المقال رقم (2): جاسم العميري يقيل رئيس البرلمان خارج نص المادة (52) من الدستور
- 16-07-2025, 13:55
- سياسة
- 520

بغداد - IQ
من المبادئ الدستورية الراسخة، أن البتّ في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب هو من اختصاص المجلس نفسه، ولا يكون للمحكمة الاتحادية أي دور في هذا الشأن إلّا بطلب الطعن في قرار يصدر عن مجلس النواب بأغلبية الثلثين، كما نصت المادة (٥٢) من الدستور:
أولًا: يبت مجلس النواب في صحة عضوية أعضائه، خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تسجيل الاعتراض، بأغلبية ثلثي أعضائه.
ثانيًا: يجوز الطعن في قرار المجلس أمام المحكمة الاتحادية العليا خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدوره.
وعليه، فإن ولاية المحكمة الاتحادية في هذا الموضوع رقابية لاحقة لا تُمارَس إلّا بتوافر ثلاثة شروط مجتمعة: صدور قرار من البرلمان، أغلبية الثلثين، والطعن في المهلة المحددة.
لكن المحكمة الاتحادية، برئاسة جاسم العميري، تجاوزت هذه الحدود الدستورية الصارمة، وذلك عندما أصدرت حكمها بالعدد (٩/اتحادية/٢٠٢٣) بتاريخ ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢٣، والذي قضى بشكل مفاجئ بإنهاء عضوية محمد الحلبوسي من مجلس النواب، رغم أن الدعوى الأصلية لا تتعلق بذلك أصلًا.
ما جرى في هذه القضية لم يكن سوى انحرافٍ واضح بالاختصاص الدستوري للمحكمة، وإقحامٍ متعمّد منها في صراع سياسي بين أطراف متخاصمة. الدعوى التي أقامها ليث الدليمي، كانت في أصلها تتعلق بطلب إبطال الأمر النيابي رقم (٥) لسنة ٢٠٢٣ المتعلق بقبول استقالته. لكن المفاجأة أن المحكمة، وقبل يوم واحد فقط من إصدار الحكم، قبلت طلبًا جديدًا من المدعي نفسه يقضي ببطلان عضوية محمد الحلبوسي، وهو ما لم يكن واردًا في عريضة الدعوى، وتم البت فيه دون أن تُمنح الخصومة الفرصة للرد، مما يثير الشكوك حول حيادية المحكمة وسلامة إجراءاتها.
بل إن ما يزيد من خطورة الأمر، هو أن دعوى إنهاء عضوية محمد الحلبوسي لا تستند إلى أي قرار صادر من مجلس النواب حتى تنهض رقابة المحكمة عليه، وبالتالي فإنها واجبة الرد شكلًا منذ الجلسة الأولى، لأنها لا تقع ضمن ولاية المحكمة الاتحادية بموجب الدستور أو أي قانون آخر، سواء قانون الانتخابات أو قانون المحكمة نفسها.
أما الأدهى، فهو أن المحكمة استندت في قرارها إلى مزاعم تزوير في ورقة استقالة النائب المدعي، واعتبرتها سببًا لبطلان عضوية رئيس المجلس، دون أن يكون هناك أي حكم جزائي بات يثبت التزوير، وهو خرق فاضح للقاعدة القانونية المستقرة بأن التزوير لا يُثبت إلا بحكم جزائي بات صادر من المحكمة المختصة.
ثم أضافت المحكمة خرقًا آخر عندما قبلت تدخل النائب باسم خشان كخصم في الدعوى إلى جانب المدعي رغم أنه لا صفة له ولا علاقة له بالموضوع، ما يكشف وجود رغبة في خلط الأوراق واستغلال الدعوى لتوجيه ضربات سياسية لخصوم بعينهم.
أما الحكم الصادر، فقد كان فادحًا في خروقه:
• فقضى أولًا بإلغاء الأمر النيابي المتعلق باستقالة المدعي
• وثانيًا بإلغاء عضوية المدعي نفسه من البرلمان
• وثالثًا بإنهاء عضوية محمد الحلبوسي، دون أن تكون هناك دعوى أصلية أو صفة قانونية للطرفين في هذا الشأن.
وكل ذلك تم رغم أن الدعوى أُقيمت ضد الحلبوسي بصفته الوظيفية وليس بشخصه، ما يعني أن الحكم عليه شخصيًا غير جائز قانونًا.
إن أي محكمة اتحادية محترمة، تلتزم بالدستور والقانون، كانت ستحسم هذه الدعوى من أول جلسة بردّها شكلاً لعدم الاختصاص، لكن ما حصل يؤكد أن المحكمة في عهد جاسم العميري كانت تتحرك وفق رغبات سياسية لا وفق نصوص الدستور، وأن رئيسها استغل موقعه القضائي للتأثير في موازين القوى السياسية، وليس لحماية الدستور.
د.عصام الشاوي
١٦ تموز ٢٠٢٥