تصادم عناصر الحشد المفصولين مع "الشغب" بالجادرية.. "طرف خفي دفعهم" والمالية متهمة

بغداد - IQ  


منذ سنوات كان مئات الأشخاص المفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي لأسباب مختلفة، ينظمون اعتصامات متقطعة في أماكن متفرقة سواءً ببغداد أو في محافظاتهم، طالبين العودة إلى الخدمة لكن "عدم توفر التخصيص المالي" ومشاكل أخرى حالت دون عودتهم.


ولم تتحوّل هذه الاعتصامات، التي زار واحدة منها نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق أبو مهدي المهندس، لأعمال شغب يشارك فيها الجميع باستثناء بعض الحوادث، ومنها الاعتداء على ضابط شرطة في بغداد قبل أشهر.


على امتداد هذه السنوات، أصدرت هيئة الحشد الشعبي وبعض دوائرها بيانات عدة تؤكد أن إجراءات تنظيم عودة المفسوخة عقودهم للحشد قائمة وأنها تحصي الأعداد، لكن حتى اليوم لا توجد إحصائية صادرة عنها بالعدد النهائي.


"طرف خفي وراء الصدام"


يوم أمس، وبينما كان الجو العام في العراق مشغول بحادثة حريق مستشفى ابن الخطيب الذي وقع مساء السبت وأودى بحياة العشرات وإصابة أكثر من 100 آخرين، تصادمت مجموعة معتصمين مفسوخة عقودهم من الحشد مع القوات الأمنية في منطقة الجادرية، أمام دائرة الإدارة المركزية لهيئة الحشد الشعبي، وانتهى الصدام بانسحاب المعتصمين وسيطرة القوات على مكان الاعتصام مع اندلاع نيران في أشجار بمحيط المكان.


وسبق تقادم هؤلاء المعتصمين، وعددهم بالمئات، إلى محيط دائرة الإدارة المركزية في الجادرية، ضخ منشورات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي و"التليجرام" مكتوبة بأسلوب متشابه وبعضها منسوب لرئيس هيئة الحشد فالح الفياض والقيادي في تحالف الفتح احمد الأسدي، "تبشّرهم" بحل مشكلتهم، دون توضيح أكثر، وأكدت على ضرورة حضور الجميع ليتميز الأشخاص الفعليون عن الأسماء الوهمية وطلبت منهم جلب أوراقهم الثبوتية وأن "من لا يأتي يسقط حقه".


الفياض والأسدي نفيا صحة هذه المنشورات أو نسبتها لهم، لكن هناك من يعتقد، وبينهم مقربون قيادات الحشد الشعبي، أن تداول هذه المنشورات المزيفة لم تكن سوى خطة لـ"جهة وطرف خفي" خطط لحصول مواجهة وصدام بين المفسوخة عقودهم وبين الحشد.


في هذا الإطار، يقول يزن مشعان الجبوري، وهو مقرّب من قيادة الحشد ومنخرط فيه، إن جميع المنشورات التي جرى تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي والتليجرام حول عودة المفسوخة عقودهم للحشد الشعبي لم تكن صحيحة ولم تخرج عن أي جهة، لا رئيس الهيئة فالح الفياض ولا النائب أحمد الأسدي أو مديرية الحشد ذاتها ولا مديرية إعلامها، لكن يأس الناس وغضبهم دفعهم للتوجه بالمئات إلى الدائرة المركزية التابعة للهيئة في الجادرية.


وعن تفاصيل الصدام، يوضح الجبوري في حديثه لموقع IQ NEWS، أن "الدائرة منعت هؤلاء من الدخول لعدم وجود تعليمات وآليات رسمية حول عودة المفسوخة عقودهم للحشد الشعبي حتى الآن، وبعد منعهم حصلت حالة من الغضب والهيجان أدى لوقوع اشتباك بالأيدي و"نوع من التكسير"، فجاء فوج من مكافحة الشغب حاول تفريق الجموع ثم أطلق النار فتفاقم الوضع أكثر وأحرق المعتصمون الإطارات والأشجار القريبة".


ويحمّل يزن الدائرة المركزية ذاتها مسؤولية عدم الخروج للمعتصمين وتوضيح الحقيقة لهم، معتقداً أن "هناك جهة خفية وطرف دفع الناس للذهاب إلى الدائرة لتحصل مواجهة بينهم وبين الحشد الشعبي".


"وزارة المالية مسّت بأمن البلد"


النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي، يعود في حديثه عمّا حصل ليلة أمس، إلى أيّام إعداد الموازنة المالية لعام 2021، مستعيداً اعتراض كتل سياسية لم يسمِّها على تضمين عودة المفسوخة عقودهم إلى الحشد الشعبي "بحجة أن الأمر سيستخدم سياسياً من كتل أخرى، متناسين أن هذه الأعداد شاركت في الدفاع عن الوطني".


ويقول البلداوي متحدثاً لـ IQ NEWS، إن هذا "الموقف السلبي" دعا البرلمان إلى تحويل المبالغ المخصصة لعودة 30 ألفاً من المفسوخة عقودهم إلى تخصيصات مالية وضعت في موازنة الحشد الشعبي على أن تتولى هيئته بالتنسيق مع وزارة المالية والجهات المختصة إعادة هؤلاء بعد ترتيب المبالغ.


وهنا، "تحاول بعض الجهات السياسية ووزارة المالية بالدفع نحو عدم تنفيذ هذه الفقرة وتمريرها، وهذا يمس بأمن البلد وسيادته وسمعة المؤسسات الحكومية والتشريعية والتنفيذية"، كما يقول.

ويشير النائب البلداوي إلى أن "المبالغ المخصصة لقوات الحشد الشعبي ليست كبيرة مقارنة مع باقي التشكيلات، وكان من المفترض ترتيب القرارات الخاصة بعودة المسفوخة عقودهم ثم إتأهيلهم بعد اعادتهم التي كان من المفترض أن تتم في شهر تموز"، مضيفاً أن "التظاهر حق طبيعي لهم للمطالبة بحقوقهم وإنصافهم".


بعد إقرار البرلمان الموازنة المالية للعام الجاري في 1 نيسان، أكدّت هيئة الحشد الشعبي في بيان أوردته في الرابع من الشهر الجاري "تضمين ملف المفسوخة عقودهم من الهيئة" في الموازنة، وقالت، مخاطبة هذه الشريحة، إنها تنتظر "التعليمات والإجراءات التي تصدر من الجهات ذات العلاقة، وفي حال ورودها بشكل رسمي سيتم إبلاغكم عبر البيانات والتصريحات التي تصدر من مديرية الإعلام في الهيئة حصراً".

لكن اليوم، أدلى رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية محمد حيدر رضا، بكلام مختلف، وقال في تصريح صحفي، إن الموازنة لم تتضمن تخصيصات جديدة للحشد الشعبي أو آلية لعودة المفسوخة عقودهم إليه، مبيناً أن "التضمين كان لمنتسبي الحشد الذين يتسلَّمون نصفَ راتب وهم مستمرون في الخدمة".


"وإن استغلوهم انتخابياً.. إنها خدمة للفقير!"


من جهته، يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية سعران الأعاجيبي أن "هناك من يعتبر أن تخصيصات عودة المفسوخة عقودهم قد استغلت لأغراض انتخابية وقد يكون هذا صحيحاً، لكنه في النهاية خدمة للمواطن الفقير".

ويضيف الأعاجيبي في حديثه لـIQ NEWS إن "المقاتل على أرض المعركة غير مسؤول عن الفساد في المؤسسات"، متفقاً مع زميله النائب محمد البلداوي على أن "التظاهر حق مشروع لكل مواطن ليصل صوته للمسؤولين".