"في يوم النصر على داعش".. أقطاب "التصعيد" ما زالوا مؤثرين وملامح الضحايا "مسلوبة"

بغداد - IQ  

"جئناكم بالذبح"، بهذ الشعار كان تنظيم داعش يتقدم، في حزيران 2014، صوب مدن عراقية تهاوت أمامه الواحدة تلو الأخرى بدءاً من الموصل وحتى تخوم العاصمة بغداد. 

في ذلك الصيف، شعر العراقيون بخطر وجودي ربما لم يشعروا به حتى في لحظة إطاحة القوات الأميركية بنظام صدّام حسين عام 2003، وكان هول الصدمة يتضاعف مع المشاهد التي توثق "انكسار" القوّات العراقية أمام عناصر التنظيم الذين أعدموا أكثر من ألف جندي غالبيتهم من حديثي التطوع على ضفة دجلة في صلاح الدين بما عُرف بـ"مجزرة سبايكر".

وجاءت تلك الأحداث على خلفية تصعيد طائفي وانقسام سياسي حاد وتقاذف مختلف أنواع الاتهامات من جانب أقطاب في العملية السياسية، من الشيعة والسنة، وراح كلٌ منهما يقلّب تاريخه المذهبي، باحثاً عمّا يصلح لمعركة مع خصم من هذا النوع، ليجذب نحوه أبناء مذهبه والدول ذات المشتركات.

مسار التقاط الأنفاس بدأ بتغيير الحاكم "الشيعي"، بينما توارى خصمه "السني"، ملاحقاً بصور الدمار، ولجوء الملايين من سكان المناطق التي سيطر عليها "داعش" إلى مدن أخرى ليسكن من لا تعينه الظروف منهم، في خيام منصوبة في العراء.

وشيئاً فشيئا، أعادت القوات العراقية تنظيم نفسها مسنودة، على الأرض، بعشرات الآلاف من المتطوعين الذين تركوا حياتهم المدنية والتحقوا بالجبهات دون تدريب أو سلاح حتى استجابة لفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الديني علي السيستاني، ومن السماء بأسراب مختلفة من الطائرات عليها أعلام لدول عدّة تحالفت بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ضد داعش.

وضع العراق طيلة ثلاث سنوات (2014- 2017) كل امكانياته لقتال التنظيم، حتى أعلن القائد العام للقوات المسلحة في حينه، حيدر العبادي، "النصر على داعش" في 10 كانون الأول 2017، بعدما استعادت القوات العراقية المشتركة جميع المناطق التي سيطر عليها داعش، ثم توجهت إلى فرض سيطرتها على الحدود مع سوريا لتعيد في نهاية المطاف العلامات التعريفية الفاصلة بين حدود البلدين إلى مكانها الذي جرفه التنظيم لـ"يوحد أرض الخلافة".

لاتوجد إحصائية رسمية ودقيقة بأعداد القتلى العراقيين الذين سقطوا على يد تنظيم داعش، لكن أعداداً تقريبية تقول إنهم يتراوحون بين 9000 إلى 11000 قتيل، مع حوالي 4 ملايين نازح أغلبهم عادوا إلى منازلهم.

وفي حين قالت بغداد إنها بحاجة إلى 100 مليار دولار لإعادة إعمار المناطق التي تضررت بفعل تلك الحرب، أشارت الأمم المتحدة إلى أن "جميع شرائح المجتمع العراقي: السنة والشيعة والمسيحيون، والتركمان والإيزيديون والشبك والكاكائيون، عانوا بسبب وحشية داعش وممارساته".

في رفوف البرلمان العراقي وأماكن أخرى، وثائق وشهادات لأسماء كثيرة، تدين في خلاصتها قادة سياسيين سنة وشيعة بملفي "سقوط الموصل بيد داعش"، وتقديم ضحايا سبايكر إلى المذبح نتيجة "الاهمال" و"الفساد" وعدم اتخاذ خطوات كان يمكن من خلالها تجنيب آلاف العوائل العراقية الفجيعة بأبنائها.

كلّ من ورد اسمه في هذين الملفين، ومنهم هاربون إلى خارج العراق، تراجعوا في تراتبية الزعامة السياسية ليتقدم غيرهم، لكن بعضهم لا زال يملك سلطة التوجيه والنفوذ وقيادة كتل برلمانية والدخول في تحالفات وإطلاق المواقف والحديث عن "مصلحة العراق"، بينما صور العسكريين الذين سقطوا خلال "معارك التحرير" تملأ جوانب الطرق والساحات العامة بمختلف المدن العراقية، وبعضهم سَلبت ملامحه.. عوامل التعرية.