أجراس المدارس صامتة

السليمانية: معلمون ومدرسون يلجأون للأعمال الخاصة لتأمين لقمة العيش "التي لا توفرها الحكومة"

بغداد - IQ  

تحاول رنا محمد (44) عاما، المعلمة في مدرسة ثانوية في السليمانية، توفير احتياجات عائلتها بما تبقى من راتبها الذي استلمته قبل 52 يوماً، ولم تستلم غيره حتى الآن. 


وتشهد السليمانية إضرابات متعددة بين حين وآخر للمدرسين والمعلمين احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم، وكذلك موظفين حكوميين في قطاعات أخرى بينهم الأطباء ونظموا العديد من الاحتجاجات.


"الحكومة تدين لي بشدة (المصطلح الشعبي العراقي لمبلغ 10 آلاف دولار)"، تقول المدرسة رنا بنبرة ساخرة، وهي تقصد رواتبها المتأخرة منذ 2014.

 

وتضيف رنا في، وهي سيدة مطلقة وأم لولدين، الأول يدرس في المرحلة الابتدائية والآخر في المتوسطة، خلال حديثها لموقع IQ NEWS، إن "الحكومة تعمد إلى صرف الرواتب لنا كل شهر ونصف أو أكثر، وليس كل شهر كما هو معتاد". 


ولمواجهة صعوبة العيش في ظل هذه الظروف، تضطر المدرسة رنا إلى العمل مساءً كمدربة في قاعة رياضية في حي بكر جو في السليمانية لـ7 ساعات في اليوم، مقابل 300 ألف دينار عراقي (نحو 200 دولار) ونسبة من الأنظمة الغذائية التي توفرها للمتدربات والمتدربين.

 


وليست الأستاذة رنا هي المدرسة الوحيدة التي تلجأ للعمل الخاص لتوفير لقمة العيش، فالمعلم "شاري" هو الآخر يدرّس الأطفال في منزله مقابل أجور ليواكبوا المناهج وتجنب تأثرهم بعدم انتظام الدوام في المدرسة وهو أمر يحدث بشكل متكرر نتيجة اضراب المعلمين المعترضين على تأخر صرف رواتبهم. 


و"شاري" هو أحد هؤلاء المعلمين، وشهدت السليمانية قبل سنوات قليلة مضت، إضراباً من قبل المعلمين والمدرسين ما أدى لتوقف التعليم في المحافظة مدة 4 أشهر، وهو أمر يخيف عائلات الطلبة ولذلك يلجأون للمدرسين الخصوصيين. 


التلاميذ وعائلاتهم "مربكون"


"نظام المدارس متخلخل. مرة ينتظم الدوام وتجرى الامتحانات، ومرة يتوقف حتى فقد أبناءنا القدرة على الدراسة بسبب هذا التباين وكثرة الأخبار حول الأمر"، تقول شمام حسين، البغدادية المقيمة في السليمانية وهي تتحدث عن أبنها الطالب في الخامس الابتدائي. 


خاض ابن هذه السيّدة الامتحان الأول في السادس من آذار الجاري، وبعدها "أعلنت المدرسة إضراباً، ثم وبعد 3 أيام خاض التلاميذ امتحاناً آخر ثم عاد الإضراب"، تقول شمام لموقع IQ NEWS. 


وتصل التبليغات للطلبة عبر وآتس آب "قبل الامتحان بأقل من 24 ساعة. هذا إرباك لنا ويعاني منه ابننا". 


زوج هذه السيدة هو معلم أيضاً، "ويعاني مثل زملائه. مرتبه الشهري مقطوع ومع ذلك يتوجب عليه قيادة السيارة يومياً مدة 30 دقيقة للوصول إلى مدرسته"، وتسأل زوجته "كيف نلبي احتياجات المنزل وهو بلا مرتب شهري. هكذا سنضطر بعد فترة إلى الصرف على الحكومة من جيبنا الخاص". 


"سنُضرب مرة أخرى" 


وخلال حديثه لموقع IQ NEWS، يكرر رئيس اتحاد المعلمين في إقليم كردستان التلويح بالإضراب مرة أخرى. 


ويقول عبد الواحد حاجي، إن "هذا الوضع ليس بالجديد فنحن نعاني تأخر صرف الرواتب بين فترة وأخرى حتى بعد أن وعدتنا الحكومة أكثر من مرة بتأمين الرواتب. إن استمر الحال على ما هو عليه فسنعمد إلى الإضراب من جديد". 


ورفضت مديرية التربية في السليمانية التعليق على القضية عندما حاول IQ NEWS التواصل معها، ولم تقل شيئاً حول الحلول المفترضة. 


ورفض مدير التربية في مناطق غرب كردستان بكر محمد التحدث أيضاً عن الموضوع، سوى أنه "يرجو من المدرسين والمعلمين الاستمرار في عملهم وأداء رسالتهم تجاه الطلبة حتى وإن تأخر صرف الرواتب لهم".

 


في بداية آذار الجاري، أعلن المجلس العام للمعلمين المعترضين في السليمانية، الإضراب العام عن العمل تضامناً مع الكوادر  التدريسية وطلبة الجامعات، احتجاجاً على تأخر صرف الرواتب والمنح المالية.

 

وقال أعضاء المجلس خلال مؤتمر صحفي، إن "تفاقم الازمة المالية بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط يجعلنا نتساءل عن أسباب الازمة ولماذا في هذا الوقت تحديد، ولا نقتنع بالأسباب التي ذكرتها حكومة اقليم كردستان عن هذه الازمة". 


ودعوا حكومة الإقليم إلى "الالتزام بواجبها في صرف الرواتب لموظفيها كاملة وبوقتها المحدد". 

 

ولإقليم كردستان حصة تتجاوز 12 بالمئة من الموازنة المالية العامة للعراق، لكن بغداد تتوقف أحياناً عن إرسالها للإقليم بسبب "عدم التزامه" ببنود الموازنة التي تقضي بتسليمه ورادات 250 ألف برميل من النفط الذي يصدره للخارج، إلى الحكومة الاتحادية مقابل الحصول على حصته في الموازنة المالية، وهذا الأمر مثار جدل ومشاكل واتهامات متبادلة بين الطرفين منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003.