محطة عملاقة لتحلية مياه البحر.. العراق يفكر في حلّ بعيد عن إيران وتركيا

ترجمة - IQ  


زار وفد مصري من خبراء معالجة المياه العراق هذا الشهر لإجراء محادثات مع مسؤولين عراقيين حول معالجة أزمة المياه الحادة في البلد العربي.


قالت وزارة الري والموارد المائية في 20 يونيو/حزيران إن الوفد المصري ناقش مقترحاً لبناء محطة لتحلية المياه على نهر الفرات. وستستخدم المحطة لتنقية وتحلية مياه البحر للمساعدة في تخفيف نقص المياه في جنوب العراق.


وقال وزير الري محمد عبد العاطي إن الزيارة تأتي في إطار اتفاق بين القاهرة وبغداد للاستفادة من الخبرات المصرية في إدارة المياه.


وأضاف أن "مصر والعراق حريصتان على الاستفادة المثلى من مواردهما المائية وسط التحديات التي تواجه البلدين في مجال المياه".


وسيتم تصميم المحطة المقترحة على نهر الفرات على غرار محطة معالجة مياه الصرف الصحي في بحر البقر في مصر، وهي الأكبر من نوعها في العالم. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 5.6 مليون متر مكعب يومياً.


كان العراق معروفًا في العصور القديمة باسم بلاد ما بين النهرين، أو الأرض الواقعة بين نهرين - دجلة والفرات. وتواجه البلاد أسوأ موجة جفاف منذ عقود وسط نقص هطول الأمطار وسوء إدارة الموارد المائية.


يعتمد العراق على نهري دجلة والفرات لتلبية جميع احتياجاته المائية تقريباً. ينبع النهران من تركيا ويتدفقان إلى حوض شط العرب في جنوب العراق. وبينما يعبر نهر الفرات سوريا والعراق، يتدفق نهر دجلة من تركيا إلى العراق.


تساهم تركيا بنسبة 90% في نهر الفرات بينما تساهم سوريا بنسبة 10% في تدفق المياه. أما بالنسبة لنهر دجلة، فإن تركيا والعراق وإيران تساهم بنسبة 40% و51% و9% على التوالي.


ومع ذلك، فإن السدود التي شيدتها كل من تركيا وإيران على النهرين إما منعت أو حولت المياه إلى العراق، مما أدى إلى نقص حاد في المياه هناك.


ووفقا لوزارة الموارد المائية العراقية، من المتوقع أن يجف النهران بحلول عام 2040 ما لم يتم اتخاذ إجراءات لتغيير الاتجاهات الحالية. وقد جفت بحيرة ساوة في البلاد بالفعل هذا العام، كما أن بحيرة الرزازة آخذة في التقلص.


يواجه جنوب العراق نقصاً خطيراً في المياه. إن نقص تدفق المياه من نهري دجلة والفرات إلى جانب ارتفاع مستوى سطح البحر يدفع المياه المالحة من الخليج العربي إلى أنهار العراق.


ويلقي عالم البيئة العراقي البارز عزام علوش باللوم على تغير المناخ في تفاقم أزمة المياه الحالية في العراق.


"تتفاقم الأزمة بسبب زيادة الملوحة وارتفاع مستوى سطح البحر وعدم تدفق نهري دجلة والفرات إلى العراق"، قال علوش، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة "طبيعة العراق" البيئية.


وقال إن تغير المناخ يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة ويؤدي إلى زيادة في مستوى التبخر. ويتوقع البنك الدولي أن تؤدي زيادة درجة الحرارة بمقدار 1 درجة مئوية إلى انخفاض بنسبة 20% في المياه العذبة المتاحة في العراق بحلول عام 2050.


وأضاف علواش: "على سبيل المثال، تفقد بحيرة الثرثار، وهي واحدة من أكبر البحيرات في العراق، حوالي 7 مليارات متر مكعب من المياه في التبخر كل عام".


ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يحتل العراق المرتبة الخامسة بين أكثر البلدان عرضة في العالم لتغير المناخ. في العام الماضي، حذر البنك الدولي من أن جنوب العراق يتجاوز بالفعل "عتبات جودة المياه الحرجة"، وغالباً ما تكون ملوثة للغاية بحيث لا يمكن للناس استخدامها.


وقال عباس شراكي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، إن مصر لديها خبرة كبيرة في تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي التي يمكن للعراق الاستفادة منها.


"هناك تشابه في الوضع المائي في كل من العراق ومصر"، وفق شاركي الذي بيّن بالقول "في حين أن نهر النيل، المصدر الوحيد للمياه العذبة في مصر، ينبع من خارج الحدود في إثيوبيا، فإن نهري دجلة والفرات اللذين يعتمد عليهما العراق ينبعان من تركيا وإيران".


وأضاف أن "القاهرة وبغداد منخرطتان في نزاعات مع دول المنبع بشأن بناء السدود على الأنهار دون موافقة دول المصب".


مصر وإثيوبيا على خلاف بشأن بناء سد عملاق للطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق، أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل. وبينما تنظر القاهرة إلى سد النهضة الإثيوبي الكبير على أنه تهديد وجودي لحصتها المائية من نهر النيل، ترى أديس أبابا أنه حيوي لتنميتها الاقتصادية.


فشلت سنوات من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان للتوصل إلى اتفاق ملزم قانوناً بشأن ملء وتشغيل سد النهضة في تحقيق أي انفراجة.


وتعتمد مصر على نهر النيل لتلبية 97% من احتياجاتها المائية، والتي تبلغ نحو 114 مليار متر مكعب سنوياً. ومع ذلك، لا تتجاوز الموارد المائية في البلاد 60 مليار متر مكعب سنوياً، مع عجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنويا. يتم سد الفجوة بين الموارد المائية والاحتياجات من خلال معالجة مياه الصرف الصحي والمياه الزراعية بهدف إعادة استخدامها.


تبنت الحكومة المصرية خطة طموحة لبناء عشرات المحطات لتحلية مياه البحر للمساعدة في تلبية الاحتياجات المتزايدة من المياه في البلاد. وحتى الآن، شيدت مصر 82 محطة لتحلية المياه، بقدرة إجمالية تبلغ 917,000 متر مكعب يومياً. وتخطط الحكومة أيضاً لبناء 14 محطة تحلية جديدة لرفع قدرة المياه إلى 1.4 مليون متر مكعب يومياً. كما أطلقت مصر مشروعاً بقيمة 80 مليار جنيه (4.26 مليار دولار) لإعادة تأهيل القنوات بأطوال إجمالية تبلغ 20 ألف كيلومتر.


وقال شراكي إن مصر لديها أحدث مراكز أبحاث المياه المتخصصة في هيدرولوجيا الأنهار وتطوير أنظمة الري وإمدادات المياه.


وأضاف أن "مصر قطعت شوطاً طويلاً في بناء محطات معالجة المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي وبناء السدود لحصاد مياه الأمطار، ويمكن للعراق الاستفادة من هذه الخبرة المصرية في التعامل مع النقص الحاد في المياه في البلاد".



المصدر: المونيتور 


ترجمة: IQ NEWS