مترو بغداد.. 40 عاماً من الوعود وأهالي العاصمة يختنقون في الشوارع

بغداد - IQ  


طُرحت فكرة انشاء "مترو بغداد"، لأول مرة عام 1981، وروج لها "إعلام السلطة" بغزارة، وصورها كاحدى خطوات اللحق بركب الدول المتقدمة، لكن فكرة المشروع تلاشت بعد اشتداد الحرب العراقية الايرانية في اواخر العام 1980.


عادت فكرة انشاء المشروع، بعد العام 2003، وكانت الحاجة للمترو "ماسة" عقب فتح الاستيراد الذي مهد لدخول مئات الالاف من السيارات والتي اغرقت شوارع المدن بالزحامات، حتى ان جميع وزراء التخطيط وامناء العاصمة ومجالس محافظة بغداد في الحكومات المتعاقبة تحدثوا عن سعي "حثيث" لإنشاء المشروع.


لم تتوقف تصريحات مسؤولي ما بعد 2003، بخصوص مشروع المترو الذي استبشر به البغداديون خيراً، كونه يُنهي الزُحامات المرورية في شوارع العاصمة التي تبلغ طاقتها الاستيعابية للسيارات نحو 400 الف سيارة، لكنها غارقة بثلاثة ملايين سيارة، في عام 2020. وفقا لمديرية المرور العامة.


في مطلع عام 2007 قال أمين بغداد صابر العيساوي الذي تسنم المنصب لسبع سنوات (2005– 2012)، إن العراق سيشهد انطلاق مشروع "مترو بغداد"، وفي العام 2008 أعلن العيساوي مجدداً تخصيص مليار دولار للمشروع، ولم تكشف اية جهة حتى الان عن تفاصيل المخصصات واسباب تلكؤ "فكرة" المترو.


في منتصف عام 2011، اعلنت امانة بغداد عن قيام شركة فرنسية بإعداد التصاميم الأولية لمشروع المترو، وبعيد ذلك بايام اختارت الامانة سبع شركات عالمية من دول مختلفة لتقديم عروض وتصاميم لمشروع مترو بغداد، بكلفة قالت انها تصل إلى ثلاثة مليارات دولار.


وبحسب التصاميم الاولية لمشروع المترو فانه سيكون بمسارين، الأول بطول 18 كم مع 20 محطة، ويبدأ من نهاية مدينة الصدر، حيث المركز الرئيسي للقاطرات مروراً بساحة الخلاني ثم شارع الخلفاء فشارع الإمام الأعظم وانتهاءً بساحة عنتر في مدينة الأعظمية، أما المسار الثاني للمترو وسيبلغ طوله 21 كلم ويتألف من 21 محطة، ويبدأ مساره من ساحة الفتح بمنطقة المسبح، مروراً بشارع السعدون ويتجه إلى منطقة المنصور عن طريق شارع دمشق، ويصل إلى تقاطع معرض بغداد الدولي ويتفرع إلى فرعين أحدهما باتجاه المنصور ويصل إلى منطقة الوشاش والآخر باتجاه منطقة البياع عبر شارع الجنوب وينتهي عند تقاطع الشارقة.


                                                                (صور نشرها الإعلام العراقي عام ١٩٨٣ لمشروع المترو)


كما اعلنت أمانة بغداد في اواخر 2011 مباشرة شركة سيستر الفرنسية بتطوير التصاميم القديمة لمشروع المترو، والتي ستنجز بنفس العام، وقد بلغت التكلفة التخمينية للمشروع 7,5 مليار دولار، ولم يتحقق شيء سوى ارتفاع الكلفة التخمينية للمشروع.


وفي منتصف العام 2007 كشف مقرر مجلس محافظة بغداد فرحان قاسم، أن تكلفة تصاميم مشروع مترو بغداد، بلغت 40 مليون دولار!، وقال إن هناك اتفاق مع شركة فرنسية، لكن المشروع يحتاج لأموال ضخمة، لذا تنفيذ المشروع متروك ألان.


أحاديث أمانة بغداد عن مشروع المترو كثيرة، آخرها كان للمتحدث باسمها "المُقال"، حكيم عبد الزهرة، قال في 13 تشرين الاول اكتوبر 2020 إن "الأمانة انتهت منذ ثلاث سنوات من التحضيرات والاستعدادات لهذا المشروع، وفيما أشار إلى أنها دعت سفراء الدول العظمى إلى الحضور لتقديم أفضل شركاتهم للاطلاع على المشروع، بين أن "المشروع رُفع إلى الجهات العليا بشأن تنفيذ المترو استثماريا أو ذاتيا أو حكوميا أو مشتركا.


آخر ما بُحث بخصوص مترو بغداد تم في لقاء جمع وزير التخطيط خالد بتال نجم، والقائم بالأعمال الفرنسي جون نوبل بونيو، الثلاثاء، (13 تشرين الأول 2020).


عشرات التصريحات على مدار السنين بخصوص "مترو بغداد"، المشروع الذي لم يرَ النور حتى اللحظة، والذي سعى من خلاله سياسيون لكسب التأييد والشعبية دون أية بادرة لتنفيذه، ستترك الزمن كفيلاً بتحقيق المشروع الحلم دون جدول زمني واضح.


المترو يقلل الزحامات ويرفد الدولة اقتصادياً

الخبير الاقتصادي علي خليل تحدث لـIQ NEWS، عن الفائدة التي سيحققها المترو، مبيناً، أن "المشروع اذا طُبق سيحقق ايرادات اقتصادية جيدة للدولة، ويخدم مواطني العاصمة بتوفير النقل السريع لهم، ويُنهي ازمة الزحامات في قلب بغداد".


صحفيون: مللنا من كثرة تداول اخبار المترو ويصعب تحقيقه

يقول الصحفي محمد باسم، أن "لدى العراق البنية الجاهزة والأرض الخصبة وغير المتعبة لإنشاء مشروع "مترو بغداد"، إلا أن المشروع يصطدم في كل مرة بالبيروقراطية العالية في الحكومة العراقية من جهة، إضافة إلى الفساد في إدراة أموال المشروع، ناهيك عن وجود جهات تمنع تأسيس من هذا المشروع، والإبقاء على اعتماد وسائل النقل التقليدية".


وبين أن "العراق يمتلك طريقتين لاستكمال هذا المشروع، ونقول استكمال كون الخرائط جاهزة والمناطق التي يمر بها المترو أيضاً متوفرة ولا تحتاج إلا تعديلات بسيطة نظراً لتغيير شكل العاصمة العراقية نسبياً منذ عام 1981".


وتابع بأن "الطريقة الأولى تكمن بإجراء التنسيق مع فرنسا، كونها أهدت العراق قرضاً مالياً لإنشاء مترو بغداد، إلا أن سوء الإدارة في البلاد وتسابق الجهات الحزبية للحصول على حق العمل بالمشروع حال دون استكمال، والطريقة الثانية عبر فتح المجال أمام المستثمرين العرب والأجانب، مع ضمان الحماية لهم وللعاملين".


من جانبه، يرى الإعلامي ليث ناطق، "صعوبة انشاء مشروع المترو في هذا الوقت، نتيجة الظروف التي يمر بها العراق، وتحكم سياسيين لم يبنوا شيئاً للبلاد، بالاضافة الى تعرض المشروع لصفقات سياسية فاسدة تعود المواطن العراقي على سماعها في وسائل الإعلام وحتى بتصريحات السياسيين وقادة الكتل".


ويتعامل الصحافيون في العراق مع ملف مترو بغداد ومستجداته كبقية الملفات المؤجلة والمفضوحة في البلاد، فهو خاضع كما غيره لمزاجات سياسية وصفقات فاسدة وتوجهات مافيات السلطة والتغييرات الحكومية، وبالتالي فإن مترو بغداد يعتبر مجازاً واضحاً للناقمين، وللواقعيين فهو أمر ممكن، لكنه يحتاج إلى إرادة حكومية وإيمان بالتغيير.