"طباخو المخدرات".. IQ يتوغل بأخطر ملف في العراق كاشفا أسرارا مفصلة

بغداد - IQ/ نبأ مشرق  


خشخاش وأفيون وثنر وكبتاغون زد على ذلك  "صفر واحد" والكرستال وكوكتيلات أخرى، مخدرات لا يختلف اثنان على أنها بالغة الخطورة وتجلب الجنون لمتعاطيها، لكن تحتاج لعالم سفلي بالغ التعقيد وجد له طريقا في العراق. 

    

يفتح موقع IQ NEWS ملف المخدرات، كاشفا عن معلومات حصرية تتعلق بأنواعها وطرق دخولها، وثمة لوم تلقيه مديرية شؤون المخدرات على وزارة الصحة في هذا الجانب واصفة دورها بأنه "مخجل"، بينما تصل الخيوط الى "طباخي المخدرات" فمن هم؟، وما هي حكاية الأموال "الكثيرة والسهلة"؟ إلى جانب حقائق أخرى يماط اللثام عنها بشكل مفصل. 


إحصائية صادمة 


"ازدياد ظاهرة تجارة المخدرات وتعاطيها واضحة بعد 2003 في العراق"، هكذا يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي، مبيناً في حديثه لموقع IQ NEWS، أن "دخول المواد المخدرة إلى العراق من الدول المجاورة وحتى الأماكن البعيدة عن طريق الجو زاد بشكل مكثف، بسبب عدم ضبط الحدود وغياب الرقابة الحقيقية وإهمال هذا الملف". 


ويؤكد البياتي أن "العراق بات معبراً للمواد المخدرة باتجاه دول أخرى كما أنه مستهلك لهذه المواد بكميات كبيرة"، لافتاً إلى أن "الأرقام الحقيقية أكبر بكثير من الواقع، فهناك أرقام تتحدث عن أن 40 أو 50% من شباب المحافظات العراقية يتعاطون المخدرات، وتفيد معلومات بدخولها إلى الجامعات والمدارس". 


ويلفت عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان إلى أن "تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات ومن ثم التحول للإتجار بها مرتبط بالاقتصاد العام في البلد"، مبينا أن "الاقتصاد الضعيف يدفع بالضحية التي تعاني من ضغوط نفسية إلى تعاطي المخدرات للتخلص من تلك الضغوط، وهذه العملية تشوبها الاستغلال من خلال اغراء المتعاطين بأموال للتعاون من التجار فيتحول الشخص من متعاطٍ إلى منسق أو متاجر بالمخدرات". 


ويلفت البياتي إلى أن "الأموال المتأتية من تجارة المخدرات كثيرة وسهلة في ظل غياب المشاريع الاقتصادية وفرص الاستثمار والتجارة العامة". 


الداخلية.. دور متشعب 


تأسست مديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية، عام 2017 وفي عام 2018 باشرت عملها.


ويتفق مدير قسم العلاقات والإعلام في هذه المديرية، العميد عماد جبر حسين، مع عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي على أن "الحدود المفتوحة هي إحدى أسباب انتشار المخدرات في العراق"، مضيفاً أن "البطالة والجهل والأمية والفقر وأصدقاء السوء تدفع البعض نحو الإدمان".


ويوضح العميد عمار جبر، أن "مؤسسات الدولة تشترك في واجب الفضاء على المخدرات ويضاف لها دور الأسرة في متابعة الأبناء"، مبينا أن "وزارة التربية مسؤولة عن متابعة الطلبة، فضلاً عن دور المؤسسة الدينية في تنمية الواعز الديني بالتحذير من المخدرات، إضافة إلى مؤسسات أخرى مثل هيئة الجمارك والمنافذ لحدودية". 


وبخصوص دور وزارة الصحة الضروري لمتابعة المذاخر والصيدليات والأدوية، يقول العميد جبر إن "هناك علاجات تصرف لأشخاص مرضى لكن يساء استخدامها لتصبح مادة مخدرة". 


وبالعودة لإحصائيات الموقوفين على ذمة قضايا تعاطي أو تجارة المخدرات في العام 2020، يقول العميد عماد جبر حسين، إن "أكثر من 200 موظف ألقي القبض عليهم في هذا الشأن، ونحو 1000 عسكري و200 طالب، لكن النسبة الأكبر من المعتقلين من أصحاب الأعمال الحرة ويصل عددهم إلى أكثر من 6 آلاف شخص"، مشيراً إلى أن "المعتقلين خلال 2020 بتهم تعاطي أو الاتجار بالمخدرات أكثر من الذين اعتقلوا في عام 2019 للسبب ذاته". 


ويضيف، أن "النسبة الأكبر من المتعاطين البالغين أكبر من الاحداث فيما يخص الذكور، من مجموع أكثر من 7 آلاف رجل ألقي القبض عليهم في 2020، فضلاً عن 100 امرأة". 


"خشخاش وأفيون وثنر" 


يوضح العميد عماد، أن انواع المواد المخدرة متنوعة، فهناك انواع طبيعية مثل "الخشخاش" الذي تستخلص منه مادة الأفيون المزروعة في باكستان ولبنان وإيران، و"نبات القنب" و"القات" المستخلص من نبات الحشيش.


ويوضح، أن "النوع الثاني هو ما يطلق عليه بأنها مواد نصف تخليقية، أي أنها مزيج من النباتات ومواد كيماوية لتنتج مادة ذات تأثر أقوى، مثل الأفيون التي تعامل كيمائياً مع المورفين فتنتج مادة أقوى بعشر مرات، بينما إذا تم التعامل كيمائياً مع المورفين يكون الناتج مادة الهيروين، وهي أقوى بثلاثين ضعف من المادة الأصلية". 


ويشير إلى أن "هناك أيضاً نوع ثالث، وهي المواد الصناعية البحتة الناتجة من عدد من التفاعلات الكيمائية لتنتج مواد مخدرة مثل المهدئات، أما النوع الرابع من المخدرات فهي مواد غير مخصصة للاستعمال البشري مثل البنزين والثنر والأصباغ".


ويلفت العميد عماد جبر الى أن "المادة المخدرة الأكثر انتشاراً في المناطق الجنوبية هي الكريستال، ذات التأثير المدمر التي تنهك الإنسان وتغير شكله، إضافة إلى حبوب الكبتاغون و (الصفر واحد)". 


وبالنسبة للهيروين والأفيون والمورفين، فهي "موجود" في العراق لكن "بنسب ضئيلة" كما يقول مدير عام دائرة العلاقات والإعلام في مديرية شؤون المخدرات بوزارة الداخلية العميد عماد جبر، مشيراً إلى أن "هناك مؤثرات عقلية تباع كأدوية في الصيدليات وعندما يتناولها الأصحاء بكثرة تصبح مواد مخدرة مثل حبوب الفاليوم".


ويصف العميد جبر دور وزارة الصحة في علاج الإدمان بـ"المخجل"، قائلاً إن "مستشفى الرشاد لا تستوعب الأعداد الكبيرة للمتعاطين، ولقد لجأنا في وزارة الداخلية إلى التوعية بمخاطر المخدرات بشكل أكبر لعدم وجود مصحات تقدم علاجاً طويلاً يحتاجه المدمن". 


ويشير جبر إلى أن أي "منطقة قريبة من الحدود ستكون المنطقة الأكثر استخداماً للمخدرات وتصدرها لبقية المحافظات، وربما تكون الحصة الأكبر في هذا الشأن لمحافظات الجنوب كالبصرة وميسان، وفي الشمال الموصل وصلاح الدين"، مبينا أن "أغلب التهريب يتم عبر البصرة وميسان حيث تدخل مواد الكريستال، فيما تأتي حبوب الكبتاغون من الحدود السورية". 


ويلفت العميد جبر الى أن "طباخي المخدرات، الذين يصنعونها من تفاعلات كيمائية عادة ما يكونوا أجانب". 


إمكانيات وزارة الصحة


يؤكد الطبيب النفسي عماد عارف، أن "المخدرات تسبب أمراضا نفسية، مثل الذهان والاكتئاب وبالتالي الانتحار أو انفعالات عصبية مستمرة وعدم النوم إلى جانب الآثار الاجتماعية والأمنية والاقتصادية". "ويوضح عارف، أن "مستشفى ابن رشد فيها 30 سريراً لعلاج الإدمان، وفي مركز معالجة الإدمان في البصرة يوجد 40 سريراً وسيتم فتح مركزاً متخصصاً في كل المحافظات". 


ويضيف، أن "هناك مراكز تأهيل مهني فتحت لاستقبال المدمنين بعد إكمالهم العلاج النفسي"، مبيناً أن "دور وزارة الصحة يتمثل بالوقاية والتحصين من هذه الآفة عبر التثقيف والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني في إقامة محاضرات وورش وتوزيع مطبوعات لحماية الشباب من المخدرات خاصة طلاب المدارس والكليات". 


ويشير عارف إلى أن "وزارة الصحة تعمل على بناء القدرات البشرية من الأطباء والباحثين والممرضين العاملين في وحدات علاج وتأهيل ضحايا الإدمان". 


ويلفت إلى "ترؤس الوزارة للهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية التي تتولى وضع خطط لمكافحة المخدرات، فضلاً عن وضع آليات لتنظيم الاستعمال الطبي للمواد المخدرة ومنع الاستعمال غير القانوني لها". 


تغرة قانونية تشجع التعاطي


يرى عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي التميمي، أن "القانون العراقي الذي يعاقب المتعاطين والمتاجرين بالمواد المخدرة بالسجن لمدة سنة لا يشجع المبتدئين في هذين المجالين على التوجه نحو مراكز التأهيل الغائبة لأنه سيتم القبض عليهم ويمروا بإجراءات أمنية، وبالتالي فإن هذا الأمر يشجعهم على الاستمرار في التعاطي وتحولهم إلى منسقين في تجارة المخدرات". 


ويدعو البياتي إلى تعديل قانون مكافحة المخدرات و"التعامل مع المتعاطين بعقوبات بديلة مثل الغرامات بدل السجن".