اليوم العالمي للقضاء على ختان النساء

الربيع يحمل آلاما مستمرة لفتيات كردستان: "الطهارة" تجعل الزوجات "باردات كالرخام"

بغداد - IQ  

قد لا يتخلف الربيع في جنوب العراق ووسطه عن بقية فصول السنة، إلا في إقليم كردستان العراق يحمل هذا الفصل آلاما مبرحة ترافق بعض الفتيات الصغيرات في مدن الإقليم وريفه، حتى نهاية أعمارهن.

دماء ورماد فحم

"كانت ليلة حالكة السواد" تصف شاجوان رحيم التي تبلغ من العمر سبعة عشر عاما، من قرية دورة في السليمانية ليلة ختانها حين اقتادتها زوجة أبيها إلى منزل في وسط القرية تسكنه امرأة طاعنة في السن.. شاجوان انتظرت قليلا في غرفة شبه مظلمة مع أكثر من 15 فتاة من أترابها، ولم تستطع هي والفتيات الأخريات معرفة أسباب الصراخ الذي يعلو من الغرفة الأخرى كلما دلفت صغيرة إليها.

انتظرت دورها وهي لا تعلم عن الأمر شيئا حتى جاء دورها ورأت العجوز بيدها آلة حادة يتبين عليها آثار دماء قليلة كأنها غُسِلَت دون عناية.. لم تشعر شوخان بالأمر في البادئ حتى شعرت أن الدماء تقطر من بين فخذيها وأن العجوز تحاول ملء الجرح برماد فحم قريب منها.

يختارون الربيع لختان الفتيات لأنه يشفي الجرح بسرعة

شاجوان اعتقدت أن الامر انتهى إلا أنها، وبعد أكثر من 12 عاما من ختانها، لا زالت تعاني من التهابات مستمرة في المجاري البولية، وآلام تصفها بالقوية حين تأتيها الدورة الشهرية دون أن تجد أي طبيبة قصدتها حلولا لآلامها هذه.

"علمت بعدها أن النساء في القرية والقرى المجاورة تختار فصل الربيع لإجراء ختان الفتيات لاعتدال جوه، فهو قريب من الصيف ويشفى الجرح بسرعة"، تقول شاخوان لموقع IQ NEWS.


"باردة كالرخام"

وتختلف قصة شاجوان عن شانيا (اسم مستعار) التي تبلغ من العمر 45 عاما، إذ عانت على مدى سنوات زواجها من نفور زوجها والذي بدأ بعد مرور عام واحد فقط على زواجهما. تقول شانيا  لموقع IQ NEWS: "لا أشعر بشئ في أثناء الحميمية ولم أظنه عيبا بل ظننته شرطا لطهارة الزوجة إلا أن زوجي كان يرى العكس.. وصفني بالباردة كالرخام واقترن بزوجة أخرى، كانت تسكن دهوك، بعد عام واحد من زواجنا". ولم تعمد إلى ختان أيٍ منهن.

وصفني زوجي بالباردة كالرخام واقترن بزوجة أخرى

إحصائيات لافتة

وبحسب عبدالله صابر منسق مشاريع منظمة وادي في العراق الذي قال لموقع IQ NEWS، إن "احصائيات المنظمة لعام 2021 جاءت كالتالي: من مجموع 1260 انثى بعمر يصل حتى الـ20 فإن هناك 29 فتاة مختونة في رانية و85 فتاة مختونة في أربيل، فيما كشفت إحصائيات أجرتها المنظمة في أعوام سابقة أن الظاهرة تتركز في مناطق بشدر وبيتوين ورانيه في محافظة السليمانية وهي مناطق حدودية تتحكم فيها نظم عشائرية تقليدية.

ومنظمة وادي هي منظمة ألمانية تأسست 1992 ومختصة بالمساعدة في الأزمات والتعاون في جهود التنمية. 

أما إحصائية المجلس الأعلى لشؤون المرأة في إقليم كردستان بالتعاون مع منظمة "يونيسف"، بين عامي 2015 و2016، فتصدرت فيها أربيل حالات الختان بنسبة 16.7 للفتيات مقابل 67.6 للنساء، وجاءت السليمانية بنسبة 11.8 للفتيات و60.3 للنساء وكان العدد أقل في محافظة دهوك، إذ بلغت نسبة الفتيات المختونات4% تقابلها 7% من النساء المختونات ، بينما وصلت نسبة الفتيات في حلبجة إلى 1% تقابلها 40% من النساء.

"تشويه للأعضاء الجنسية"

وتلخص الاخصائية النسائية رجاء صابر عملية الختان بأنها "تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية عن قصد وبدواع لا تستهدف العلاج ويمكن أن تتسبّب هذه الممارسة في وقوع نزيف حاد ومشاكل عند التبوّل وتتسبّب، لاحقاً، في ظهور تكيسات والإصابة بالعقم أو بمضاعفات عند الولادة".

كما تؤكد في حديث لموقع IQ NEWS، أن الختان له أثر كبير على مابعد زواج الفتاة لأن العملية تُفقدِها "الرغبة الجنسية فالمنطقة التي تختن هي منطقة الإحساس في أثناء الممارسة الحميمية ولا توجد حلول لتلك المشكلة أبداً".

يشار إلى أن يوم 6 شباط هو اليوم العالمي لعدم التسامح مطلقا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.

القانون يمنع..

المختونات لن يقمن باللجوء إلى القضاء وتقديم الشكاوي على أمهاتهن

ويشرح سروان محمد، الخبير قانوني الوضع قانونيا بالنسبة لمن يلجأ إلى ختان الإناث قائلا إن إقليم كردستان العراق سن قانونا للعقوبات يصل إلى السجن 3 سنوات وغرامة مالية قدرها 80 ألف دولار في حالة ختان الإناث ولكن، المشكلة هي أن المختونات لن يقمن باللجوء إلى القضاء وتقديم الشكاوي على أمهاتهن.

أما فيما يخص القانون العراقي في العاصمة بغداد فإن قانون مناهضة العنف الأسري لا يزال يقبع على رفوف البرلمان ولم يتم إقراره حتى الآن، كما وانه لم يخصص أية فقرة لحظر ختان الإناث مثلما جاء في القانون الذي صدر في اقليم كردستان. 

ويمكن اللجوء في هذه الحالة إلى المادة ٤١٢ من قانون العقوبات العراقي ١١١ لسنة ١٩٦٩ والتي تنص على أنه "من اعتدى عمدا على آخر بالجرح أو بالضرب أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون قاصدا إحداث عاهة مستديمة به يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة".

وتتوفر العاهة المستديمة إذا نشأ عن الفعل قطع او انفصال عضو من أعضاء الجسم أو بتر جزء منه أو فقد منفعته أو نقصها أو جنون أو عاهة في العقل أو تعطيل إحدى الحواس تعطيلا كليا أو جزئيا بصورة دائمة أو تشويه جسيم لا يرجى زواله أو خطر حال على الحياة.

بعيدا عن الإقليم

وعلى الرغم من أن الفكرة المأخوذة على الختان في العراق بأنه يوجد في مناطق في إقليم كردستان فقط، ألا أن الأمر أصبح يتعدى ذلك. يقول توماس فوندير أوستن، المدير العام لمنظمة وادي الألمانية لموقع IQ NEWS: "يعتقد العالم بأن ختان الإناث يمارس في اقليم كردستان فقط وأن تلك الظاهرة معدومة أو قليلة جداً في العراق، في حين أن الأمور ليست بهذا الشكل، فظاهرة ختان الإناث شائعة في بغداد وبابل ومناطق أخرى من العراق ونعمل على احصائها والكشف عن حقيقة مايجري".