من كردستان إلى البصرة.. آي كيو تتبع طريق تهريب العمالة الأجنبية غير المرخصة

بغداد - IQ  

 
لا يسمح القانون العراقي للوافدين الأجانب العمل في البلد لمن "هب ودب"، بل ثمة إجراءات صارمة في هذا الأمر، لكن قانون العمل كما كثيرا من القوانين غير مطبقة على أرض الواقع وهناك من يتحايل عليها ومن يستغل ضعف تطبيقها فرصة لإغراق البلد بالأيدي العاملة، من خلال تهريب العمال الأجانب وإدخالهم بصورة غير قانونية إلى العراق ومنه إلى سوق العمل.


ويشكل إقليم كردستان العراق، منفذا لدخول العمال الأجانب وخاصة العمالة السورية والهندية بطرق غير قانونية، ليتم إيصالهم إلى محافظات الوسط والجنوب، للعمل في قطاعات مختلفة  بشكل غير مرخص.


منتسبون مهربون


ولا تتم عملية تهريب العمال الأجانب من كردستان إلى الجنوب بسهولة بفعل النقاط الأمنية المنتشرة على طول الطريق، ما يضطر المهربون استخدام منتسبا أمنيا كسائق اجرة يعمل على تخطي الحواجز الأمنية من دون الخضوع للتفتيش او التوقف.


ويكشف (م.س) من بغداد وهو  صاحب سيارة اجرة، يعمل على تهريب الراغبين من الجنسية السورية والهندية والباكستانية والأفغانية إلى محافظة البصرة دون أن يسأل عن الأسباب .

(م.س)، يقول لموقع IQ NEWS إن "كلفة تهريب العامل الأجنبي الواحد تصل إلى 300 دولار، وعادة ما تتم عملية التهريب عن طريق سيارة خاصة يمتلكها ويقودها صديق لي يعمل منتسبا في احدى المرافق الامنية في محافظة كركوك مما يوفر امكانية إيصاله الى وجهته دون كشف النقاط العسكرية المنتشرة على الطرق الخارجية".


رقم صادم


ويكشف وزير العمل والشؤون الاجتماعية، احمد الأسدي، عن رقم صادم بعدد العاملين الأجانب الموجودين في البلاد بطريقة غير مرخصة. مبينا أن غالبيتهم يتواجدون في العاصمة بغداد ومحافظتي البصرة وكربلاء بسبب وفرة فرص العمل في قطاع السياحة والمزارات الدينية وشركات النفط والمناطق الصناعية ومراكز الرياضة.


ويقول الأسدي لموقع IQ NEWS إن " العدد المقدر للعمالة غير المرخصة في البلد تصل الى 800 ألف شخص يقابلها 100 ألف شخص من أجنبي مرخص،  غالبيتهم من الجنسية السورية والهندية، حيث باتت هذه العمالة تشكل خطراً كبيراً على سوق العمل العراقية".


وأضاف أن "الوزارة أعطت الشركات سقفاً زمنياً محددا للكشف عن الموقف القانوني لوجود عامليها، وعند انتهاء المهلة ستُرسَل لجان تفتيشية مشتركة إلى جميع الشركات العاملة في العراق بحثاً عن العاملين الموجودين بشكل غير قانوني وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم على أن تتم اللجان تفتيشها بوقت مفاجئ في 15 محافظة التي تغطيها الوزارة خاصة وان العمالة هذه  أسهمت في زيادة البطالة بين مواطني المحافظة بسبب المنافسة الشديدة وزيادة الطلب عليها لانخفاض تكاليفها".  
وعن رخصة العمل للأجانب يوضح الوزير، أنها "تمنح فقط للمهن غير المتوفرة داخل العراق لأنه وبحسب القانون العراقي يجب تشغيل نسبة 50% من اليد العاملة الوطنية، تقابلها نسبة تشغيل 50% من العمالة الأجنبية”.  


موقف قانوني واقتصادي


ويطالب الخبير القانوني، علي التميمي، بتشريع قانون خاص بالعمالة الاجنبية في البلد، كون القانون المطبق فقط هو قانون العمل 37 لسنة 2016 وقانون إقامة الاجانب 118 لسنة 1978 حيث اشترطت هذه القوانين حصول العامل على اجازة العمل كشرط للتواجد وجواز سفر وسمة دخول وشروط أمنية أخرى. 


ويؤكد التميمي أن "قانون الإقامة رقم 76 لسنة 2017 نظَّم عملية دخول الأجانب وشروط منح الفيزا وشروط الإقامة، ومدتها والكفيل، أي ان صاحب العمل يكون مسؤولا أيضا أمام القانون وفقا للمواد 43، 41، 40، حال مخالفته شروط التشغيل"، مبينا أن "عقوبات المخالفين ليست بالمستوى المطلوب وعادة مايغرم المخالف مبلغ لايزيد عن 500 دولار ثم يرحل وحسب قرار محكمة التحقيق فقط".


وتابع أن "وجود العدد المهول من العمالة غير المرخصة دون خطط يوجب تشريع قانون خاص بذلك يفصل كل جوانبهم ووجودهم وترحيلهم ويفرض أيضا أن يحدد عملية الطلب عليهم خاصة وأن العمالة العراقية تغطي الحاجة".

من جهته يؤيد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، رأي الخبير القانوني في الحاجة الى ضبط تدفقات سوق العمالة الاجنبية ورسم الاحتياجات الحقيقة لها.


ويكشف صالح خلال حديثه لموقع IQ NEWS، عن نوعين من العمالة الاجنبية في البلد ، الاول: هي العمالة الاجنبية الماهرة او المتخصصة والتي تعد واحدة من  مدخلات الانتاج في دالة الانتاج الوطنية، و يؤدي وجودها الى تعاظم الانتاج والانتاجية، فضلاً عن اهميتها في نقل المعرفة والمهارات التي تمتلكها إلى السوق الوطنية والتي تحصل عليه هذه العمالة الاجنبية الماهرة من اجر  يكافيء الانتاجية التي تقدمها كما وان الاقتصاد العراقي بحاجة ماسة الى هذه الانواع النادرة من العمالة الاجنبية ولاسيما في المجال الصحي والبناء والهندسة والتكنولوجيا الرقمية والمصارف وغيرها، وعلية، فان ، مايترتب من عبء  في التحويل الخارجي لمدخولاتها واجورها السنوية الى خارج البلاد عبر فقرة الحساب الجاري  لميزان المدفوعات، يقابله نمو عالي في الانتاجية وقيمة مضافة عالية تزيد من  الناتج المحلي الاجمالي للبلاد".


ويضيف أن "هناك نوع ثاني وهو العمالة الاجنبية غير الماهرة، هذه تشكل خطرا على الاقتصاد والناتج القومي ومدعاة إلى احداث اختلالين في الهيكل الاقتصاد الكلي: الأول تكريس البطالة في قوة العمل الوطنية وقبول اية اجور تنافسية والثاني هو عبء التحويل الخارجي  على الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي، وباثر مزدوج ( اي استنزاف العملة الاجنبية وتوسيع قاعدة البطالة للعمالة الوطنية".
وشرح الأمر ايضا أنه "بافتراض وجود نصف مليون عامل من النوع غير الماهر او غير المنتج، فان متوسط كلفة التحويل السنوي لهم لاتقل عن ملياري دولار بالاقل، يقابل ذلك خسارة بالقيمة المفقودة  لفرصة العمل الوطنية".