محافظة محررة تخلع رداء "الإرهاب" وتتحول إلى قبلة سياسية

الأنبار - IQ


منذ إعلان السلطات العراقية في نهاية 2017 النصر على تنظيم "داعش" الذي سيطر على محافظات صلاح الدين والأنبار، ونينوى، وأجزاء من كركوك وديالى ومناطق شمالي محافظة بابل، في 2014، محافظة واحدة فقط استطاعت نفض الغبار والنهوض من جديد، والعودة إلى المشهد السياسي.


وفي نهاية 2015، رفعت قوات جهاز مكافحة الإرهاب العلم العراقي في مدينة الرمادي، معلنة النصر على التنظيم الذي أحكم قبضته طوال أكثر من عام على المدينة، فيما تطلبت أجزاء المحافظة الأخرى وقتا أطول، بعد معارك ضارية تسببت بخسائر بشرية ومادية هائلة، خيل للمراقبين وقتها أن الأنبار لن تتعافى من ندوب هذه المعارك أبداً.


قصة نجاح


ولا تزال المناطق التي خضعت لسيطرة التنظيم، تعاني من التركة الثقيلة التي خلفها التنظيم، غير أن محافظة الأنبار استطاعت أن تنهض وتعود إلى مكانتها الاجتماعية المعروفة، والسياسية، بالتوازي مع الحملات العمرانية التي نجحت في محو آثار المعارك الكبيرة.


لاحظ ذلك عمار الحكيم، رئيس تحالف عراقيون، الذي زار محافظة الأنبار اليوم، ووصفها بـ"قصة نجاح للتنمية والنهضة العمرانية"، مقدما شكره لـ"الحلبوسي في موقعه السابق محافظاً للأنبار والآن بموقعه رئيساً لمجلس النواب على رعايته للمحافظة ومتابعته اليومية لهمومها".


وفيما هنأ الحكيم، أهالي الانبار بـ"هذه التجربة الناجحة واتخاذ الخطوات الصحيحة في إعمار المحافظة"، رأى أنه "إذا لم يكن هناك تضامن شعبي لن يحدث شيء من التطور الاقتصادي والعمراني".


وفي السياق ذاته، قال رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، حميد الهايس: "في أيام عمليات التحرير، حينما كنا ننظر للجسور المهدمة وحجم الخراب، قلنا إن من المستحيل عودة النازحين واعمار الانبار قبل عشرة أعوام، ولكن بفضل الجهود الخيرة، رئيس مجلس النواب، والمحافظ، والمسؤولين، حققوا ما لم يستطع تحقيقه في أي مكان في العراق".


فيما أشار نائب الأمين العام لمجلس الوزراء جاسم الحلبوسي، في حديث خاص لموقع IQ NEWS، إلى أن "الانبار تشهد نهضة عمرانية كبرى على كل المستويات، وهذا يتأتى بقيادة المحافظ ومن ورائه الحلبوسي حيث يدعم ويراقب مباشرة ويدير كل مسائل النهضة والعمران والخدمات في هذه المحافظة ورعاها مباشرة وبصورة مباشرة من منصبه رئيساً للبرلمان وكان راعياً لكل حملات الإعمار والإسكان وحملات النهوض الاجتماعي".


قبلة سياسية 

وليس الحكيم أول زعيم سياسي يزور المحافظة، إذ سبقه في ذلك رئيس الجمهورية مرتين، إحداهن إبان المشاورات لتكليف رئيس وزراء جديد بديل عن المستقيل عادل عبد المهدي.


وعند تكليفه بمهام رئيس الوزراء، عدنان الزرفي، كانت الأنبار وجهة له من بين جميع المحافظات، ما يؤكد عودتها إلى مكانتها السياسية المؤثرة على المشهد السياسي، فضلاً عن زيارة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جنين بلاسخارت، وزيارة ناشطين وسياسيين ومثقفين.


فبعد الاستقرار الذي شهدته محافظة الأنبار، تزور وفود من السفراء والسياسيين من داخل العراق وخارجه، مركز المحافظة الرمادي، يقول الصحفي علي الدليمي، في حديث لموقع IQ NEWS، "هذا يعني أن الأنبار باتت رقماً صعباً في المعادلة السياسية".


ويضيف الدليمي، أن "المحافظة استطاعت تجاوز الدمار الذي خلفته سيطرة داعش، حيث أٌعلن أن مدينتي الرمادي والفلوجة منكوبتان فور تحريرهما، ولكنها الآن تجاوزتا ذلك بفضل الاستقرار الأمني والحملة الأمنية ودعم الأهالي"، مشيراً إلى أن "المحافظة كانت تضم أربعة مخيمات للنازحين، وأغلقت باستثناء مخيم واحد، وبقية العوائل عادت الى منازلها، وبعض العوائل تنتظر التعويضات المالية التي لم تصرف لهم".


وصم الإرهاب

المراقبون للمشهد السياسي بعد تحرير المحافظات من سيطرة "داعش"، توقعوا أن توصم المحافظات بوصم الإرهاب، بدفع من جهات سياسية، مستغلة الظرف الذي مرت به المحافظات، لكن أهالي محافظة الأنبار على وجه الخصوص، استطاعوا خلع هذا الوصم، عبر التفاعل مع الأحداث التي تهز العراق والتضامن الكبير مع الأحداث التي تطرأ عليه، فضلا عن رفض الأفكار الطائفية، التي عبروا عنها ببلاغة عبر استقبال زوار السيدة زينب (ع)، في سوريا، المارين بالمحافظة، كل هذا بالاضافة إلى الحملات العمرانية، جعل أبناء المحافظات الأخرى يضعون الأنبار نصب أعينهم في محاسبة المسؤولين عن تردي الخدمات في محافظاتهم.