الكاظمي: سلمنا الأمانة والعراق بحال أفضل

بغداد - IQ  

سلّم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، مهامه إلى رئيس الحكومة الجديدة محمد شياع السوداني، الخميس (27 تشرين الأول 2022)، وحذره من أن "الضغوط الحزبية والابتزاز السياسي لأي حكومة سيعيق" الإصلاحات الإدارية والاقتصادية ومكافحة الفساد "الذي يمتلك أذرعاً قوية".

وقال الكاظمي في كلمة له موجهة للشعب العراقي بعد منح البرلمان الثقة لحكومة السوداني وأعضاء كابينته ومنهاجه الوزاري، وتابعه موقع IQ NEWS، "أتحدث إليكم اليوم، وأنا أسلّم الأمانة الوطنية في قيادة العراق إلى أخي دولة الرئيس محمد شياع السوداني، الذي صوّت مجلس النواب على برنامجه الحكومي، متمنياً له التوفيق في أداء الواجب الوطني، وإكمال مسيرة خدمة شعبنا".

وأوضى "كل القوى السياسية بدعم كل مسعًى للحكومة الجديدة على طريق الاستقرار والنمو والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم تعريض المتصدين لهذه المهمة النبيلة إلى الطعن والتنكيل والضغوط والابتزازات على حساب مصالح الناس والوطن".

وقال "بكل شرف واعتزاز، نسلّم الأمانة والبلد ليس فقط بحال أفضل، وإنما والعراق هو أسرع اقتصاد عربي نمواً في العام 2022، بمعدلات 9.3 بالمئة بحسب صندوق النقد الدولي؛ في الوقت الذي يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً واسعاً".

وأضاف رئيس الوزراء السابق "استلمنا الاحتياطي النقدي 49 مليار دولار، والاحتياطي اليوم 85 مليار دولار؛ استلمنا  احتياطي الذهب 95 طناً، والآن 134 طناً. استلمنا خزينةً شبه خاوية، حتى رواتب الموظفين ما كان بالإمكان دفعها. اليوم خزينة البلاد عامرة بحمد الله، وهي بانتظار موازنة مسؤولة ونزيهة لصرف الموارد في بناء الوطن والاستثمار في الإنسان العراقي".

وتابع "واحدة من أهم أولوياتنا، كانت الحفاظ على المال العام وزيادة الخزينة والاحتياط وليس هدر مال الناس، مثل ما يروّج البعض بهدف تشتيت المسؤولية عن المتورطين الفعليين بقضايا فساد، وإحداث بلبلة حتى يكون عندهم مساحةً للتلاعب؛ هذا كله رغم أن حكومتي لم تُمنحْ الموازنة إلا لمدة ستة أشهر فقط".

وأردف: "قلناها سابقاً، ونقولها اليوم، إن الأزمة الاقتصادية تحتاج إلى إجراءات عقلانية طويلة المدى، وضعنا أسسها في إصلاحات اقتصادية نتمنى أن يتمّ الاستـمرار بها؛ لحماية مستقبل أجيالنا".

وأكد رئيس الوزراء على ضرورة "تحقيق التضامن السياسي لدعم المشاريع الاستراتيجية مثل ميناء الفاو الكبير، الذي تقدّم خطوات كبيرةً مؤخراً، ومشاريع الغاز والطاقة والطاقة البديلة والمستشفيات والمدارس ومشاريع الإعمار والإسكان، التي دخلت الخدمة أو التي ما زالت في طور الإنشاء".

وقال إن "الحفاظ على مستوى النمو الاقتصادي الذي تحقّق،  وتطويره، يحتاج إلى تكاتف بين الجميع بروح الأخوّة لا بروح التصادم الذي يضعف الوطن ويستنزف قدراته، ويفوّت الفرص في تحقيق تطلعات الشعب".

وأضاف "فيما يخصّ الوضع الأمني، نحن نسلّم وضعاً أمنياً متماسكاً تم فيه القضاء على جيوب الإرهاب، وتعزيز القوات الأمنية بمختلف صنوفها، بالتدريب المهني والتجهيز والتسليح، مما أدى إلى ارتفاع التصنيف العالمي للجيش العراقي من 57 إلى 34، وسيكون على الحكومة الجديدة البناء على كل ذلك وتطويره، واستـمرار دعم الجيش وأجهزة الأمن، وحفظ السلم الاجتماعي".

وأشار مصطفى الكاظمي إلى أن "الأزمة الاجتماعية التي صاحبت التظاهرات الشعبية في تشـرين وما بعدها، كرّست أجواء انعدام الثقة بين الشعب وأجهزة الدولة، وسالت دماء زكية كثيرة وبريئة من أبناء شعبنا. بذلنا كل جهد لأجل استعادة ثقة الشعب بالدولة، وعملنا بقوة من خلال تدريب قواتنا على التعامل السلمي مع المتظاهرين، وحظر استخدام العنف والسلاح تجاهم. واعتمدنا سياسة الاعتراف بالتضحيات الكبيرة التي قدّمها شباب العراق وشاباته، وعوّضنا عوائل المتضـررين، وحفظنا حقوقهم وندعو كذلك إلى استكمال هذا الواجب".

وخاطب الشعب العراقي قائلاً "ليس العراق بلداً استثنائياً في ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. التأريخ يحدثنا عن تجارب عديدة من سنغافورة ودولة الإمارات إلى كوريا الجنوبية وراوندا، وغيرها الكثير، تجاوزت فيها تلك الشعوب الأزمات عندما نظرت نخبها السياسية إلى الواقع برؤية تضامنية مسؤولة، وليس بمنطق التغانم، ومحاولة امتصاص الموارد، والصفقات الحزبية".

وأضاف "نعم، بإمكان شعبنا تجاوز كل الأزمات؛ ليصنع واقعاً ومستقبلاً يليق به، بشرط الولاء للوطن، وأن يدرك الجميع أنْ لا طريق إلا بالحوار والتفاهم ومصارحة الشعب بالحقائق واحترام المؤسسات الدستورية".

وتابع "لقد نفّذتْ هذه الحكومة واجبها بإجراء انتخاباتّ عادلة ونزيهة بشهادة وإشادة الجميع داخلياً، وعلى المستوى الدولي، رغم كل الاتهامات الظالمة والأكاذيب التي وجهت إلينا، مع إننا لم نشاركْ في تلك الانتخابات؛ لحماية نزاهتها، ودعمنا كل جهد لتشكيل الحكومة وفق الدستور، وتعهّدنا بتسليم الأمانة، وحفظ التداول السلمي للسلطة وفعلنا".

وأردف: "أثبت الواقع بطلان كل ما نفثوه من سموم وأباطيل، بدأت قبل تسلمنا المسؤولية حتى اليوم ضمن حملة ممنهجة ذات طابع سياسي انتقامي تستهدف كل جهد وإنجاز ونجاح قامت به هذه الحكومة".

وقال "من واجبي النصيحة بأن الضغوط الحزبية والابتزاز السياسي لأي حكومة سوف يعيق استكمال الإصلاحات الإداريّة والاقتصادية، ومواجهة تحديات المستقبل، بل ويعيق واجب القضاء على الفساد الذي ما يزال –للأسف- يمتلك أذرعاً قوية، ويحتاج إلى موقف وطنيّ شامل وجاد لانتزاعه من خلال دعم الإصلاح واحترام القانون".

وقال أيضاً "نسلّم المسؤولية اليوم للحكومة الجديدة والعراق يحظى بتقدير إقلمي ودولي متزايد، وأصبح وجهةً لحلّ الخلافات المعقدة، وتعقد فيه المؤتمرات الإقليمية والدولية مثل: مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون. لقد فتحت حكومتي آفاق تعاون واسعة مع أشقاء العراق وجيرانه، ومع المجتمع الدولي وسياسة العراق الخارجية انسجمت مع تطلعات شعبنا المسالم التوّاق إلى التقدم والازدهار والرفاه، والمتمسك بأصالته وسيادته وروحه الوطنية".

ومنح البرلمان الثقة اليوم لحكومة محمد شياع السوداني وبرنامجه الوزاري في جلسة حضرها 253 نائباً.

وتعهد السوداني في برنامجه الحكومي بتحسين الخدمات ومكافحة الفساد وإنجاز مشاريع استراتيجية مثل ميناء الفاو الكبير وشمول المزيد من الأسر الفقيرة في الرعاية الاجتماعية إضافة إلى دعم إعمار المناطق المستعادة من "داعش"، وإعادة النازحين إليها بما فيهم سكان جرف الصخر شمالي بابل.

كمّا تضمن منهاجه تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، وإطلاق حوار شامل "يعيد ثقة الشعب بالنظام السياسي".