهي صالتان الأولى في مول المنصور والثانية في مول بغداد، وهي لا تلبي طموحات المواطن أو الجمهور البغدادي، بحسب مختصين.