الحدائق قاعة لامتحانات ناقلي العدوى.. لماذا يصر المصابون بكورونا على الامتحان في الدور الأول؟

بغداد - IQ  

في يوم حار من أيام موجة الحر الثالثة لهذا الصيف، والتي خيمت على البلاد، بدرجات تلامس الـ50 مئوية، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لطالب يؤدي الامتحان في حديقة الكلية، تحت فيء شجرة، وهو اليوم ذاته التي نفت فيها إحدى الكليات خبر تخصيص الحديقة لامتحان طالبات مصابات، أو مشتبه بإصابتهن بفيروس كورونا.


ففي يوم أمس الأول الثلاثاء، نشر موقع IQ NEWS، خبرا منقولا عن مصدر لم يسمه لأسباب تتعلق بحساسية الموضوع، أن نحو 18 طالبة في كلية التربية للبنات، التابعة لجامعة ذي قار، في قضاء الشطرة (شمال مدينة الناصرية) قد أدّن الامتحان في حديقة الكلية، رغم حرارة الجو العالية، الأمر الذي نفته إدارة الكلية بدورها.


لكن موقع IQ NEWS، تواصل مع إحدى الطالبات في الجامعة، -فضلا عن المصدر- أكدت الطالبة أن "الحديقة مخصصة أصلا للطالبات المصابات، أو المشتبه بإصابتهن، منذ اليوم الأول للامتحانات الحضورية"، لافتة إلى أن "الحديقة قاعة ثابتة مخصصة للإصابات".


الحدائق قاعات لامتحان المصابين


بعد ذلك توصل موقع IQ NEWS، إلى الطالب الذي أدى الامتحان تحت فيء الشجرة، وهو منتظر منصور، طالب كلية الأسنان، جامعة بابل، والذي كشف تفاصيل الصورة قائلا: "دخلت إلى قاعة الامتحان في وقته، واستقريت على كرسيي المخصص، وما إن بدأت بالسعال، قال الدكتور المشرف على المراقبة، يجب أن تخرج من القاعة كي لا تتسبب بعدوى لبقية الطلاب، قلت له بدوري لقد أخذت اللقاح، وهذا امتحان مصيري،  فقال إن هذا لا يهمني، والأهم عندي أن لا تتسبب بالعدوى لبقية الطلاب، ثم وجهني لكي أمتحن في الحديقة، وخصصوا لي دكتورة لمراقبتي، والتي لم تتحمل الحر، فأعادتني للقاعة، ولم يدخلوني أيضا، فأجلسوني في باب القاعة، وأكملت الامتحان هناك".


ويضيف: "تعبت كثيرا يومها، وكانت الاسئلة صعبة وطويلة، وقد تشتت تركيزي".


"خَصصوا لي مراقبة لأمتحن في الحديقة ولم تتحمل الحر!"


فيما قالت طالبةٌ في جامعة ابن سينا، طب أسنان، في بغداد: "أدينا امتحانا حضوريا واحدا، وكان الطلاب المصابين والمشكوك بإصابتهم، معزولين في قاعة مختلفة، لكنهم أبلغوا الطلاب، عبر مجموعة خاصة بهم عبر واتساب، أنهم سيؤدون الامتحانات المقبلة في حديقة الكلية، وأنهم سيكيفون الحديقة، ولا أدري كيف يمكن تبريد الحديقة، في درجات مثل هذه!"، مضيفة أن "هذا التبليغ تم حذفه في وقت لاحق، بعد أن احتج طلاب وقدموا اعتراضا للعميد، الذي وعدهم بتخصيص قاعة لهم".


وحددت وزارة التعليم العالي، الـ25 من الشهر الحالي، موعدا لبدء امتحانات النهائية للكليات، فيما خولت إدارات الكليات بتقديم الموعد أو تأجيله، وفقا للظروف المحيطة بالكلية.


وأجرى موقع IQ NEWS، استبيانا مع عدد مختلف من طلاب الجامعات والكليات العراقية، بشأن إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، والتعامل مع المصابين به، وقد تحفظ المشاركون على ذكر أسمائهم، لما يقد يتبع ذلك من تداعيات تؤثر على خوض الامتحانات الحاسمة.


وجاءت نتائج الاستبيان كالآتي:

  • طالب طب أسنان، في كلية العميد، في كربلاء، قال "حينما أردت أن أبلغهم باني مصاب بكورونا، قبل الامتحان، قالوا لي، ارتد كمامتك، وتعال، وحينما فحصوا حرارتي، لاحظوا ارتفاعها، ثم قالوا ستخف حرارتك بالفيء، وحينما دخلت إلى القاعة، لم يلاحظني أحد، ولم يكن بيني وبين الطلبة الآخرين، سوى نص متر، ولم يُتخذ بحقي إجراء رغم أني أخذت بالسعال بشكل واضح، كما أني سمعت سعال طلبة آخرين".

  • طالبٌ في قسم نظم الكهروميكانيك، في جامعة ذي قار، وصف التعامل في قاعات الامتحان كأنه "تعامل مع سجناء"، منبها على أن "الطلاب المصابين بفيروس كورونا يؤدون الامتحان في القاعات ذاته مع الطلاب غير المصابين".

  •  طالبٌ  في المعهد التقني، في ذي قار، قسم الكهرباء المرحلة الثانية، قال: "ليس هناك أي تعامل أو مساعدة من الأساتذة للطلاب، امتحنوني مجبرا رغم ثبوت إصابتي، وقد أديت الامتحان في قاعة لغير المصابين، وليس بيني وبين أي طالب آخر سوي نصف متر"، مضيفا: "لقد قالوا لي إن هذه مشكلتك، امتحن بابا".

     وأردف: "كانوا قد نشروا في إعلام المعهد عن تخصيص قاعات معزولة للمصابين، لكنهم لم ينفذوا ذلك، وكانت القاعات مختلطة، للمصابين وغير المصابين".


"أديت الامتحان مصابا بكورونا وليس بيني وبين البقية سوى نصف متر!"


  • طالب في كلية العلوم الصرف بجامعة ذي قار، قال إن "المصابين يمتحنون مع باقي الطلاب، إذ إن وعود الجامعة بتخصيص قاعات خاصة للمصابين، كانت مجرد وعود".

  • طالبة في قسم التحليلات المرضية، في جامعة البيان، قالت إنه "خلال امتحاناتنا كان هناك مصابون بيننا، وتحت أنظار إدارة الجامعة، ورغم قرار الوزارة بتخصيص قاعات لهم، كما ان الإدارة لم تسمح لهم بالتأجيل"، مضيفة ان "أحدا لم يسألنا عن مسحات كورونا، أو بطاقات اللقاح".

"أحدٌ لم يسألنا عن مسحات كورونا ولا بطاقات اللقاح!"


  • طالبة بكلية التمريض، في بجامعة كركوك، قالت: "لم يقِس أحدٌ حرارتنا، ولم يسألونا عن أعراض وما شابه، لكنهم شددوا علينا خلال دخول قاعة الامتحان، على ارتداء الكمامات فقط"، مضيفة "كان عدننا كبيرا إذ إننا خضنا الامتحانات في المكان ذاته مع طلاب المسائي".

إجراءات وقائية مشددة          


لكن هذا لا ينطبق على الجامعات والكليات العراقية كلها، إذ إن إدارات بعض الجامعات كانت متشددة تماما بما يخص الوضع الصحي في قاعات الامتحان.


  •  طالب في جامعة الفرات الأوسط التقنية، في محافظة النجف، الكلية التقنية الهندسية، قال إن "تعليمات مشددة وردتنا قبل أداء الامتحانات، بعدم السماح للطلبة المصابين المشاركة في الامتحانات، ويحالون على الدور الثاني، شريطة جلب ما يثبت إصابتهم، أما الملقحين، فيجب أن يحضروا بطاقات التلقيح، ولمن لديهم أمراض مشابهة لأعراض كورونا، فعليهم جلب مسحة pcr أو مسحة دم، لكي لا يتم استبعادهم".


  •  طالب في جامعة العين، في ذي قار، كلية التقنيات الصحية والطبية، قسم أشعة وسونار، قال إن "تعليمات وجهت قبل الامتحانات، نبهت على أن كل طالب مصاب سيمتحن في الدور الثاني".

  • طالبة في جامعة البصرة، كلية الصيدلة، قالت إن "الإدارة كانت متشددة بإجراءات الوقاية، واستبعدت كل طالب لديه أعراض الإصابة، حتى إنهم وفروا لنا لقاحات، وتركوا الأمر لاختيار الطلبة".

  • طالبٌ بجامعة تكريت، كلية طب الأسنان، قال إن "المصاب بكورونا لا يدخل الامتحان أبدا، ويؤجل إلى الدور الثاني، كما أنهم يقيسون الحرارة يوميا قبل دخول القاعات". 

  • طالب في جامعة الفلوجة، كلية الطب البيطري، قال إن "الإدارة اتخذوا الإجراءات اللازمة للوقاية من الفيروس، وذلك بتعفير القاعات، وعزل المصابين والمشكوك بإصاباتهم، بقاعات مخصصة".

  • طالب جامعة الأنبار، كلية العلوم، قال إن "الإجراءات مشددة، وذلك بقياس الحرارة قبل دخول القاعات، وتوزيع الكمامات، ومسافة أمان بين كل طالب وآخر، وعزل الحالات المشتبه بإصابتهم في قاعات مخصصة لهم".

الامتحان من الدور الأول؟


ولكن لماذا يصر الطالب المصاب بفيروس كورونا، على خوض الامتحان، إذا ما وجد سبيلا ذلك؟ أجاب ذلك أحد طلاب الكلية التقنية الهندسية والكهربائية، قسم هندسة تقنيات الأجهزة الطبية، قال لموقع IQ NEWS، إن "امتحان يوم أمس الأول كان من دون إجراءات وقائية، ولا فحص للحراة قبل دخول القاعات، ففي القاعة ذاتها التي امتحنتُ فيها، امتحنت طالبة، كلنا نعرف بأمر إصابتها، ودون أن تخبر الإدارة، خاضت الامتحان، لكي تتجنب التأجيل إلى الدور الثاني، والذي ممكن أن يؤثر على موضوع تعيينها المباشر، بعد التخرج".


الأمر ذاته أشارت إليه طالبة بقسم تقنيات التمريض، في ذي قار، قائلة "لم يصلنا أي إبلاغ في امتحاناتنا التي خضناها قبل نحو شهر، بعزل المصابين بفيروس كورونا، في قاعات مخصصة، كما أننا لم نكن نلتزم بغير ارتداء الكمامات، إذ إن كل 25 طالبا يمتحنون بقاعة واحدة مفتوح بابها".

وتلفت الطالبة في حديث لموقع IQ NEWS، إلى أنه "لو كنت مصابة فعلا، لما كنت سأبلغ بذلك، ليس لأني غير مهتمة بغيري، ولكن شيئا لا يضمن عزلي بقاعة مخصصة، وعدم تأجيلي إلى الدور الثاني، الذي سيؤثر على تعييني، إذ إن المجموعات الصحية يؤثر عليهم الدور الثاني".