الشرع: جئتكم من عاصمة التاريخ ومهد الحضارات
- أمس, 23:23
- دولي
- 98

بغداد - IQ
تحدث الرئيس السوري أحمد الشرع، الأربعاء، خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها 80 في نيويورك، عن الواقع السوري والعلاقات الخارجية والاستثمارات على طريق إعادة الإعمار.
وتطرق الشرع في كلمته للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على أراضي سوريا، مؤكدا التزام دمشق باتفاق فض الاشتباك عام 1974.
وقال الرئيس الشرع في كلمته: "الحكاية السورية حكاية تهيج فيها المشاعر ويختلط فيها الألم بالأمل، الحكاية السورية حكاية صراع بين الخير والشر، وبين الحق الضعيف الذي ليس له ناصر إلا الله، والباطل القوي الذي يملك كل أدوات القتل والتدمير.. حكايتنا عبرة من عبر التاريخ وتمثيل حقيقي للمعاني الإنسانية النبيلة".
وأضاف: "في هذه المعركة الأزلية بين الحق والباطل تروى الحكاية السورية لتحكي فصلا جديدا من فصول هذا الصراع، فصلا عظيما ومشرقا بالإبداع، زاخرا بالمواجهة والإصرار والصبر والعذاب والألم والتضحية والتمسك بالقيم النبيلة والإعداد الجاد والعمل الدؤوب، كل ذلك أدوات تعين الحق على الباطل".
وتابع قائلا: "لقد جئتكم من دمشق عاصمة التاريخ ومهد الحضارات، تلك البلاد الجميلة التي علمت الدنيا معنى الحضارة وقيمة الإنسان والتعايش السلمي، لتصبح منارة يقتدي بها العالم، غير أن سوريا منذ 60 عاما وقعت تحت وطأة نظام ظالم غاشم يجهل قيمة الأرض التي حكمها ويقهر الشعب الودود المسالم".
وأردف الرئيس السوري بالقول: "لقد صبر شعبنا لسنين طويلة على الظلم والقهر والحرمان ثم ثار مناديا بحريته وكرامته، فقوبل بالقتل والتنكيل والحرق والاغتصاب والتهجير".
وأفاد أحمد الشرع بأن النظام السابق استخدم في حربه على الشعب أبشع أدوات التعذيب والقتل والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والتعذيب في السجون والتهجير القسري وأثار الفتن الطائفية والعرقية واستخدم المخدرات سلاحا ضد الشعب والعالم.
وذكر أن نظام الأسد مزق سوريا طولا وعرضا وهدم أهم حواضر التاريخ فيها، واستقدم عصابات وميليشيات من أصقاع الأرض، وارتهن بلادنا الجميلة، وقتل نحو مليون إنسان وعذب مئات الآلاف وهجّر نحو 14 مليون إنسان وهدم ما يقرب من مليوني منزل فوق رؤوس ساكنيها.
وأوضح في كلمته أن الشعب الضعيف استهدف بالأسلحة الكيميائية بأكثر من 200 هجوم موثق ليسكت صوت الحق، ومع كل هذا الإجرام أنهى أي لغة سياسية للحل رغم ما كان يعرض عليه.
وأوضح أنه ما كان أمام الشعب إلا أن ينظم صفوفه وأن يستعد للمواجهة التاريخية الكبرى في عمل عسكري خاطف، مواجهة أسقطت منظومة إجرام استمرت لـ 60 عاما، مبينا أن العمل العسكري كان ملؤه الرحمة والخير وتغليب العفو والتسامح.
وذكر أن المعركة لم تتسبب بتهجير إنسان ولا قتل مدني، وتوّجت بنصر لا ثأر فيه ولا عداوات، استعاد الشعب فيها حقه.
وصرح أحمد الشرع بأن سوريا تحولت بهذا النصر من بلد يصدر الأزمات إلى فرصة تاريخية لإحلال الاستقرار والسلام والازدهار لسوريا وللمنطقة بأسرها.
ولفت إلى أن الإنجاز السوري الفريد والتكاتف الشعبي الحاصل دفع بأطراف لمحاولة إثارة النعرات الطائفية والاقتتالات البينية سعيا لمشاريع التقسيم وتمزيق البلاد من جديد، غير أن الشعب السوري كان يملك من الوعي ما يمنعه من استمرار حصول الكوارث والعودة بسوريا إلى مربعها الأول.
وأكد أن الدولة السورية عملت على تشكيل لجان لتقصي الحقائق، ومنحت الأمم المتحدة الإذن بالتقصي كذلك، وخلصت إلى نتائج متماثلة في شفافية غير معهودة في سوريا، متعهدا بتقديم كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء إلى العدالة.
وقال الرئيس السوري إن التهديدات الإسرائيلية ضد بلاده لم تهدأ منذ الثامن من ديسمبر 2024 إلى اليوم.
وأفاد بأن السياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسوريا ولشعبها في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يعرض المنطقة للدخول في دوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي.
وذكر أنه إزاء ذلك تستخدم سوريا الحوار والدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة، وتتعهد بالتزامها باتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وتدعو المجتمع الدولي للوقوف إلى جانبها لمواجهة هذه المخاطر واحترام سيادة ووحدة الأراضي السورية.
وأشار الشرع إلى أنه ومنذ لحظة سقوط النظام وضعنا سياسة واضحة الأهداف تقوم على عدة ركائز، الدبلوماسية المتوازنة والاستقرار الأمني والتنمية الاقتصادية، وملء فراغ السلطة، والدعوة إلى حوار وطني جامع.
واستطرد قائلا: "أعلنا عن حكومة ذات كفاءات، وعززنا مبدأ التشارك، وقمنا بتأسيس هيئة وطنية للعدالة الانتقالية وأخرى للمفقودين إنصافا وعدلا لمن ظلم".
وأكد أن سوريا ماضية في انتخابات ممثلي الشعب في المجلس التشريعي، وهيكلة المؤسسات المدنية والعسكرية عبر حل جميع التشكيلات السابقة تحت مبدأ حصر السلاح بيد الدولة.
ومضى الشرع قائلا: "بنشاط دبلوماسي مكثف، استعادت سوريا علاقاتها الدولية وأنشأت شراكات إقليمية وعالمية توّجت برفع معظم العقوبات تدريجيا عن سوريا، وإننا نطالب برفعها بشكل كامل حتى لا تكون أداة لتكبيل الشعب السوري ومصادرة حريته من جديد".
وأوضح أن سوريا عدلت قوانين الاستثمار، وبدأت كبرى الشركات الإقليمية والدولية بالدخول إلى السوق السورية والمساهمة من خلال الاستثمار في إعادة الإعمار، مبينا أن البلاد تعيد اليوم بناء نفسها من خلال التأسيس لدولة جديدة عبر بناء المؤسسات والقوانين الناظمة التي تكفل حقوق الجميع دون استثناء.
وأكد الشرع أن سوريا اليوم تعود إلى موقعها الذي تستحق بين أمم العالم.
وأشار إلى أن الألم الذي عاشته سوريا لا تتمناه لأحد، فنحن من أكثر الشعوب التي تشعر بحجم معاناة الحرب والدمار، لذا فإننا ندعم أهل غزة وأطفالها ونساءها وباقي الشعوب التي تتعرض للانتهاك والاعتداء، وندعو لإيقاف الحرب فورا.
واختتم الشرع كلمته بالقول: "الحكاية السورية لم تنته بعد، فهي مستمرة في بناء فصل جديد من فصولها، عنوانه السلام والازدهار والتنمية".