العراق يخسر 20 تريليون دينار بسبب فساد المنافذ

بغداد - IQ  
كشف الخبير الاقتصادي منار العبيدي، اليوم الثلاثاء، أن العراق خسر أكثر من 20 تريليون دينار خلال السنوات الست الماضية نتيجة فساد واسع في المنافذ الكمركية وتحويلات استيراد غير خاضعة للرقابة. 
وقال العبيدي في منشور على فيسبوك تابعته (IQ): "العراق يخسر 20 تريليون دينار بسبب فساد المنافذ"، مشيرًا إلى أن "أكثر من 400 تريليون دينار خرجت من البلاد، ولم تحصل الدولة سوى على 2% فقط." 
وأوضح أنه "عند مراجعة بيانات البنك المركزي العراقي للفترة الممتدة من عام 2019 إلى 2024، نجد أن إجمالي التحويلات المالية الرسمية المخصصة للاستيراد بلغ نحو 311 مليار دولار، أي ما يعادل 415 تريليون دينار عراقي، وهو رقم هائل يمثل حجم الأموال التي غادرت العراق رسميًا لاستيراد السلع والخدمات." 
وأضاف أن "المفارقة الصادمة، بحسب بيانات وزارة المالية، تكمن في أن إجمالي ما تم تحصيله من ضرائب كمركية خلال نفس الفترة لم يتجاوز 8.5 تريليون دينار فقط. بمعنى آخر، لم يستفد العراق كمركيًا إلا بنسبة 2% من قيمة الأموال المحوّلة، وهي نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بما يُفترض تحصيله." 
وتابع العبيدي أن "افتراض معدل تعرفة كمركية متوسطة يبلغ 7%، وهو تقدير منطقي يأخذ بعين الاعتبار وجود إعفاءات ورسوم مرتفعة على سلع معينة، يعني أن المبلغ الذي كان يجب أن يُستحصل يتجاوز 29 تريليون دينار. وهذا يعني أننا أمام فاقد مالي يزيد عن 21 تريليون دينار عراقي، وهو رقم محافظ، وقد يكون في الواقع أكبر بكثير." 
وأشار إلى أن "هذه الفجوة الضخمة في الإيرادات لا يمكن تفسيرها فقط بالإعفاءات أو انخفاض الرسوم، بل هي نتيجة لثغرات عميقة في النظام الكمركي العراقي. وأوضح أن من أبرز هذه الثغرات تحويل مسارات الاستيراد إلى منافذ إقليم كردستان، حيث تُستوفى الرسوم داخل الإقليم ولا تُحوَّل إلى الخزينة الاتحادية، فضلًا عن وجود استيرادات وهمية لا وجود لبضائعها على أرض الواقع، بل هي مجرد تحويلات مالية لا تقابلها سلع." 
وبيّن أن "هناك تزويرًا في الفواتير وتقليلًا في قيم الشحنات وعددها للتحايل على الرسوم، إلى جانب عمليات التهريب والاستيراد عبر منافذ غير رسمية لا تخضع للرقابة المركزية." 
وفي السياق ذاته، أوضح العبيدي أن "الحقيقة المُرّة هي أن ما لا يقل عن 20 تريليون دينار عراقي وربما أكثر  قد ضاع من الدولة العراقية خلال ست سنوات، وذهب إلى جهات متنفذة تموّل نفسها من هذه الفجوة، وتعمل بكل قوتها لمنع أي إصلاح حقيقي في النظام الكمركي. وتساءل كيف يمكن تفسير أن 415 تريليون دينار خرجت من البلد للاستيراد، بينما لم تحصل الدولة سوى على 8 تريليونات فقط كعوائد كمركية." 
وأردف قائلًا إن "النظام الكمركي الحالي أثبت فشله واستنزف الدولة، ولا مجال بعد الآن للترقيع،" مضيفًا أن "الحل لا يكمن في تعديل بسيط هنا أو هناك، بل في إلغاء الكمارك بصيغته الحالية كليًا، واستبداله بفرض ضريبة مضافة مباشرة على كل تحويل مالي يُجرى لغرض الاستيراد." 
وأكد أن "هذا النهج من شأنه أن يضمن تحصيلًا ماليًا فعليًا وشفافًا دون تهرّب، كما سيحرم الجهات الفاسدة من استغلال المنافذ، ويوجه الإيرادات إلى خزينة الدولة لسد العجز وتلبية احتياجات المواطنين." 
واختتم العبيدي منشوره بالقول: "مع كل تريليون يُهدر، تُهدر معه فرصة لبناء مدرسة أو مستشفى أو شبكة كهرباء. كم كان لهذه التريليونات العشرين أن تغيّر من واقع مدن ومحافظات موجودة لدى العراق؟"