تقرير: 4 عقبات كبرى قد تضيّع على العراق فرصة عالمية غير مسبوقة

بغداد - IQ  

يتصدر الحديث عن أزمة الطاقة نقاشات قادة الدول الكبرى وويبرز العراق كأحد أهم الحلول الممكنة لسد نقص إمدادات النفط في الوقت الذي تدرس فيه الإدارة الأميركية منح دور لإيران في هذا الصدد، في ظل شكوك بقدرة السعودية أو الإمارات على لعب هذا الدور.

ومع الأخذ بنظر الاعتبار خطط وزارة النفط العراقية لرفع قدرات الإنتاج، استناداً إلى تصريحات الوزير إحسان عبد الجبار، تبرز أربع عقبات كبرى قد تحول دون استفادة البلاد من الفرصة التاريخية العالمية للتوسع في مجال إنتاج النفط وتعزيز إيرادات العراق وتخفيض حجم الديون والاستثمار في قطاع الخدمات والصحة.

ويشير تقرير لموقع "EconoTimes" ترجمه IQ NEWS، إلى أنّ "النظام السياسي المختل وظيفياً إضافة إلى المخاوف الأمنية وتفشي الفساد"، من بين تلك العقبات.


نص التقرير:

في اجتماع G7 الأخير في ألمانيا، سُمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يعرب عن شكوكه في أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - وهما من أكبر مصدري أوبك - ستكونان قادرتين على زيادة إنتاجهما من النفط في الأشهر الستة المقبلة لتلبية الطلب العالمي المتزايد. وفي حين تسببت هذه التصريحات في قفزة أخرى في أسعار النفط، فإنها تطرح أيضا سؤالاً: إذا كانتا السعودية والإمارات غير قادرتين على تسليم براميل إضافية، فمن سيفعل؟

منذ أشهر، تكافح أسواق النفط العالمية مع أزمة متنامية. وفي الوقت الذي بدأ فيه الطلب على النفط يتعافى من الركود الناجم عن الوباء، ألقت الحرب في أوكرانيا بالأسواق في حالة من الفوضى، حيث تسبب الارتفاع السريع في الطلب في شح الإمدادات وارتفاع الأسعار في جميع أنحاء العالم.

يحاول قادة العالم إقناع الدول المصدرة للنفط بالحفر في احتياطياتها وزيادة إنتاجها. وقد علقت آمال كبيرة بشكل خاص على المملكة العربية السعودية، كما يتضح من قرار جو بايدن بزيارة المملكة على الرغم من وعده بـ "عزل" البلاد دبلوماسياً بسبب نهجها تجاه حقوق الإنسان.

ومع ذلك، تشير تعليقات ماكرون - التي تؤكدها الإمارات على ما يبدو - إلى أنّه لا الإمارات العربية المتحدة ولا المملكة العربية السعودية لديهما ما يكفي من الطاقة الاحتياطية لتسليم البراميل الإضافية اللازمة. حتى أن بعض المحللين زعموا أنّ نظام أوبك بأكمله قد "انهار". وبالنظر إلى هذه الشكوك، قد تحتاج البلدان الأخرى التي لديها احتياطيات نفطية غير مستغلة إلى تحقيق الطلب الإضافي.

وبدون القدرة على الاعتماد على المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة، يجب على دول أوبك الأخرى التي لديها احتياطيات نفطية كبيرة أن تتقدم إلى الأمام لتلبية الطلب العالمي على الطاقة. في الأسابيع الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة محادثات استكشافية مع فنزويلا أو إيران، وكلاهما لديه احتياطيات نفطية كبيرة غير مستغلة، ولكن من المرجح أن تطالب حكومتاهما بتخفيف العقوبات الاقتصادية مقابل زيادة الإنتاج.


أضغاث أحلام

ومع ذلك، هناك بدائل أخرى. فالعراق، على سبيل المثال، لديه قدرة كبيرة على استخراج النفط وتصديره. وتنتج البلاد حوالي 4.5 مليون برميل يومياً، لكن البلاد قد ترفع إجمالي إنتاجها إلى 6 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2027، ووفقا لوزير النفط الحالي، ثم إلى 8 ملايين برميل يومياً في نهاية المطاف.

ولكن في حين أن توسيع الإنتاج من المرجح أن يصبح نعمة كبيرة لإمدادات النفط العالمية، فإن قضايا العراق المتعلقة بالفساد والشلل السياسي وانعدام الأمن تجعله شريكاً لا يمكن الاعتماد عليه لتأمين براميل نفط إضافية.

بالإضافة إلى كونها مختلة وظيفياً بشكل ملحوظ، لعبت السياسة العراقية دوراً حاسماً في تركيز ثروة البلاد في أيدي عدد قليل من السياسيين والبيروقراطيين. إنّ الفساد داخل النظام يكلف العراقيين العاديين مليارات المليارات وترك الدولة ضعيفة وغير قادرة على السيطرة الكاملة على مواردها الطبيعية.

وتعمل الميليشيات المدعومة من إيران دون رادع في مساحات شاسعة من البلاد، وتهاجم بانتظام البنية التحتية للنفط والغاز، في حين أنّ التشريعات غير الواضحة تترك الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان تتجادلان حول الولاية القضائية لحقول النفط.

كما تشعر الشركات الدولية بالقلق من ممارسة الأعمال التجارية داخل العراق بسبب مناخ الأعمال الذي لا يمكن التنبؤ به وارتفاع مستويات الفساد. ومن المتوقع تقديم الرشاوى في كل منعطف في عالم الأعمال العراقية، وبالنسبة للشركات التي تمكنت من الحصول على موطئ قدم لها في البلاد، فمن غير المرجح أن تعاقب السلطات العراقية المحلية على التدخل غير القانوني للدولة.


محاكم ذات ضمانات قليلة

في الواقع، غالباً ما تكون المحاكم الدولية أو غير العراقية هي التي يجب أن تتابع قضايا الفساد في العراق، كما يتضح من قضية "بتروفاك" الأخيرة التي جرت في المملكة المتحدة. وفي العام الماضي، غرمت محكمة في لندن شركة الطاقة 70 مليون جنيه إسترليني بسبب مدفوعات غير قانونية قدمتها للحصول على عقود في العديد من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق.

ومع ذلك، في بعض الأحيان، حتى المحاكم الأجنبية والدولية تفشل في معاقبة الفساد والمعاملات المشبوهة في العراق. ففي العام الماضي فقط، على سبيل المثال، رفض المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، وهو محكمة تشكل جزءاً من مجموعة البنك الدولي، الحكم لصالح شركة "أجيليتي" للخدمات اللوجستية الكويتية في قضية رفعتها ضد العراق لـ "مصادرته تعسفاً استثماراً بقيمة 380 مليون دولار". وتشمل القضية، التي استمرت لسنوات في النظام القانوني العراقي، مصادرة مفاجئة لاستثمار "أجيليتي" في شركة "كورك"، وهي شركة اتصالات تأسست في إقليم كردستان.

وقد اتخذ قرار المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار على أساس أن المدعي فشل في استنفاد كل السبل القانونية داخل العراق قبل الانتقال إلى الخيارات الدولية، على الرغم من حقيقة أن النظام القانوني العراقي "لا يكاد أبداً يحاكم الفساد الذي تقره الدولة". كما تزعم "أجيليتي" تعرضها للاحتجاز التعسفي والاستجواب والتهديدات ضد موظفيها، فضلاً عن الشهود، من جانب الشرطة السرية العراقية.

وتساهم هذه الأحكام في النظر إلى الفساد والنتائج التعسفية على أنها قواعد اللعبة في العراق، بدلاً من اعتبارها آفة يجب معالجتها. وفي أعقاب الحكم، ادعت "أجيليتي" أن المستثمرين الأجانب الذين يعتبرون العراق وجهتهم القادمة "يجب أن يفكروا ملياً في مخاطر الاستثمار". كل هذا يرسم صورة واقعية عند محاولة تصور العراق كمرشح قابل للتطبيق لشركات النفط الأجنبية للشراكة مع والتقاط الركود في إنتاج النفط العالمي.


الحقائق الدامغة

تمثل التقلبات الأخيرة في الطلب العالمي على النفط، وما نتج عنها من ارتفاع في الأسعار، أزمة وفرصة للدول المصدرة. ومع وجود بعض أكبر المنتجين في العالم بالفعل في أقصى طاقتهم الاستيعابية، فإنّ البلدان التي ما يزال بإمكانها توسيع الإنتاج لديها فرصة كبيرة. إن العراق، الذي يتمتع بتقليد مهم في مجال النفط ومجال للنمو، في وضع فريد للاستفادة من الوضع وزيادة إنتاجه.

ولكن حتى مع مزاياه، فإن التحديات المحلية المألوفة تعني أنّه من غير المرجح أنّ يكون العراق هو الحل لنقص النفط العالمي. من المواطنين العاديين الذين يضطرون إلى دفع رشاوى للحصول على المال إلى المستثمرين الدوليين الذين يتم خداعهم بمئات الملايين من الدولارات، فإن الفساد العراقي هو كارثة للجميع باستثناء الأشخاص المسؤولين. ويبدو أنهم يريدون إبقاء الأمر على هذا النحو.