خسائر بالمليارات وخطط تفشل.. قطاع السياحة في إقليم كردستان يحتضر

السليمانية - IQ  

تضرب الأزمة الاقتصادية والصحية قطاع السياحة في إقليم كردستان العراق، وخصوصا مدينة السليمانية التي عرفت بوداعتها وجمال طبيعتها، ما ضاعف من مشاكل سكانها الذين يعانون من انقطاع الرواتب وشح الموارد الاقتصادية في ظل أزمة مالية تضرب البلاد عموما والإقليم خصوصا، فضلا عن إيقاف حصة الأخير من الموازنة العامة.


زينب ماجد (35 عاما) مدرسة اللغة الانكليزية بإحدى مدارس البصرة، تؤكد توقفها عن السياحة، كما كانت تفعل كل عام، لأسباب تتعلق بجائحة كورونا، وضائقة اليد، إذ تقول لـIQ NEWS "قصدت وعائلتي في شباط 2020، السليمانية، وتوجهت منها الى أربيل وجبل كورك التابع لمحافظة دهوك، وعلى الرغم من أن وزارة الصحة وقتها كانت قد فرضت الحجر الصحي بسبب كورونا، إلا أننا تمكنا من الوصول بباصات مخصصة للسياحة، واستطعنا قضاء أكثر من أسبوع في الإقليم بسبب الوضع المادي الذي كان أفضل من الان بكثير".


الفلس الابيض واليوم الاسود!


اليوم، تقول زينب، أصبح العائق ليس الجائحة فقط، ولا الاجراءات الصحية، وإنما العوز المادي، فكل مخاوفنا من عودة قصة انقطاع الرواتب الحكومية مرة أخرى، كما حدث العام الماضي، ناهيك عن ضعف القدرة الشرائية داخل الاقليم على الرغم من رخص الأسعار، إلا أن الأفضل الان هو اتباع خطة اقتصادية رصينة تحمي من تكرار الازمة الاقتصادية نهاية العام الماضي بسبب الرواتب.


شركات بلا عمل


"تساقط الثلوج لم يشفع لنا هذا العام"، بهذه الجملة يبدأ هريم سيوا، وهو صاحب شركة متخصصة بالسياحة داخل السليمانية، يبدأ حديثه لـIQ NEWS عن تأثير أزمة تفشي فيروس كورونا، على قطاع السياحية، قائلا "هطلت وبشكل مفاجئ هذا العام موجات من الثلوج على الجبال المشهورة مثل كورك في دهوك وأزمر وأطرافه في السليمانية، لكن حركة القادمين من السواح لم تكن كما كانت متوقعة، حيث ان تأثير فيروس كورونا والازمة التي سببها لم يزل حتى الان، فالعوائل كانت تتخوف من الفحوصات الخاصة بفيروس كورونا والتي فرضتها وزارة الصحة في المطارات، خاصة وأن تكلفة الفحص للشخص الواحد تصل لـ60 الف دينار (نحو 40 دولارا)، اي ان العائلة المكونة من 4 اشخاص تضطر لدفع 240 الف دينار (نحو 150 دولارا)، بالاضافة الى تكلفة تذاكر الطائرة والتنقلات واقامة الفنادق وغيرها".


السبب أعلاه كان هو الرئيس وراء انحسار السياحة منذ العام الماضي وحتى الان، يكمل سيوا حديثه لـIQ NEWS، ولكن حين تم الغاء هذه الفحوصات من الطيران الداخلي، برزت قضية الرواتب لتوسع الازمة، حيث ان العوائل بدأت تتخوف من التأثيرات الاقتصادية على العراق، ما قد يعرض الموظفين الى انقطاع رواتبهم مرة أخرى، لذا فالكل أخذ يتجه للترشيد في الإنفاق، خوفا من تكرار سيناريو الأشهر الأخيرة من العام 2020، وهذا يعني أننا كشركات سياحية وعاملين في هذا المجال، مرتبطون برواتب الموظفين بشكل او بآخر".


وبشأن انحسار الاقبال على شركات السياحة العاملة في الاقليم، يشير الى أن "أغلب الشركات العاملة في الاقليم اضطرت الى تسريح اكثر من نصف موظفيها بسبب قلة السياحة، فيما اضطر البعض الاخر الى تغيير نشاط شركته وتحويلها الى قطاع اخر".


إحصائيات رسمية


من جهته، يقول المتحدث باسم هيئة السياحة في إقليم كردستان العراق، نادر روستي، لـIQ NEWS، إن "كوادر الهيئة لم تستطع هذا العام إجراء إحصائية رسمية بسبب ظروف تفشي كورونا، إلا أنها تتوقع بأن الاعداد لم تتجاوز المليون سائح في أكثر التقديرات، وهو رقم قليل اذا ما قارناه مع العام 2019 الذي سجل دخول 3 ملايين سائح إلى مدن الإقليم، غالبيتهم من محافظات الوسط والجنوب". 


ويتابع روستي، أن "القطاع بحاجة الى إنعاش، خاصة مع عودة الحظر بشكل جزئي أو تام لمدن العراق، وهذا ما سيزيد من خسارة قطاع السياحة في الاقليم خلال موسمي الثلوج والربيع ايضا".


يشار الى أن السياحة في إقليم كردستان العراق، مواسم متعددة، سواء في فصل الصيف، هربا من قيظ الحر، والشتاء حيث منظر الثلوج التي تغطي الكثير من مساحاتها، والربيع الذي يشهد الاحتفال بأعياد النوروز، وظهور مساحات خضراء واسعة، فضلا عن وجود مواقع أثرية كقلعة أربيل التاريخية.


خطط فاشلة


روستي، يلفت الى أن "الهيئة قدمت خططا لتطوير هذا القطاع وتحسين الخدمات في المناطق السياحية لتعويض الخسائر الكبيرة التي تعرض لها القطاع السياحي في الإقليم عام 2020، والتي تقدر بحوالي مليار دولار"، الا أنه عزا فشل تلك الخطط الى "الوضع الاقتصادي وارتفاع سعر صرف الدولار، وعدم استقرار وضع الرواتب في بقية مدن العراق".


ويضيف "على الرغم من أننا قمنا بحملات كبيرة للتعريف بالأماكن السياحية، ووسعنا المواقع بالتعاون مع الدوائر الحكومية الخدمية، وحاولنا أن نجعل الإجراءات الأمنية اكثر سلاسة، إلا أنه فاعلية هذه الخطوات تصطدم بانتشار وتفشي فيروس كورونا واجراءات وزارة الصحة والجهات المختصة، خاصة مع إقرار الحظر التام أو الجزئي بين المحافظات، والذي يعني مزيدا من الكساد في أسواق ومدن الاقليم، والتي تعتمد على السواح والوفود من داخل وخارج العراق".