"لقاح كورونا الفرنسي".. انتكاسة تهدئ وتيرة التفاؤل

متابعة - IQ  

على مدار الأشهر الماضية، ظل العالم يحبس أنفاسه انتظاراً لبارقة ضوء في نهاية النفق المظلم للخروج من أزمة فيروس كورونا المستجد، وسط فترات من الإغلاق والقيود المشددة وما لذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية. 


وأخيراً بدأ الجميع يتنفس الصعداء مع ظهور لقاحات تعد بالأمل في عودة الحياة لطبيعتها. لكن هل باستطاعة هذه اللقاحات إعادة الحياة بالفعل لتُطوى بذلك تلك الصفحة القاتمة من تاريخ البشرية؟


وفي هذا السياق نشرت وكالة «بلومبرج» للأنباء تقريراً حول «انتكاسات» تعاني منها بعض الشركات المصنعة للقاحات، ما أجبرها على تأخير طرح اللقاحات بعيداً عن المواعيد الأولية التي كانت تتوقعها.



 وتقول «بلومبرج» إن شركات إنتاج اللقاحات، ومن بينها اثنتان من كبريات شركات العالم، واجهت انتكاسات في محاولة توفير المزيد من جرعات اللقاحات، بعد أن نجحت أخيراً في التوصل للقاح، وهو ما أخذ يخفف من وتيرة الأخبار الإيجابية.


وأخّرت شركة «سانوفي» الفرنسية وشريكتها «جلاكسو سميث كلاين» البريطانية التجارب المتقدمة لجرعاتهما التجريبية للقاح مضاد لمرض «كوفيد-19» الناجم عن فيروس كورونا، بعد أن فشلت تلك الجرعات في إحداث استجابة قوية بما فيه الكفاية لدى كبار السن، مشيرة إلى إمكانية توفرها نهاية العام المقبل. وفي صفعة أخرى، واجهت تجارب اللقاح التي تطورها شركة «سي إس إل ليمتد» وجامعة كوينزلاند في أستراليا، صعوبات.


وستبدأ «سانوفي» وشريكتها في المملكة المتحدة دراسة المرحلة الثانية الجديدة بمواد محفزة للاستجابة المناعية ضد الفيروس أكثر تركيزاً في فبراير، بعد أن قالتا إن الجرعة الحالية فشلت في توليد استجابة مناعية جيدة لدى الأشخاص ممن هم في سن الـ50 أو أكبر. وأظهر البالغون الأصغر سناً استجابة مماثلة للمرضى الذين تعافوا من المرض.


وقالت سانوفي في رسالة عبر البريد الإلكتروني إن المشكلة نشأت بعد استخدام مادتين مختلفتين لقياس تركيبات اللقاح التي قدمت معلومات غير دقيقة حول تركيز المواد المحفزة للاستجابة المناعية ضد الفيروس. وأخطرت الشركتان المسؤولين الأمريكيين بهذا الأمر.


وذكرت بلومبرج أن هذا التأخير يسلط الضوء على الصعوبات والشكوك التي تواجهها الشركات في تطوير الجرعات في وقت قياسي ضد مرض أودى بالفعل بأرواح أكثر من 1.5 مليون شخص. كما أن هذا يعد أيضاً صفعة للحكومات التي تعتمد على الإمدادات من الشركتين العملاقتين في إنتاج اللقاحات، وسط توقعات أن العالم سيحتاج إلى لقاحات متعددة لوقف انتشار الفيروس المسبب للمرض.


وفي الوقت نفسه، ألغت أستراليا طلباً للحصول على 51 مليون جرعة لقاحات لكوفيد-19 يُجرى تطويرها من جانب شركة «سي إس إل» والجامعة الأسترالية. ويأتي أحد مكونات اللقاح من فيروس نقص المناعة البشرية. وفي حين أن ذلك لا يشكل أي خطر بالنسبة للإصابة بالعدوى، فإن بعض المشاركين في التجارب كانت لديهم اختبارات إيجابية زائفة لفيروس نقص المناعة البشرية (إتش آي في

(.


ويحد كل ما تم إعلانه عن اللقاحات من بعض التفاؤل الذي أعقب نتائج التجارب الإيجابية من شركة «فايزر» وشركة «موديرنا». ويبدو أن لقاحاً آخر من شركة «أسترازينكا» وجامعة أكسفورد واعد أيضاً، على الرغم من الشكوك حول فاعليته لدى كبار السن. ووافقت المملكة المتحدة وكندا بالفعل على الحصول على جرعات من شركة فايزر وشريكتها «بيونتيك»، وقد تفعل الولايات المتحدة وأوروبا ذلك قريباً، وفقاً لبلومبرج. وبدأت الصين وروسيا بالفعل في استخدام اللقاحات الخاصة بهما.


ويعني التأجيل للقاح «سانوفي - جلاكسو سميث كلاين» أنه قد لا يصل الأسواق قبل الربع الأخير من عام 2021 بدلاً من منتصف ذلك العام. وتخطط الشركتان لإجراء تجربة جديدة. لكن الشركتين لم تكشفا عن عدد الأشخاص الذين سيخضعون للتجربة. ومن الممكن أن تبدأ اختبارات المرحلة المتقدمة في الربع الثاني من العام المقبل. وقالت سانوفي: «نريد أن يحمي لقاحنا الجميع، بما في ذلك الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بكورونا».



ويسلط هذا التأخير الضوء على التحديات التي قد يواجهها عدد من لقاحات الجيل الثاني لـ«كوفيد-19» الآن بعد الموافقة على التطعيمات الأولى. ومع احتمال توفر ما يصل إلى 3 لقاحات معتمدة خلال الأسابيع المقبلة، قد تحتاج دراسات أولئك الذين ما زالوا في مرحلة متأخرة من عملية التطوير إلى إعادة التفكير في تقديم حوافز لمواصلة التشجيع على المشاركة في الاختبارات.


وتشمل أكبر الطلبات المتعلقة بالحصول على اللقاح، الاتحاد الأوروبي الذي وافق على شراء 300 مليون جرعة، والولايات المتحدة التي طلبت شراء 100 مليون مع خيار للمزيد. وتعتزم شركتا «سانوفي» و«جلاكسو سميث كلاين» توفير 200 مليون جرعة من لقاحهما لبرنامج «كوفاكس»، الذي يهدف إلى توزيع الجرعات بشكل عادل في جميع أنحاء العالم.