زيارة الأربعين: المشي تحت درجة 50 مئوية

بغداد - IQ  

منذ عام 2003، شارك الملايين من المسلمين الشيعة في أداء "زيارة الأربعين" مشيا على الأقدام انطلاقا من مناطق سكناهم في مختلف أنحاء البلاد، باتجاه كربلاء، حيث مرقد الإمامين الحسين والعباس.


واجهت "زيارة الأربعين" تحديات عدة خلال العشرين عاما الماضية، وكان التركيز ينصب أغلبه نحو الاستهدافات "الإرهابية" وتأمين طرق الزائرين، وبشكل أقل نحو الظروف الجوية.


من مناطق مختلفة من محافظة البصرة، أبعدها نقطة "رأس البيشة" (100 كيلومتر عن مركز البصرة) دخل لزوار إلى الحدود الإدارية لمحافظة ذي قار، تحت سطوة درجات الحرارة التي لامست الخمسين مئوية.

كيف أثرت درجات الحرارة على المشي؟


الأعداد التي بدأت تتدفق على ذي قار خلال الأيام الثلاثة الماضية، لم يُسجل بينها إصابات إغماء أو ضربات شمس، بحسب مديرية صحة ذي قار. وعند متابعة طريقة سير الزائرين، يتبين السبب الذي مكنهم من تفادي الشمس المباشرة.


يقول حيدر السعيدي، وهو أحد المتطوعين لخدمة الزائرين، خلال مرورهم في مدينة الناصرية، إن "الزيارة هذا العام مختلفة عن الأعوام السابقة، فقد تغيرت آية المشي في النهار والراحة في الليل".


ويوضح لموقع IQ NEWS: "كبار السن والنساء والعوائل، تبدأ بالمشي بعد صلاة الفجر مباشرة حتى العاشرة صباحا، ثم تستريح في أحد المنازل المفتوحة أبوابها للزائرين أو المواكب الخدمية على الطريق، حتى الثالثة ظهرا، حينها يستأنفون المسير حتى صلاة المغرب".


ويكمل: "الكثير من الشباب الذين يؤدون الزيارة مشيا كل عام، صار لديهم معارف يستقبلونهم سنويا في كل المحافظات، وعليه، فقد اتخذ الشباب من النهار وقتا للراحة، ويبدأون بالسير بعد صلاة المغرب أو بعد العاشرة ليلا حتى صباح اليوم الثاني".


يشير السعيدي، الذي يملك موكبا في منطقة الشموخ وسط المدينة: "توقفنا عن إعداد الطعام لوقت الغداء، بسبب الحرارة وقلة الزوار.. أحيانا نغادر مواكبنا عائدين إلى بيوتنا نستراح حتى الثاني بعد الظهر"، مشيرا بالوقت نفسه إلى أن "جهود الخدمة تتركز مساء وليلا حتى ساعات الصباح المبكرة، ثم تنحسر كثيرا".


ويلفت إلى أن "معامل الثلج في الناصرية لا تستطيع تلبية احتياجات الطلب، إذ إن الطلب كثير، والمعامل تعمل بأقصى طاقاتها، والحرارة تذيب الثلج بسرعة، وتوفير المياه الباردة للزائرين تتطلب جهد الوقوف في طابور المعامل ثم نقله وحفظه أكثر وقت ممكن".


أحمد حمزة، أمضى خمسة أيام في طريقه نحو كربلاء وقد انطلق من منطقة الهارثة التابعة لمحافظة البصرة، يقول إن "الأيام الأولى كانت الرطوبة عالية، والحرارة عند الخمسين مئوية، لكن الأمر كان هيناً بالمقارنة مع دخول الجبايش وسوق الشيوخ (تابعتان لمحافظة ذي قار)، إذ إن الرطوبة انجلت، والشمس صارت مؤذية".


حمزة ورفاقه استراحوا عند وصولهم إلى بيت أحد المتطوعين لمبيتهم في الناصرية، قرروا التوقف عن المسير خلال وقت النهار. أعادتهم المركبة إلى طريق الزائرين بعد صلاة المغرب، جهزوا امتعتهم وانطلقوا للمسير: "الحرارة تبقى عالية حتى في الليل، لكنها أهون بكثير من الشمس"، يقول لموقع IQ NEWS.


وعن الطرق التي يقطعونها خارج المدن، يقول حمزة: "الطرق داخل المدن سالكة ومضاءة، لكن المواكب الخدمية تفهمت الظرف الحار ورغبة المشي بالليل، وتأقلمت معه، كما أن المواكب الخدمية لا تنقطع على طول طريق الزائرين حتى في المناطق البعيدة عن المدن والقرى".



توصيات بالمشي ليلا


مدير صحة ذي قار، راشد الخالدي، حث الزائرين على تجنب أشعة الشمس العمودية وتناول السوائل بكثرة لتعويض فقدان الجسم في أثناء المسير.

أما مدير قسم الصحة العامة، دائرة صحة البصرة، تحسين صادق النزال، قال لموقع IQ NEWS، إن "الإصابات بضربات الشمس والإغماء بسبب الحر التي سجلتها مفارز الصحة المنتشرة على طول خط الزائرين في البصرة، معدودة، ولم تتطلب نقلهم إلى المستشفيات"، مبينا أن "أغلب الزائرين يمشون خلال ساعات الليل، أو يتجنبون ساعات الشمس العمودية".


صحة البصرة وجهت "الزوار باستخدام المظلات الشمسية، والواقيات مثل القبعات، والمشي ليلا، وتعويض سوائل الجسم باستمرار، وعدم التردد بالذهاب إلى الطبابة في حال شعر الزائر بالتعب".